ولِكُلٍّ.. ثورته !
رابطة شباب لأجل القدس.. الدعوة هذا العام كانت من كويت الخير والنصرة والكرم.. لتضمّ زينة شباب الرابطة.. الذين شدّوا الرحال ليحطّوه في عاصمتها.. ولتكون ملحمة كبرى.. وخلية نحل لا تهدأ.. فقِبلة القلوب القدس.. والسعي ربّاني!
في كل عام يضمّهم مؤتمر.. ولكن مؤتمراتهم تختلف عن مؤتمرات العرب!
فلا شجب ولا إدانة.. ولا رفض بالقول.. ولا تخمة بطون.. ولا جهل عقول
يخرج بعدها المشاركون وهم يحلمون بالمؤتمر القادم للسياحة
والسفر!
هؤلاء مؤتمراتهم من نوع خاص.. تجتمع الوفود فيها من بلادٍ شتّى في
قارات ممتدّة ليقولوا للقدس: والله ما نسيناكِ.. وما زال عشقك يسري في
شراييننا.. ولن نكلّ عن العمل حتى تحريرك..
يجمعهم حلم واحد: حضن حفنة محرّرة من تربها.. وسجدة في رحاب الأقصى..
كتلك التي صلّى فيها الحبيب عليه الصلاة والسلام بالأنبياء إماما..
وحقّ لهم أن يحلموا.. فهم العاملون.. لعينيها!
رابطة شباب لأجل القدس.. الدعوة هذا العام كانت من كويت الخير
والنصرة والكرم.. لتضمّ زينة شباب الرابطة.. الذين شدّوا الرحال
ليحطّوه في عاصمتها.. ولتكون ملحمة كبرى.. وخلية نحل لا تهدأ.. فقِبلة
القلوب القدس.. والسعي ربّاني!
ودائماً ما تكون لحظات اللقاء الأولى هي الأروع.. كثيرٌ منهم لم
يتعرّفوا إلى بعضهم إلا عبر شبكةٍ عنكبوتية بثّوا فيها عشقهم للقضية..
وعرضوا بعض ما تقرّبوا عبره لله جل وعلا معذرة إليه.. وحين التقت
العيون تعانقت قبلها القلوب.. وترجم الدمع حنيناً دفيناً في عمق
الشغاف.. فسبحان مَن جمَع ويسَّر..
أيام قلائل.. أمضاها هؤلاء الشباب وهم يجتمعون من الصباح حتى منتصف
الليل.. بنشاط لا مثيل له.. محاضرات وندوات ودورات وورش عمل.. كلها
تحت عنوان الملتقى "القدس.. بين مزاعم الغاصبين وحقوق الصامدين"..
عنوانٌ صغير حمل في طيّاته كل القضية! وسلّط الضوء على السعي المحموم
لتهويد القدس بكل معالمها.. فبعد الاحتلال واغتصاب الأرض جاء تزييف
التاريخ وتشويه الهويّة! فكان أن عرّى هذا المؤتمر كل المزاعم
الدينيّة والتاريخيّة والعرقية.. لتنقلب هذه المزاعم صاغرة أمام
الحقيقة.. وقد لخّص الباحث اليهودي شلومو ساند تلك المزاعم بعبارته
الشهيرة: "تم اختراع شعب وتلفيق تاريخ"!
وفي هذا الملتقى اتّضحت القضية أكثر!
هكذا كان الملتقى.. تلاقح أفكار.. تبادل خبرات.. توعية وتربية
وتثقيف.. عرض مشاريع.. تقييم إنجازات.. تنسيق جهود.. تطوير مخططات..
وتوحيد رؤى.. والأروع كان تأليف الأرواح والقلوب.. والعهد أن يكون هذا
الملتقى وقوداً لعمل دؤوب قادم.. واشتعالاً لهمّة أكبر!
وصدحت الأصوات في اللقاءات تنشد للأقصى.. "عاشت فلسطين حرّة لنا..
ودامت أرضها للمسلمين.. إعملوا تنالوا.. ردِّدوا وقولوا.. الأقصى
لنا.. لا -لإسرائيل-.."
أسماء كبيرة ربطناها بالقضية كانت حاضرة.. يجني الحاضرون من فكرها
الراقي علماً وأدباً مشبعاً بنفحات مقدسية.. هوذا الحال دوماً مع
العشاق.. يفيضون مما في قلوبهم فينتشي مَن يجاورهم من سكرة العشق حتى
لو لم يذوقوه.. فكيف إن جمع العاشقون شتاتهم تجاه قِبلة واحدة!
والأروع حين تتمازج النفحات.. مقدسية غزاوية! ليُنتِج عشقاً لا
ارتواء له ولا دواء سوى نصر وتمكين وعناق أرض فلسطين! كان حضور وزير
الأوقاف في غزة الدكتور صالح الرقب نكهة الملتقى.. امتزج طرحه العلمي
بالرد على مزاعم اليهود من التوراة نفسه.. مع طرحه الإيماني وإشادته
بالمرابطين وبحافظي كتاب الله جل وعلا في غزة.. فأضاف رونقاً خاصاً
على الجلسات التي ضمّته..
قد تحققت أهداف الملتقى التي سعى لها المنظِّمون بفضل الله جل وعلا..
فترسّخت القِيَم.. وتعزّز الوعي تجاه القدس والأقصى.. وتبلورت
الأخطار.. وتحفّز الشباب.. وتُرجِمت العاطفة أفعالاً إيجابية تجاه
القضية.. كل ذلك لتعزيز صمود أهلنا في القدس وتثبيتهم.. وقد أبدع فريق
الإعداد والتنفيذ والمتابعة وبرهن أنه قادر على إدارة الأمور
باحترافية.. فحق له كل الشكر والتقدير..
وككل شيء لا بد من نهاية.. لقاء أعقبه وداع زرع الغصّة في النفوس
التي اجتمعت على حب واحد..
انفضّ الجمع والعيون مسمّرة نحو الهدف.. والقلوب قد تعاهدت على تكملة
المسير.. يحدوها الأمل أن يكون الملتقى في العام القابل في
القدس!
خرج الشباب وقد باتت همّتهم تناطح السحاب وتدفعهم رغبة عارمة لتحقيق
العهد الذي ردّدوه معاً بصوت واحد ونبضٍ واحد: "أعاهد الله عهداً
أُسأل عنه يوم الدِّين.. أن لا أتنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين..
وأن تبقى هذه البيعة أمانة في عنقي ما حييت.. هذا عهدي لله جل
وعلا"..
نداؤهم واحد.. حيّ على العمل! وحداؤهم قول الشهيد عز الدين القسّام
"ليست القدس مدينة.. إنما القدس عقيدة"..
وثورتهم أحلام أزهرت أفعالاً تُعيدُ للقدس ألَقَها..
أدركتُ حين رأيت هذا الشباب الذي عاشت القدس بين جنباته أن ما كُتِب
يوماً على لافتات الرابطة ليس فقط شعاراً رنّاناً! وإنما هو حقيقة
ستتبلور ولو بعد حين.. وحقاً.. "لن تموت أمّةٌ.. فيها شباب لأجل
القدس!"
وعسى أن يكون موعدنا القريب.. في القدس.. بإذنه جل وعلا..
- التصنيف: