رابطة علماء المسلمين.. تحذر من مؤامرة علمانية على الإسلاميين في تونس

منذ 2011-08-05

وحذّرت الرسالة الشعب التونسي من وجود الكثيرين من صناع المشروع العلماني وحماته في دائرة صنع القرار، وقالت إنهم يتعاملون بتشنج مع الواقع الجديد الذي فرضته الثورة....



عبرت رابطة علماء المسلمين عن سعادتها بعودة مظاهر أسلمة المجتمع التونسي إلى سابق عهدها، وقالت في رسالة وجهتها إلى الشعب التونسي هنأته فيها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك: سرنا كثيرًا عودة الناس إلى المساجد واعتزازهم بعقيدتهم وهويتهم بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، وسَرنا عودة المدارس والكتاتيب القرآنية، ونحوها من المظاهر التي تدل على أصالة الشعب التونسي، وسلامة فطرته.

وأشارت الرسالة إلى أن أعوان النظام ومن وصفتهم بالتيار (اللائكي-الاقصائي) ساءته الصحوة الشعبية التي تعيشها تونس، وبينت الرسالة أن ما وصفته بالنموذج الحداثي المعادي للدين كان هشًا و ليست له جذور حقيقية في النسيج الاجتماعي التونسي، مضيفةً بأن هذا التيار كان يستمد قوته من العصا الأمنية الغليظة التي فرض من خلالها خياراته السياسية والفكرية على الناس بالقهر والاستبداد.

وحذّرت الرسالة الشعب التونسي من وجود الكثيرين من صناع المشروع العلماني وحماته في دائرة صنع القرار، وقالت إنهم يتعاملون بتشنج مع الواقع الجديد الذي فرضته الثورة. ولفتت إلى أنهم يحاولون الحفاظ على مكتسباتهم التي ذهبت أدراج الرياح، ويحاولون خطف ثمرة الثورة بوسائل متعددة.

وقالت رابطة علماء المسلمين إن هذا التيار يستخدم عدة أساليب لخطف الثورة وأولها استفزاز الشعب التونسي المسلم بالهجوم على ثوابت الشريعة الإسلامية، والاستهزاء بالمقدسات العقدية، من أجل خلخلة كيان المجتمع، وقطع طريقه نحو الكرامة والحرية.

وذكرت الرابطة أن وزارة الثقافة التونسية مولت إنتاج فيلم سينمائي يكفي ما حمله عنوانه من تطاول: (لا الله.. لا سيدي) من أموال الشعب التونسي، وهي بذلك قد تطاولت على الذات الإلهية، والترويج لثقافة الإلحاد، والتمرد على المقدسات، بحجة الحرية والإبداع.

ونبّهت الرسالة بالتزامن مع ذلك إلى وجود جرأة غير مسبوقة من بعض الأكاديميين وبقايا اليسار لإنكار السنة المشرفة، والقدح في مقام النبوة، والتطاول على أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها، وعلى الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة، مثل تحريم الخمر، والدعوة إلى الشذوذ الجنسي.

وبأسلوب أخر حاول هذا التيار تشويه صورة الدعاة والمصلحين، وتقديم صورة نمطية جائرة تصفهم بالتشدد، وتسعى لإلصاق التهم الملفقة بهم دون حجة أو برهان، كتهمة قتل القسيس البولوني، والاعتداء على الكنيس اليهودي وغيرها من التهم التي ألصقت بهم زورًا وبهتانًا.

وحذّرت الرسالة من التطاول على الذات الإلهية وعلى مقام النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبيّنت أن ذلك من أعظم الموبقات وقد توعد الله عز وجل من يتجرأ على ذلك باللعنة والعذاب في الدنيا والآخرة.

وشدّدت أيضًا على أن الحرية التي يجب أن تتطلع إليها الشعوب هي الحرية المسؤولة التي تنقذها من أسار القهر وقيود الاستبداد، وترعى لها كرامتها، وتحفظ عقيدتها.

وتابعت رابطة علماء المسلمين في رسالتها بالقول إن حق الشعب التونسي المسلم أن يغضب لله تعالى، وأن يغار على دينه، وأن يذب عن مقدساته، ويصون حرماته، امتثالاً لقول الحق تبارك تعالى: { ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّـهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } [الحج: 30].

وقالت: نؤكد أن مواجهة الاعتداء على حرمات الأمة ليست مسؤولية الشعب التونسي وحده، وإنما هي مسؤولية جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ممن يواجهون المد العلماني في كل البلاد التي قامت بها الثورات الشعبية وغيرها من بلاد المسلمين.

وطالبت الرابطة وزارة الشؤون الدينية في تونس بأن تنزع عنها ما وصفته بــ "لباس السلبية واللامبالاة" وتمارس مسؤولياتها الشرعية بجد، وتقف مع الشعب التونسي في صف واحد ضد من يسعى إلى تسفيهه، والتطاول على حرماته.

وحثّت الرسالة الشعب التونسي على الحفاظ على بناء نموذجًا راقيًا في الاحتجاج السلمي، ونائيًا بخطابه الإسلامي وبرامجه الدعوية عن المناكفات الحزبية والصراعات الشخصية، وذكرت الرابطة إن الشعب التونسي المسلم يدرك أبعاد ومرامي تلك الفقاعات الإعلامية المصطنعة، ولذا فهي دعوة لضبط النفس، والتحكم بردود الأفعال، وأن يكون واعيا لمحاولات الاستدراج التي تتقصد استفزاز الشباب ودفعه إلى العنف وإسقاطه في شَرَك الفوضى والاحتراب الداخلي.

كما أوصت الرسالة التونسيين بضرورة الاعتصام بحبل الله سبحانه وتعالى والسعي للتعاون والتكامل و إحياء فقه النصيحة، والتواصي بالحق، وقالت الرسالة: لن يحل مشكلات الأمة إلا بالسعي الجاد الحكيم لتحكيم كتاب الله وسنة رسوله وتطبيق شرعه وفق منهج أهل السنة والجماعة.

وفي ختام رسالتها قالت رابطة علماء المسلمين: نذكر إخواننا في تونس المسلمة ونحن في مطلع هذا الشهر الكريم بضرورة الأوبة الصادقة إلى دين الله، والمسارعة إلى التطهر من أدران الذنوب كبيرها وصغيرها، واستثمار هذه الأيام المباركة بتطهير النفوس من رين المعاصي ورجس الآثام، ونوصي إخواننا الأئمة والدعاة باغتنام إقبال الناس على الطاعات وتذكيرهم بالله -عز وجل- والرفق بهم، واللين في دعوتهم، وسعة الصدر في تصحيح أحوالهم.

وشارك في توقيع هذه الرسالة رئيس الرابطة الأمين "الحاج محمد أحمد" من السودان والدكتور "عبد الرحمن المحمود" و الشيخ "ناصر العمر" و الدكتور "عبد العزيز التركي" من السعودية و الدكتور "عبد المحسن زين المطيري" من الكويت و الشيخ "محمد سيديا" (النووي) من موريتانيا.

رسالة من رابطة علماء المسلمين إلى الشعب التونسي

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء خاتم المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فإن رابطة علماء المسلمين تهنئ شعبنا المسلم في تونس بحلول شهر رمضان المبارك، ونسأل الله تعالى أن يكون هذا الشهر العظيم فرصة كبيرة لتجديد الدين في أرض الزيتونة والقيروان، وقد سَرنا كثيرًا عودة الناس إلى المساجد واعتزازهم بعقيدتهم وهويتهم بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، وسرنا عودة المدارس والكتاتيب القرآنية، ونحوها من المظاهر التي تدل على أصالة الشعب التونسي، وسلامة فطرته، لكن التيار (اللائكي) الإقصائي الذي فرض قبضته الحديدية السياسية والفكرية على تونس لعدة عقود ساءته تلك الصحوة الشعبية، بعد أن تبين له أن ذلك النموذج الحداثي المعادي للدين الذي كان يتشدق به، قد ظهر بناؤه هزيلاً هشًا، وليست له جذور حقيقية في النسيج الاجتماعي التونسي، وإنما كان يستمد قوته وبقاءه من العصى الأمنية الغليظة التي فرضت خياراتها السياسة والفكرية بلغة القهر والاستبداد والقمع الشمولي. وصدق المولى جل وعلا: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد:17].

وبالرغم من سقوط رأس النظام، إلا أن كثيرًا من صناع المشروع العلماني وحماته لازالوا في دائرة القرار، ولهذا تعاملوا بتشنج وتوتر مع الواقع الجديد الذي فرضته الثورة، خشية أن تذهب مكتسباتهم السابقة أدراج الرياح، فسعوا لخطف ثمرات الثورة المباركة بوسائل متعددة، من أهمها:

أولاً: استفزاز الشعب التونسي المسلم بالهجوم على ثوابت الشريعة الإسلامية، والاستهزاء بالمقدسات العقدية، من أجل خلخلة كيان المجتمع، وقطع طريقه نحو الكرامة والحرية. وفي هذا السياق موَّلت وزارة الثقافة من أموال الشعب إنتاج فيلم سينمائي يكفي ما حمله عنوانه من تطاول: (لا الله.. لا سيدي)، ذلك العنوان الذي تجاوز حدود الأدب واللياقة الأخلاقية في التطاول على الذات الإلهية، والترويج لثقافة الإلحاد، والتمرد على المقدسات، بحجة الحرية والإبداع، وتزامن مع ذلك جرأة غير مسبوقة من بعض الأكاديميين وبقايا اليسار لإنكار السنة المشرفة، والقدح في مقام النبوة، والتطاول على أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها، وعلى الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة، مثل تحريم الخمر، والدعوة إلى الشذوذ الجنسي، ونحوها.

ثانيًا: تشويه صورة الدعاة والمصلحين، وتقديم صورة نمطية جائرة تصفهم بالتشدد، وتسعى لإلصاق التهم الملفقة بهم دون حجة أو برهان، كتهمة قتل القسيس البولوني، والاعتداء على الكنيس اليهودي، ونحوها من الأحداث التي تبين فيها للخاص والعام كذب تلك الدعاوي، وحجم التحريض والتزوير الذي يتعرض له الدعاة الصادقون. من أجل ذلك كله فإننا نخاطب الشعب التونسي المسلم بمحبة وإشفاق، ونذكره بالأمور الآتية:

أولاً: إن التطاول على الذات الإلهية وعلى مقام النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، من أعظم الموبقات وقد توعد الله عز وجل من يتجرأ على ذلك باللعنة والعذاب في الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل في محكم التنزيل: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا } [الأحزاب: 57]، وقال سبحانه وتعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ. يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّـهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّـهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المجادلة:5-6]. ولدينا يقين بأن الله عز وجل-كتب على أولئك المتطاولين الذلة والصغار في الدنيا والآخرة -إن لم يتوبوا ويرجعوا إلى الله- رغم محاولة بعض وسائل الإعلام تلميعهم وتزيين صورتهم أمام الرأي العام، وصدق المولى جلَّ وعلا إذ يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـٰئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ } [المجادلة: 20].

ثانيًا: الحرية التي تتطلع لها الشعوب العربية ومنها الشعب التونسي المسلم هي الحرية المسؤولة التي تستنقذه من آسار القهر وقيود الاستبداد، وتراعي كرامة الأمة، وتقدر عقيدتها وهويتها وجذورها التاريخية، وليست الحرية التي تختزل في تحقيق أهداف مشبوهة تستهين بكرامة الشعب، وتناقض هويته، وتتطاول على عقيدته، وتجرحه في أعز ما يؤمن به، ثم تستقوي بالأجنبي لفرضها بالقوة، والأمة لن تقبل بذلك النمط من الحرية، و(لن تنحي يدها) مطلقًا عن الدفاع عن نبيها صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين، بل يجب أن يتنحى أولئك القوم المحادون لله ورسوله عن المقدسات والثوابت، ويدركوا أن الشعب التونسي الأبي لن يرضى الدنيَّة في دينه بعد اليوم.

ثالثًا: من حق الشعب التونسي المسلم أن يغضب لله تعالى، وأن يغار على دينه، وأن يذب عن مقدساته، ويصون حرماته، امتثالاً لقول الحق تبارك تعالى: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّـهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } [الحج: 30]. وقوله عزوجل: { ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } [الحج: 32]. وغضب الشعب التونسي بكافة شرائحه الاجتماعية إزاء تلك الانتهاكات الصارخة دليل بيِّن على جذوره الإسلامية العميقة التي لم تغيبها عقود العلمنة والتغريب، وقد سرنا أن عموم الشعب وخاصة الشباب ممَّن لا تظهر على بعضهم سيما التدين تمعرت وجوهم غضبًا لله تعالى، وغيرة على نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذا يؤكد أن الذب عن الدين ليس مهمة العلماء أو أئمة المساجد فحسب، بل هو مسؤولية عظيمة في رقاب جميع المسلمين(رجالاً ونساء) ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ونؤكد ها هنا أن مواجهة الاعتداء على حرمات الأمة ليست مسؤولية الشعب التونسي وحده، وإنما هي مسؤولية جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ممن يواجهون المد العلماني في كل البلاد التي قامت بها الثورات الشعبية وغيرها من بلاد المسلمين، والسعيد كل السعادة من يستعمله الله تعالى في طاعته وينصر به الدين.

رابعًا: من واجب وزارة الشؤون الدينية في تونس أن تنزع لباس السليبة واللامبالاة، وتمارس مسؤولياتها الشرعية بجد، وتقف مع الشعب في صف واحد ضد من يسعى لتسفيهه، والاستهانة به، وتحطيم مقدساته والتطاول على حرماته.

خامسًا: نحسب أن الشعب التونسي الغيور على دينه قادر بعون الله تعالى على أن يقدم نموذجًا راقيًا في الاحتجاج السلمي، والإنكار بحكمة وروية، والتعبير عن رأيه بهدوء وتوازن، مترفعًا عن اللجاج واللغط وسفساف الأمور، ونائيًا بخطابه الإسلامي وبرامجه الدعوية عن المناكفات الحزبية والصراعات الشخصية، فمقدسات الأمة أجلّ من ذلك كله وأسمى، وينبغي أن يظل الشعب التونسي المسلم معتصمًا بقول الحق جلَّ شأنه: { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]، وقوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } [الفرقان: 72]. كما نحسب أن الشعب التونسي المسلم يدرك أبعاد ومرامي تلك الفقاعات الإعلامية المصطنعة، ولذا فهي دعوة لضبط النفس، والتحكم بردود الأفعال، وأن يكون واعيًا لمحاولات الاستدراج التي تتقصد استفزاز الشباب ودفعه إلى العنف وإسقاطه في شَرَك الفوضى والاحتراب الداخلي، من أجل أن يكون ذلك مسوغًا أمام الرأي العام المحلي والدولي للتراجع عن استحقاقات المرحلة التاريخية التي تمر بها البلاد، ولاشك أن التشنج في المواقف، والتسرع في ردود الأفعال لن ينصر حقًا ولن يدفع باطلاً، بل قد يجر إلى مفاسد أعظم، والنظر في مآلات الأفعال والأقوال علامة من علامات الوعي والنضج؛ فالشريعة المطهرة جاءت لتحقيق المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، ولهذا نوصي الشباب وعامة الشعب بالرجوع إلى علمائهم الربانيين، والتشاور مع شيوخهم الثقات، والتواصل مع علماء الأمة والتعبير عن آرائهم برؤية شرعية ملتزمة هدي الكتاب والسنة.

سادسًا: نوصي إخواننا في تونس من جميع الاتجاهات الإسلامية بتقوى الله عز وجل والاعتصام بحبله المتين، والسعي الحثيث لتحقيق أكبر قدر ممكن من التعاون والتكامل، وإحياء فقه النصيحة والتواصي بالحق، والبعد عن الاختلاف والتنازع والتشرذم، امتثالاً لقول الحق جل وعلا: { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم» (متفق عليه) وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "الخلاف شر" (رواه البخاري).
فالمرحلة التاريخية التي تمر بها البلاد تتطلب صدقًا مع الله تعالى، وتجرداً من الأهواء، وأفقًا واسعًا يتجاوز المكاسب الحزبية والتطلعات الشخصية؛ فالمعركة التي حمي وطيسها لا تستهدف فصيلاً أو تيارًا بعينه، وإنما تستهدف الإسلام نفسه، وها أنتم ترون كيف تواطأت الاتجاهات اللائكية في الداخل والخارج لتحقيق ذلك، فعليكم بالاجتماع والائتلاف وإياكم والفرقة والاختلاف.

سابعًا: لن يحل مشكلات الأمة إلا بالسعي الجاد الحكيم لتحكيم كتاب الله وسنة رسوله وتطبيق شرعه وفق منهج أهل السنة والجماعة، وذلك بروية وحكمة {مَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269].

أخيرًا: نذكر إخواننا في تونس المسلمة ونحن في مطلع هذا الشهر الكريم بضرورة الأوبة الصادقة إلى دين الله، والمسارعة إلى التطهر من أدران الذنوب كبيرها وصغيرها، واستثمار هذه الأيام المباركة بتطهير النفوس من رين المعاصي ورجس الآثام، ونوصي إخواننا الأئمة والدعاة باغتنام إقبال الناس على الطاعات وتذكيرهم بالله عز وجل والرفق بهم، واللين في دعوتهم، وسعة الصدر في تصحيح أحوالهم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه باليسر والسماحة في تبليغ الدين، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسل- معاذًا وأبا موسى رضي الله عنهما أوصاهما قائلاً: « يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا» (رواه مسلم)، وكما وصف النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الزكية بقوله: «إ ن الله لم يبعثني معنفًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرً ا» (رواه مسلم).

نسأل الله تعالى أن يجعل لأشقائنا في تونس الحبيبة نصيبًا وافرًا من التزام هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يعز الإسلام والمسلمين، وأن ينصر هذا الدين، وأن يرد عن أهله شر الأشرار وكيد الفجار. وصلِّ الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.

رابطة علماء المسلمين
الخميس 27/شعبان/1432هـ

الموقعون:

الأمين الحاج محمد أحمد رئيس الرابطة، السودان.
د. عبدالرحمن المحمود، نائب رئيس الرابطة، السعودية.
محمد سيديا (النووي)، نائب رئيس الرابطة، موريتانيا.
أ.د ناصر بن سليمان العمر، أمين عام الرابطة، السعودية.
د. عبد العزيز التركي، مساعد أمين الرابطة، السعودية.
د. عبدالمحسن زبن المطيري، مساعد أمين الرابطة، الكويت.

المصدر: أحمد أبودقة - مجلة البيان