مخالفات البصر (2-5)

منذ 2019-04-25

كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر والعبد ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغيد موقوف على خطر

وقد تساهل كثير من الناس بإطلاق أبصارهم إلى النساء المتبرجات؛ سواء كنّا نساء في الأسواق أو ممرضات في المستشفيات أو خادمات في البيوت؛ حيث يرون أن ذلك من الصغائر أو يدعَّون أنهم ينظروا إليهنَّ بدون شهوة، وهذا من تزيين الشيطان للعبد حتى يلقيه في حبائله.

وقديما قال الشاعر:

كل الحوادث مبداها من النظر

ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها

فتك السهام بلا قوس ولا وتر

والعبد ما دام ذا عين يقلبها

في أعين الغيد موقوف على خطر

يسر ناظره ما ضر خاطره

لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

(ثانيا) ومن مخالفات البصر: النظر إلى السماء أثناء الصلاة، فقد ورد النهي عن فعل ذلك حيث قالصلى الله عليه وسلم   « «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَا يَرْفَعْ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ أَنْ يُلْتَمَعَ بَصَرُهُ» »([1]).

 ويكثر هذا الفعل أثناء دعاء الناس في صلاة الوتر، وقد حدد لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  مواضع النظر داخل الصلاة، فأمرنا صلى الله عليه وسلم  أن ننظر إلى موضع سجودنا أثناء الوقوف، وأن ننظر إلى موضع القدمين أثناء الركوع، وأن ننظر إلى السبابة أثناء الجلوس، ونهانا أن نلتفت بأبصارنا يمينا وشمالا كالتفات الثعلب، وبين لنا أن الالتفات داخل الصلاة إنما هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.

(ثالثا) ومن مخالفات البصر: نظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة؛ سواء كان ذلك إلى العورة المغلظة أو التي دونها، ويلحق بذلك نظر الطبيب أو الطبيبة إلى عورة المريض التي لا ضرورة إلى النظر إليها، وقد قال صلى الله عليه وسلم  لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه  «لَا تَكْشِفْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ، وَلَا مَيِّتٍ»([2]) ، وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «لَ «ا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَلَا الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ» »([3]) .

(رابعا) ومن مخالفات البصر: أن تُري عينيك ما لم تر في المنام، كأن تدَّعي كذبا بأنك رأيت في المنام كذا وكذا، وقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال « «إِنَّ مِنْ أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ» »([4]). وقال في حديث «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ...»([5]).

 (خامسا) ومن مخالفات البصر: النظر إلى عورات البيوت، وقد جاء التغليظ في ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : « «مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» »([6]) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  لرجل كان ينظر من خلل الباب وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: « «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ» »([7]).

 فالنظر إلى عورات البيوت محرم، ويلحق بذلك نهي الاطلاع على رسائل الناس بغير إذنهم أو في كتبهم أو جوالاتهم أو أوراقهم الخاصة التي لا يرضون اطلاع غيرهم عليها، فالله عز وجل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

 

([1])  رواه الإمام أحمد (15652)، والنسائي (1194).

([2])  رواه أبو داود ( 4015).

([3])  رواه الإمام مسلم (338).

([4]) رواه البخاري (7043).

([5])  رواه البخاري (7042).

([6])  رواه الإمام مسلم (3158).

([7])  رواه البخاري (6241).