ست ساعات في المطبخ

منذ 2019-05-14

وفي هذا المقال أود أن أضيق الدائرة وأسلط الضوء على برنامج المرأة الطاهرة الطيبة، التي تحرص على فعل الخير، وبذل المعروف، وإرضاء زوجها، وإسعاد بنيها

 

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد:

فقد أكرم الله الإنسان وأنعم عليه إنعاماً ما بعده إنعام، أما الإكرام فأعظم شيء أن هداه إلى الإسلام فكرام الناس من قبل الكرامة، وأرذلهم من استحب العمى على الهدى، فالذين قبلوا كرامة الله استجابوا له وأنابوا إليه، واستقاموا على ما يرضيه لم يحيدوا عنه.

 

وأما الإنعام فنعم شتى، ومنها نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ، وأجمل شيء من هذين الأمرين الجمع بينهما، بمعنى أن الإنسان العاقل هو من يجمع بين نعمة الإكرام فيكون مسلما لله حنيفا، وبين نعم الله فيستغلها أحسن استغلال، فلا يكون مغبوناً في أيٍّ منها.

 

وكثير من المسلمين اليوم قد يفرط في كرامة الله تعالى، -ولا يأبى الكرامة إلا لئيم-، ويغبن في كثير من النعم ولا يبالي، فالصحة والفراغ نعمتان طالما غبن فيها الكثير والكثير، وعلى سبيل المثال:

ما يقع في شهر رمضان من توسيع نطاق الفراغ، وفتح بابه على مصراعيه، فنرى من يضيع وقته في النوم، وآخر يضيع وقته في تسالي ولعب، وآخر في نزهات وتجولات، وآخر في سهر على الملهيات.

 

وفي هذا المقال أود أن أضيق الدائرة وأسلط الضوء على برنامج المرأة الطاهرة الطيبة، التي تحرص على فعل الخير، وبذل المعروف، وإرضاء زوجها، وإسعاد بنيها، فنجدها تبذل جلَّ وقتها في رمضان في إصلاح الطعام لهم والتفنن فيه وتنويعه وتزويقه، فربما بدأت في تجهيز بعض الأكلات من الصباح، وأضافت إلى ذلك بعد الظهر، وأما بعد العصر فلا تستطيع أن تستغني عن دخولها المطبخ، وبهذا قضت معظم يومها في المطبخ!!.

 

وهذا كله قتل وإبادة لوقتها الثمين، وإهدار لدقائقها الغالية، وهي وإن كانت تسعى في تحقيق سعادة بيتها، لكن من المهم إسعاد نفسها في الدنيا والآخرة، ولا يليق بعاقل أن يحرق نفسه ليستضيء الآخرون، وليس من الصعب عليها أن تجمع بين تحصيل السعادة لنفسها وأهلها معاً، وأيضاً ليست السعادة بتنويع المأكولات، وتفنن الوجبات، سيما والشهر شهر رمضان شهر الصوم، لا شهر الطعام والشراب.

 


 

تستطيع المرأة أن تقوم بذلك كله والتوفيق بين جميع أعمالها وتنال السعادة والأجر معاً دون أي تعارض أو تصادم بين الأعمال التي تسعى في تحقيقها، وذلك عن طريق وضع جدول يحدد أعمالها، ويفصل التزاحم بينها، وكمقترح مقدم يوضع الجدول التالي:

 

                                البرنامج

قبل الفجر

تجهيز وجبة السحور وإيقاظ الأهل ثم تناول وجبة السحور والتجهز للصلاة وقراءة القرآن

بعد الفجر

تجلس المرأة في مصلاها إلى الشروق لأداء الأذكار وقراء جزء من القرآن الكريم

بعد الشروق بساعة أو ساعتين

تجهيز الزوج لذهابه إلى عمله والأولاد إلى مدرستهم

من الصباح إلى الظهر

القيام بأعمال البيت والنوم إن شاءت قبل الظهر وتستطيع في وقت عملها أن تستمع لمحاضرة أو قرآن مثلاً

قبل الظهر بساعة ونصف مثلا

أداء صلاة الضحى، والتجهز لأداء صلاة الظهر

بعد صلاة الظهر إلى العصر

الجلوس لقراءة جزء من القرآن الكريم على الأقل ومشاهدة برنامج مفيد أو سماع شريط.

بعد العصر

قراءة شيء من القرآن ثم تجهيز وجبة الإفطار

قبيل المغرب

التجهز لصلاة المغرب والجلوس للدعاء والثناء على الله فهي ساعة ثمينة بالنسبة للصائم

بعد المغرب

تناول وجبة العشاء والتجهز لصلاة العشاء والتراويح والجلوس لقراءة نصف جزء على الأقل

بعد التراويح

الجلوس مع الأولاد والزوج أو زيارة بعض الأقارب والأصدقاء أو المشاركة في نشاط المسجد أو استقبال الضيوف في المنزل أو غير ذلك مع مراعاة عدم الإطالة والسهر ثم الذهاب إلى النوم

الثلث الأخير من الليل

قيام الليل واستغلال الوقت بالدعاء وقراء جزء من القرآن إلى وقت السحور

 

وبهذا تكون المرأة قد قضت وقتاً ممتعاً لم تقصر في حق أحد بعون الله، وتكون أيضاً أرضت ربها، وأسعدت زوجها وأهلها، وقامت بأعمالها أتم قيام.

 

ملحوظات:

ü  قراءة الجزء من القرآن لا يكلفها أكثر من نصف ساعة إذا كانت بطيئة، وبالتالي يمكن أن تقرأ جزأين في الساعة، وعلى هذا لو تفرغت مقدار ساعتين ولو متفرقة في اليوم كله لقرأت أربعة أجزاء ولختمت القرآن في كل سبعة أيام مرة، أي في الشهر أربع مرات إلى خمس, وهذا خير كثير، فكثير من الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله لا يختم المصحف في شهر القرآن ولو مرة واحدة، وكثير منهم لا يقرؤونه أصلا!.

 

ü  الجدول مقدم كمقترح وقد ذكرت فيه ما هو الغالب من حياة الناس لذا هو بعيد عن التكلف، وقد يختلف باختلاف البلد، والعادات والتقاليد ومواعيد الصلوات، وبالإمكان تغيير بعض الأمور فيه كل بحسب الظروف الخاصة بها.

 

ü    ينبغي عدم السهر في رمضان، وإشغال النفس بالتسوق أو تتبع المسلسلات، فالمرأة الصالحة مترفعة عن هذا كله.

ü  على المرأة الصالحة أن تحرص على عدم التبذير سيما في الأطعمة والمشروبات التي ربما تفاخرت بها كثير من النساء فيقعن في التبذير والغرور والإسراف، هذا والمرأة راعية ومسؤولة عن مال زوجها.

 

وعلى كل حال فالمطلوب هو أداء شهر رمضان أداء تاماً صياما وقياماً وذكراً وتلاوة وصدقة وطاعة وفي كل أنواع البر، أسأل الله أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا، وأن يغفر زلاتنا, وأن يعفو عنا إنه سميع قريب مجيب.