حاجتنا لرمضان

منذ 2019-04-20

قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( «رُبَّ صائِمٍ حَظُّهُ من صِيامِهِ الجوعُ والعَطَشُ، ورُبَّ قائِمٍ حَظُّهُ من قِيامِهِ السَّهَرُ» )) [صححه الألباني] .

 

تهفو النفوس إلى رمضان رغم المشاق، وتستريح الأرواح إلى شم عبيره، وتنسُّم رُوحانيته الصافية، والمسلمون اليوم في أشد الحاجة إلى رمضان؛ ليساعدهم في انتصارهم على عدوهم لداخلي (النفس)، والخارجي (الشيطان)، والشيطان له صولة وجولة في نفوسهم، لطالما صدَّها عن الصراط المستقيم، وحادَ بها عن النَّهج القويم، كثيرًا ما سوَّل لها المعاصي والذنوب والآثام، وزيَّن لها الشهواتِ والشبهات، فإذا كان هذا حالَهم، فما أحوجهم إلى مُعِين يعينهم على ما هم فيه، وأي معين، إنه رمضان، وما أدراك ما رمضان؟! إنه مبعوث العناية الإلهية، يُصفَّد فيه الشيطان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتجتاح روحانيته مستعمرات الطغيان، نحتاج رمضان لنخلوَ بأنفسنا محاسبين، معاتبين، متأملين في سيرنا الحثيث إلى الله، ونسأل أنفسنا: هل نحن في طريق النجاة سائرون، أم عنه حائدون؟!

 

نحتاج رمضان لنتقلل من أعمالنا الدنيوية، ونكون في سياحة ربانية؛ ذِكرًا وتسبيحًا وتهليلاً، نحتاج رمضان لنفتح فيه كتاب ربنا تالين له، ومتدبرين متأملين في معانيه وأسراره، واقفين عند مبانيه؛ لنحصل بكل حرف على عشر حسنات، إلى أضعاف كثيرة.

 

نحتاج رمضان لنقرأ فيه القرآن؛ فهو شهر القرآن، ليذكِّرنا بسنن النصر، ويجيبنا على سؤالنا: متى تنتصر الأمة؟! متى تتحلل من قيود الذل؟! وتستيقظ من رقدتها التي طالت، نحتاج رمضان لنقرأ فيه النصر في بدر (يوم الفرقان)، والنصر في فتح مكة، وعين جالوت، وفتح الأندلس، ويعلمنا الدروس من موقعة: بواتييه (بلاط الشهداء)، ويذكرنا بانتصاراتنا، فنحن اليوم في أمسِّ الحاجة إلى شيء يعيد لنا الأملَ المفقود.

 

نحتاج رمضان لكي يخرجنا من واقعنا في سياحة إيمانية إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وصحابته الكرام، وكأننا نتأمَّلُ مسجدهم وصلاتهم وإفطارهم وهم يدعون: ( «ذهَب الظمأ، وابتلَّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله» )، نتعلم من خلال هذه الرحلة المباركة الصبرَ والطاعة المطلَقة والمراقبة والإيمان باليوم الآخر.

 

نحتاج إلى شهر القرآن لنقرأ فيه سنن الله، وكيف يعامل الله الطواغيت؛ فالأمة اليوم تعاني من تسلُّط مجرميها، وقسوة ظلاَّميها، وطغيان أعدائها، وفجور أرباب الهوى فيها، تعاني أهلَ الغفلة والإعلام الماجن والفجور والسفور، تعاني شياطين الإنس، أما شياطينُ الجن فهي مسلسَلَة.

 

نحتاج رمضان لمقاومة هوى النفس، والنزعات الشيطانية، لمقاومة العين التي طالما تطلَّعت إلى ما حرم الله، ومقاومة اليد التي كثيرًا ما بطشت بغير حق، وآذت واستولت وفعلت ما فعلت، لمقاومة الأذن وهي تتلذَّذ بسماع الغِيبة والنميمة والفحش وسوء القول، ﴿  {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ}  ﴾ [النساء: 148]، فأهلاً يا رمضان، الكل بانتظارك لتكون شاهدًا لنا لا علينا، وعونًا لنا على أنفسِنا، لنقاوم كلَّ ما نواجه في حياتنا؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( «رُبَّ صائِمٍ حَظُّهُ من صِيامِهِ الجوعُ والعَطَشُ، ورُبَّ قائِمٍ حَظُّهُ من قِيامِهِ السَّهَرُ» )) [صححه الألباني] .