التتار من البداية إلى عين جالوت - الحرب النفسية ضد المسلمين
الحرب النفسية على المسلمين، فـ هولاكو كانت له أكثر من طريقة لشن حرب مهولة نفسية على المسلمين قبل اللقاء والحرب وإسقاط بغداد.
والمحور الثالث الخطير: الحرب النفسية على المسلمين، فـ هولاكو كانت له أكثر من طريقة لشن حرب مهولة نفسية على المسلمين قبل اللقاء والحرب وإسقاط بغداد، ومن هذه الوسائل مثلاً:
القيام بحملات إرهابية استنزافية في المناطق المحيطة بالعراق؛ لتذكير المسلمين بالذكريات الأليمة الرهيبة في عهد جنكيز خان وأوكيتاي، فقد مضى إلى الآن 10 سنين من سنة 639هـ إلى سنة 649هـ، ولم يكن فيها مجازر، فأراد تذكيرهم بذلك، فقام بمجازر بشعة في شمال العراق وما حولها فقتل ونهب وسلب، كما كان يفعل التتار قبل ذلك، وفوق ذلك سيطر على القوافل التجارية، وذلك لعمل ضربة اقتصادية كبيرة للعراق قبل غزوها، فعلى سبيل المثال استولى على قافلة تجارية بلغت الأموال فيها 600 ألف دينار، وكان هذا ضربة اقتصادية في منتهى القوة للخلافة العباسية، وعلى هذه الشاكلة كانت هناك حروب كثيرة لإضعاف الروح المعنوية للمسلمين.
وأيضاً من الوسائل الخطيرة التي استخدمها التتار لإضعاف الروح المعنوية: الوصول إلى بعض الأدباء والشعراء المسلمين؛ ليقوموا بحرب إعلامية قذرة داخل البلاد الإسلامية، يعظمون فيها جداً من إمكانيات التتار ويقللون جداً من إمكانيات المسلمين؛ حتى لا يتخيل مسلم أنه يحارب تترياً، فتجد أن الكتب في ذلك ملأت بكلمات غريبة، مثل: التتار تصل إليهم أخبار الأمم ولا تصل أخبارهم إلى الأمم، وأن نساءهم يقاتلن كرجالهم، فبدأ رجال المسلمين يخافون من نساء التتار، وأن خيول التتار تحفر الأرض بحوافرها وتأكل عروق النبات ولا تحتاج إلى الشعير، وأن التتار لا يحتاجون إلى الإمداد والتموين، وأنهم يأكلون جميع اللحوم ويأكلون بني آدم.
وهذه الكلمات موجودة في الكتب، وكانت ترعب العوام وتؤثر في نفوس الخواص.
وهذا إعلام إسلامي عميل في داخل البلاد الإسلامية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأيضاً من وسائل الحرب النفسية الخطيرة التي استخدمها التتار: كتابة الرسائل التهديدية الخطيرة، وأعد التتار العدة المناسبة لذلك الأمر، ووصلوا إلى بعض الأوباء المنافقين من المسلمين الذين لهم حس أدبي وفن في كتابة الرسائل ليكتبوا لهم الرسائل، وبدلاً من كتابة الرسالة باللغة المنغولية ثم ترجمتها إلى لغة قد لا تصل بالمعنى المطلوب كانوا يأتون بشاعر أو أديب عربي يكتب الرسالة بالسجع المشهور في ذلك الوقت، وكانت رسالاتهم في منتهى القوة والخطورة، وكانت تدب الرعب في قلوب المسلمين.
وسنعرض في الدروس القادمة أمثلة من هذه الرسالات.
ومن وسائل الحرب النفسية التي استخدمها التتار أيضاً: إعلان التحالفات مع أمراء المسلمين وغيرهم، فالقوات التي ستحارب المسلمين الآن ليست قوات التتار وإنما قوات التحالف من التتار والأرمن والكرج وأنطاكية وغيرها، وهذا يدخل الرعب في قلوب المسلمين.
وكل هذا كان معلناً أمام الناس كلهم، وعندما يرى الشعب أميره يتحالف مع التتار تنعدم المقاومة تماماً في قلبه، وبهذه الوسائل وبغيرها استطاع التتار أن يبثوا الرعب والهلع في قلوب المسلمين، وبذلك أصبح الجو مناسباً جداً لدخول القوات التترية الغازية إلى بغداد.
راغب السرجاني
أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: