الاتجاه الرومانسي في العالم العربي

منذ 2019-04-06

ولهذا فإنه مما لا شك فيه أن الرومانسية هي أحد العوامل التي أنتجت الحداثيين العرب ومن ثم سار على نهجها كثير منهم   .


نشأته وعوامل انتشاره
دخلت الرومانسية إلى العالم العربي مع الإرساليات التنصيرية التي زعزعت الإيمان في نفوس بعض المسلمين لا سيما في لبنان. تأمل ما يقوله إيليا الحاوي، مؤكدا ومؤيدا: 
إن الإرساليات البروتستانتية الوافدة على الشرق بالتبشير والمال زعزعت أركان اليقين القديم ووضعت المسلمات الدينية موضع التساؤل وأيقظت معنى الحرية حتى في الإيمان الديني... وجاءت الترجمة العربية للكتاب المقدس بلغة يسيرة.. مع ا لبروتستانت.. وقد تولاها الشيخ إبراهيم اليازجي وكان لترجمة الكتاب المقدس فعل كبير في النفوس وكان الإنجيليون البروتستانت يدربون الطلبة على حفظها عن ظهر قلب وتلاوته في المحافل كما أنهم كانوا يترنمون به في الاجتماعات الدينية والكتاب المقدس وبخاصة في عهده القديم لا يعدو أن يكون أروع أثر أدبي رومنسي في التعبير عن زوالية العالم وفي النفحة الروحية المنطلقة من عقال القواعد المنطقية كان يلج إلى الروح بمثل الذهول ولم يكن يخلو بيت في جبل لبنان من نسخة من الكتاب المقدس يسجلون على دفته الأولى أسماء أبناء العائلة وتاريخ ولادتهم.. وهذه الآية الرومانسية الرائعة تسربت إلى النفوس وكمنت فيها واختمرت ومهدت لنشوء أدب يماثلها في الذهول والرؤيا والانفعالية الخالقة وأئمة المذهب الرومنسي عند العرب أمثال جبران وإلياس أبي شبكة كانوا يدمنون تلاوة الكتاب المقدس وكان بالنسبة إليهم الينبوع الدائم للغذاء الفني والروحي وليس من العسير أن يستشف القارئ في آثار جبران الأولى والأخيرة تقمصات الكتاب المقدس.. ومهما يكن فإن ظل الكتاب المقدس وبخاصة في ترجمته البروتستانتية يهيمن على أدب النهضة الإبداعي  (1) .
ومن ثم قامت كثير من الصحف والمجلات بنشر هذا الاتجاه الرومانسي المتأثر بالتدين النصراني المنحرف في العالم العربي كمجلة المقتطف والهلال والضياء وغيرها   .
ولا شك أنه "كان للاستشراق الأوروبي ولهجرة المشارقة العرب وخاصة اللبنانيين والسوريين إلى الأميركيتين وانتشار الآداب الغربية في بلاد المشرق العربي والاطلاع عليها أصلية أو مترجمة.. كان لكل ذلك آثاره وعوامله"   .
في نشأة تيارات أدبية وفلسفية جديدة في العالم العربي وإدخال المدارس والاتجاهات الغربية إليه فلقيت استقبالا حارا من بعض الأدباء والفلاسفة العرب الذين يصرحون بمعتقدهم الذي يرى أن الفكر العربي وآدابه استعمل أكثر من أربعة عشر قرنا حتى بلي " ولم يعد قادرا على النهوض بمضمون جديد ولقد صار شديد الارتباط بالمعاني التقليدية والمواقف التقليدية والطرق التقليدية في التعبير عن العواطف الإنسانية حتى لم يعد يستطيع أن يحمل معنى جديدا أو طريقة جديدة في التعبير   .
ولهذا فإنه مما لا شك فيه أن الرومانسية هي أحد العوامل التي أنتجت الحداثيين العرب ومن ثم سار على نهجها كثير منهم   .
وممن تأثر بالرومانسية من المملكة العربية السعودية محمد حسن عواد ومحمد حسن فقي وحسن عبدالله القرشي وغازي عبدالرحمن القصيبي وعمران بن محمد العمران وطاهر زمخشري وحسين سرحان وغيرهم)