مفهوم التأويل
أنَّ تفسيرَ الكلامِ ليس هو نفس ما يوجدُ في الخارجِ، بل هو بيانه وشرحُه وكشفُ معناه. فالتَّفسيرُ من جنسِ الكلامِ، يفسِّرُ الكلامَ بكلامٍ يوضِّحُهُ
تدورُ كلمةُ «أَوَلَ» في اللُّغةِ على معنى الرُّجوعِ (1).
وهذا يعني تأويلَ الكلامِ هو الرُّجوعُ به إلى مرادِ المتكلِّمِ، وهو على قسمين:
الأولُ: بيانُ مرادِ المتكلِّمِ، وهذا هو التَّفسيرُ.
الثَّاني: الموجودُ الذي يؤول إليه الكلامُ، أي ظهورُ المُتكلَّمِ به إلى الواقعِ المحسوسِ.
فإن كانَ خبراً، كان تأويلُه وقوعُ المُخبَرِ به؛ كمن يقولُ: جاء محمَّدٌ، فتأويلُ هذا الكلامِ مجيءُ محمَّدٍ بنفسِه.
وإذا كانَ طلباً (أي: أمراً أو نهياً)، كان تأويلُه أن يفعلَ هذا الطلبُ.
وهذان المعنيان هما الواردان في القرآن والسنة وتفسير السلف واللغة.
ما الفرق بين معنيي التأويل؟
الفرقُ بين معنيي التَّأويل السَّابقين: أنَّ تفسيرَ الكلامِ ليس هو نفس ما يوجدُ في الخارجِ، بل هو بيانه وشرحُه وكشفُ معناه. فالتَّفسيرُ من جنسِ الكلامِ، يفسِّرُ الكلامَ بكلامٍ يوضِّحُهُ.
وأمَّا التَّأويلُ الذي هو فعلُ المأمورِ به، وتركُ المنهيِّ عنه، وكذا وقوعُ المخبرِ به، فليس هو من جنسِ الكلامِ (1).
ومثال ذلك:
1- قال الطبري (ت:310) حدثنا بشر قال: ثنا يزيد
قال: ثنا سعيد عن قتادة {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأَحْزَابِ} [ص: 11]، قال: «وعده الله وهو بمكة يومئذٍ أنه سيهزم جنداً من المشركين، فجاء تأويلها يوم بدر» (1).
2- وقال حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن أيوب، قال: لا أعلمه إلا عن عكرمة: أن عمر قال: «لما نزلت {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} [القمر: 45]، جعلت أقول: أيُّ جمعٍ يهزمُ. فلما كان يوم بدر، رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم يثب في الدرع، ويقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر» (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر)
المؤلف\ مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
مساعد بن سليمان الطيار
دكتور في علوم القرآن بكلية المعلمين في الرياض
- التصنيف: