ضرورة تصحيح أولويات المسلم

منذ 2019-06-10

كيف نقضي وقت فراغنا في الاجازة؟ لكل إنسان فى حياته أولويات يسعى لتحقيقها ويقدمها على غيرها على الآباء والأمهات ترتيب الأولويات لدى شبابنا وفتياتنا.

تحدث فضيلة الدكتور عمر في مهرجان "عالم النجوم" الذى نظمته جمعية قطر الخيرية فى شهر يونيو الماضي عن حقيقة النجوم التى ينبغي أن تتطلع إليه

إنطلاقا من قاعدة أن خير الناس أنفعهم للناس أكد أن النجم الحقيقى هو الذى يفيد أكبر عدد ممن حوله فائدة حقيقية تدوم لأطول وقت . وقد طلب من كل مسلم أن يصحح إتجاه أولوياته وهدفه فى الحياة على مراد القرآن والسنة على منهج النبوة، كما أكد أن الإسلام لا يفرق بين الدين والدنيا وأن الدنيا مزرعة للآخرة وأنه عبادات ومعاملات ولا يصح فصل العبادة عن حسن معاملة الناس. وأكد أن النصر قادم للإسلام بأدلة وشواهد لا تقبل الشك من القرآن والسنة وشواهد التاريخ، وطالب المسلمين بألا يصابوا باليأس مما يحدث لأمتنا من إنتكاسات وتخلف وضعف. ونصح كل مسلم بأن يكون جنديا من جند الإسلام يضيف للأمة جديدا ولا يكون ثغرة فى جدارها يدخل منها الأعداء لإيذاء الإسلام والمسلمين.

وانتهز د.عمر وجود جمع غفير من الآباء والأمهات والشباب ليتحدث عما يجب أن يقوم به كل منهم خلال أجازة الصيف. وقال أن السؤال الحائر على ألسنة الجميع فى اجازة الصيف هو: ماذا نفعل فى إجازة الصيف؟ الآباء والأمهات يسألون : ماذا نفعل مع أولادنا؟

والأبناء يسألون: كيف نقضي وقت فراغنا فى الاجازة؟ وقبل أن يدخل فى الإجابة عن تلك الأسئلة الحائرة ذكر أنه من الخطأ الفادح أن تكون مسؤولية تربية وتعليم وقضاء وقت فراغ الأبناء فى الصيف على الآباء والأمهات فقط ولكن ينبغى أن تتوزع المسئولية على كافة مؤسسات المجتمع كل على حسب تخصصه فتساهم المدرسة والمسجد والنادي ومراكز الشباب في إستثمار أوقات الطلاب فى الأجازة بما هو مجد ونافع وأشار إلى خطأ كبير يقع فيه الجميع : الآباء والأمهات والأبناء والمجتمع عندما يعتبرون أجازة الصيف فرصة للنوم والخمول والكسل فتتوقف عقولهم عدة أشهر عن التفكير وتتوقف ذاكرتهم عن القراءة والإطلاع والإستزادة بالمعلومات النافعة فى غير مجالات المقرر الدراسى.

وأقترح د. عمر عبد الكافى على الآباء والأمهات والمربيين فى الأندية ومراكز الشباب أن يكون منهجهم فى إستمالة عقول الشباب والفتيات قائما على التعليم غير المباشر عن طريق القصص والحكايات الهادفة التي تدخل فيها المعلومة والحكمة والنصيحة. وضرب مثلا على ذلك فقال أن أسلوب التعليم القائم على الأمر والنهى يكون ثقيلا على السامعين كبارا وصغارا. وذكر أنه على سبيل الحث على أداء الصلاة وبيان فائدتها يستحسن للآباء والمعلمين أن يذكروا قصصا ترغب السامعين وتحببهم فى أداء الصلاة. وروى واحدة من تلك القصص وقال أن باحثين غربيين توصلوا إلى أن الإنسان الذى يريد أن يتخلص من توتر الأعصاب وكثرة الهموم وضغوط الحياة يحتاج لتفريغ الشحنات المغناطيسية المؤرقة التي تؤدي لتوتر أعصابه.. ولكي يتم له ذلك لابد أن يؤدي حركات مثل حركات المسلمين فى الصلاة وبخاصة السجود على الأرض وأكدوا أن الأرض وحدها هى التى تستطيع أن تمتص الشحنات المغناطيسية التى تسبب التوتر والقلق واشترطوا 3 شروط فى السجود:

  • أن يسجد الإنسان على الأرض أو على شىء صلب وليس على فراش لين.
  • وأن يكون السجود على سبعة عظام من عظام الجسم وهى الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان .
  • ويجب أن يكون السجود تجاه الكعبة لأنها مركز مغناطيس الكرة الأرضية .

وأكد هولاء العلماء أن أى حركات تختلف عن حركات المسلمين فى الصلاة لا تؤدي الهدف المنشود فى إزالة التوتر والإكتئاب من الإنسان. ولقد أوضح د. عمر أن هذا القصص الشيق الذى يخاطب العقل والروح يحبب الأبناء فى الصلاة أكثر من أسلوب الأمر والنهى والوعظ.

كما أكد د. عمر على مسألة هامة ينبغي للمربين والمعلمين والآباء أن يغرسوها فى نفوس وعقول الأبناء هذه المسألة هي أن الإسلام دين ودنيا، وعبادات ومعاملات وسلوك وليس عبادة فقط وأن التدين لا يكون بإرتداء الثياب البيضاء وإطلاق اللحى للشباب ولبس النقاب والقفازين للفتيات . وأشار إلى أن القرآن الكريم وهو دستور المسلمين يتكون من “6236” آية وجملة الآيات التى تتحدث عن العبادات لا تزيد عن “110” آيات أى ان العبادات تمثل جزءا واحدا من “62” جزء من الإسلام، وتطبيق جزء واحد وترك باقى الأجزاء فهم خاطىء لحقيقة الإسلام. وأوضح أن المسلم ينبغي أن يحرص على الصدق وعفة اللسان وطهارة اليد ونقاء النفس والبعد عن أذى الآخرين بالغيبة والنميمة والغش والسرقة والكذب والقتل كما يحرص على أداء الصلاة فى وقتها وإخراج الزكاة فى موعدها وصوم رمضان وحج البيت الحرام. وانتهى إلى أن الدين عبادة ومعاملة ولا يصح أن يتعبد المسلم ويسىء معاملة الناس.. كما لا يصح أن يحسن معاملة الناس ولا يصلي ولا يصوم.

كما دعا د. عمر الآباء والأمهات لأن يحرصوا على جمع شمل أسرهم فى جلسة صفاء ومودة لمدة نصف ساعة يوميا فى الصباح أو المساء بعيدا عن التلفزيون والجوال وكل ما يشغل الأسرة عن بعضها وأن يتحدثوا فى تلك الدقائق فى أمور الدين وأن يحكي كل فرد من أفراد الأسرة حكمة أو موعظة أو قصة مفيدة أو يقرأ بعض آيات القرآن أو حديثا نبويا . وقال إن مثل تلك الأوقات تطرح البركة فى البيوت وتجعل من أبنائنا نجوما وهداة لمن حولهم وطالب د. عمر المسلمين بأن يكونوا متفائلين بمستقبل أفضل وقال إن المسلم ينبغي أن يكون متفائلا رغم كل ما يرى حوله من نكبات ومصائب وأكد أن المؤمن لا يعرف اليأس والإحباط اذ لا يقنط من رحمة الله إلا الكافرون.

وأوضح أن التفاؤل أهم أسس إستشراف الغد الأفضل . ونصح الآباء بأن ينقلوا التفاؤل لأبنائهم وألا يعلموهم اليأس والخوف من المستقبل بأى حال.

وروي عن الإمام على بن أبى طالب قوله : "أنا رجل أعيش على الأمل فان تحقق أحمد الله عليه وإن لم يتحقق فقد عشت به سعيدا". وأكد أن الغد الأفضل سيكون للإسلام مهما كانت الظروف المحيطة بنا وقال أن المبشرات بنصر الله أكثر من أن تحصى والأدلة كثيرة فى آيات القرآن الكريم وفى الأحاديث النبوية وفى شواهد التاريخ.

وأشار إلى أن الأمل فى النصر معقود على شباب الصحوة الإسلامية وفى الجيل المقبل من الأبناء الذين ينبغى أن تتكاتف جهود البيت والمدرسة والمسجد وباقي مؤسسات المجتمع لتربيتهم وتعليمهم. ونصح كل مسلم بأن يكون لبنة صالحة فى بناء الأمة وألا يكون ثغرة يدخل منها شياطين الإنس والجن إلى داخل المجتمع المسلم وأن يكون كل منا جنديا من جند الإسلام يدافع عنه ويهدي إليه. وقال ان كل معصية يرتكبها الإنسان تعتبر ثغرة فى بناء الأمة تدخل منها السموم إلى أجسادنا فتصيبنا بالوهن وتؤدس لإضعاف الإسلام والمسلمين.

وتمنى أن يكون كل منا حارسا أمينا على دينه لا يدخل عن طريقه عدو من أعداء الإنس والجن إلى ساحة الإسلام.. فإذا فعل المسلم ذلك لقي الله عز وجل ولسانه يقول : يارب لقد قدمت لدينى شيئا نافعا. كما ذكر أن من عظمة الإسلام أنه ليس فيه أعمال خاصة للدنيا وأعمال خاصة بالآخرة ولكن الدنيا مزرعة للآخرة.. وكل عمل حلال يؤديه المسلم فى دنياه يبتغي به مرضاة الله ينال الأجر والثواب عليه فى الدنيا والآخرة . وأوضح أن لكل إنسان فى حياته أولويات يسعى لتحقيقها ويقدمها على غيرها. فالطفل الصغير من اولوياته أن يلهو ويلعب واذا كبر ووصل لسن الشباب يسعى لطلب العلم والحصول على الشهادة فإذا أنهى تعليمه صارت أولوياته أن يعمل ويتزوج وتصبح له مكانة مرموقة فى مجتمعه.وقال أن هناك أولوية تتوارى أمامها تلك الأولويات وهى حب الله عز وجل .. فالذى يسعى إلى حب الله ومرضاته تصبح أعماله جميعا هدفا للوصول إلى تلك الغاية.

ونتوقف عند ترتيب الأولويات لدى شبابنا وفتياتنا فقال إذا سألنا أى فتاة فى سن الشباب ماذا تتمنى أن تكون فستجيب بتلقائية إنها تريد أن تكون مذيعة أو مضيفة فى طائرة أو صحفية لامعة أو ممثلة او طبيبة وقليل من الفتيات يتمنين ان يكن مدرسات للعلوم الشرعية. وإذا سألنا أحد الشباب ماذ ا يريد أن يكون فسيقول : أتمنى أن أكون لاعب كرة أو ممثلا مشهورا أو مهندسا ناجحا أو مطربا ولن نجد شاب يتمنى أن يكون معلما أو مربيا أو داعية لأن تلك المهن لا تعطى وجاهة فى المجتمع ولا تركز الأضواء على العاملين فيها. وأشار إلى خطأ تلك الأولويات والأماني التي تراود شبابنا وفتياتنا. وبين أن المسلم صحيح الإسلام هو الذى تكون أمنياته وآماله تبعا لما يحب الله ورسوله.. وأن يكون هدفه فى الحياة تحقيق مبدأ إستخلاف الله فى الأرض وأن يسعى لتحقيق الغاية التى خلقه الله من أجلها والتي بينها قوله عز وجل: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} فالعبادة وعمارة الأرض بكل ما هو نافع هما الهدف الأكبر لخلق الإنسان. وطالب الحضور بأن يجعل كل منهم فى نفسه مناعة ضد الأماني الخادعة والبراقة التى يريد من لا هدف لهم فى الحياة إلا الشهرة والثراء أن يغرسوها فى أنفسنا وقال : يجب أن يكون لدى المسلم مناعة إيمانية ترد عنه كل ما يخالف مبادىء ديننا.

وعلق د. عمر على شعار ”مهرجان النجوم” وشرح الفرق بين النجوم المزيفة والنجوم الحقيقية وقال أن النجم هو الذى يضىء لأكبر عدد من الناس طوال أكبر فترة من الزمن. وذكر أنه بهذا المقياس لا يوجد نجوم فى دنيا البشر أكثر تأثيرا فى الناس غير الأنبياء والرسل الذين جعلهم الله مصابيح هداية للناس منذ خلق الله آدم حتى تقوم القيامة وتنتهى الحياة على الأرض. وأكد أن أشهر النجوم وأعظمهم هو خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم.

وذكر أن الفلاسفة والمفكرين من الأعداء والأصدقاء أجمعوا على أنه لم يوجد فى تاريخ البشرية إنسان كامل الصفات إلا محمد عليه الصلاة والسلام. وأشار أحد الفلاسفة الغربيين أن محمدا لو لم يكن رسولا لكان بشرا على مستوى الرسل ولصلحت أخلاقه لأن تكون منهج حياة لمن يريد أن يقتدي به . وقال أن أكثر الناس حرصا على الإقتداء بالنبي والسير على نهجه كانوا صحابته رضوان الله عليهم الذين كانوا نجوما ساطعة فى زمانهم ومازالت سيرتهم نبراسا ومنهاجا فى البذل والعطاء والفداء والخلق القويم وبين أن كل من يسير على منهج النبى صلى الله عليه وسلم وعلى درب صحابته يكون له حظ من النجومية . وقال أن أي مسلمة تتقي الله في نفسها وعرضها وتسلك مسلك أمهات المؤمنين في العفة والطهارة والإستقامة والإخلاص للزوج والبذل للأبناء تعتبر من أفضل النجوم بين البشر. وأضاف أن أي ولد صالح يستقيم سلوكه فى شبابه وينشأ منذ صغره على طاعة الله وطاعة والديه يفرح به من يراه ولا يؤذي من حوله يعتبر نجما من البشر.

 

عمر عبد الكافي

حاصل على ماجستير في الفقه المقارن من كلية الدراسات الإسلامية والعربية