الإعلام الفضائي الشيعي بين الاختراق والمواجهة السنية (4)

منذ 2019-09-01

نحو استراتيجية إعلامية لمواجهة الاختراق الشيعي الإعلامي للمجتمعات السنية




الهيثم زعفان


رئيس مركز الاستقامة للدراسات الاستراتيجية

دراسة منشورة بالتقرير الاستراتيجي السنوي الثالث عشر  الصادر عن مجلة البيان

ثالثاً... نحو استراتيجية إعلامية لمواجهة الاختراق الشيعي الإعلامي للمجتمعات السنية

قبل الشروع في وضع أية رؤية استراتيجية لمواجهة الاختراق الشيعي الإعلامي للمجتمعات السنية ينبغي ابتداءً أن يكون هناك إيمان بضرورة وجود ذلك المشروع الإعلامي السني المضاد للمشروع الإعلامي الشيعي.

وفي ضوء ذلك الإيمان فإن هناك جملة من المحددات الهامة التي ينبغي وضعها في الحسبان والمتمثلة في الآتي:

1- إيمان حكومات الدول الإسلامية أن هناك مخططات شيعية وأهدافًا توسعية يسعى الجانب الشيعي وبخاصة الفارسي منه إلى بسط نفوذه في العالم الإسلامي عبر وسائل عدة أهمها خلخلة البنيان العقدي السني؛ ويقع عبء وصول الحكومات لهذا الإيمان على العلماء والدعاة من خلال مخاطبة أولي الأمر  وتقديم المشورة في أهمية التناول العقدي للمسألة الشيعية والإيرانية وعدم الاكتفاء بالتناول السياسي فقط.

فإذا ما توافر هذا الإيمان فإن المأمول هو التوجيه العلني –كما إيران- بضرورة وجود مشروع سني عقدي مضادّ يدافع الطرح الشيعي ويوقف تمدده، ومن ثَم اتخاذ القرارات الحيوية المعاونة على تحقيق هذا الهدف، والتي نرى أن أبسطها هو الأمر المباشر بإغلاق وتحجيم كافة القنوات الشيعية التي تقع تحت نفوذ دولهم، وتقوم ببث الفتنة والكراهية والخوض في صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.

2- في ظل معاناة الشعوب الإسلامية من عمليات التغريب والعلمنة، وتغييب الشريعة الإسلامية، وغياب التكوين التربوي والعقدي في معظم المحاضن التربوية؛ فإن الأمة بحاجة إلى صرف مزيد من الجهود الدعوية والعلمية والتربوية باتجاه التحصين العقدي والشرعي، وبخاصة فيما يتعلق بمكانة وأدوار الصحابة رضوان الله عليهم، وسنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم؛ لتتولد لدى الشعوب الحصانة والمناعة العقدية الذاتية فترفض ابتداءً الأطروحات الشيعية الفاسدة، وتسدّ بذلك ثغرة عقدية ومجتمعية يستثمرها الجانب الشيعي ويدندن حولها بحرفية عالية.

3- أن يتبلور الهدف الاستراتيجي لدى القائمين على مدافعة المد الشيعي في وضع الخطط والآليات المستهدفة عوام الشيعة، وجذبهم إلى الهداية، واتباع المنهج الإسلامي الصحيح، ورعايتهم اللاحقة كما المسلمين الجدد، وهذا الهدف يحتاج عند بلورته وترجمته العملية إلى جهود مكثفة وجلسات ممتدة من العصف الذهني لخبراء الدعوة، وبخاصة العاملين في مجال الدعوة داخل الأوساط الشيعية، للوصول إلى الرسالة الإعلامية والدعوية المناسب طرحها إعلاميًا عبر الفضائيات السنية.
4- لا تُعفَى الأسر المسلمة، وبخاصة الملتزمة منها، من التحكم في أجهزة الاستقبال لديها في بيوتها وبيوت الأقربين والمعارف والأصدقاء، وحذف القنوات الشيعية وعلى الأخص قنوات الأطفال الشيعية، والتي تعتبر الأشد خطورة على نشء الأمة.

5- ضرورة إجراء عملية تقييم شاملة للجهود الإعلامية السنية القائمة، وذلك من أجل الوقوف على مسافتها من المشروع الإعلامي السني؛ ومدى تحقيقها لأهدافها التي قامت من أجلها، وكذا السلبيات والمعوقات التي تواجهها، ويمكن في هذا الإطار إجراء سلسلة من ورش العمل التي تضم منسوبي تلك القنوات وخبراء في الإعلام والمد الشيعي وعلماء في الشريعة الإسلامية؛ وذلك لوضع الجهود الإعلامية السنية الراهنة على طاولة التشريح، مع التباحث في آليات تطوير أداء القنوات في ضوء هذا التقييم.

6- ضرورة وجود مظلة للاجتهاد الشرعي المصاحب للعمل الإعلامي والفني، يجتهد من خلالها العلماء الثقات في مستجدات العمل الإعلامي، وبصفة خاصة أعمال الدراما والتمثيل، مع توافر جملة من الضوابط المتفق عليها لتكون حاكمة وموجهة لأيّ جهة إعلامية تفكر في إنتاج عمل فني متعلق بالأنبياء والتاريخ الإسلامي وسير الصحابة وأعلام الإسلام.


وبدورنا بعد استعراض المحددات السابقة والتي من شأنها التخفيف من حدة السيل الإعلامي الشيعي المنهمر على مجتمعاتنا السنية، سنحاول من خلال السطور القادمة وضع معالم الاستراتيجية الإعلامية السنية، وذلك في ضوء مقترح هيكلي لمؤسسة دولية منوط بها المدافعة الإعلامية للمشروع الشيعي التوسعي.

الجهة القائمة بمهمة مواجهة الاختراق الشيعي الإعلامي

ابتداءً وقبل الشروع في محاولة وضع معالم الاستراتيجية الإعلامية لمواجهة الاختراق الشيعي الإعلامي؛ ينبغي أن يكون لدينا جهة مؤسسية محددة وموقوفة فقط لتنفيذ تلك الاستراتيجية الإعلامية، بحيث يناط بها القيام بمهمة التخطيط والإشراف على وضع وتنفيذ استراتيجيات وآليات مواجهة الاختراق الإعلامي الشيعي.

ومن المهم لهذه الجهة أن تضم مجموعة من المتخصصين في الشأن الشيعي والشرعي والإعلامي؛ وتكون لهذه الجهة من الصلاحيات والإمكانيات ما يخولها بالمتابعة والإشراف واتخاذ القرارات المتعلقة بكل ما من شأنه مدافعة الذراع الإعلامي للمد الشيعي في المجتمعات السنية والمحدد في الدراسة الراهنة بالفضائيات الشيعية.

وسنفترض في هذه الدراسة أن هذه الجهة تحمل مسمى:

(المؤسسة الدولية لمدافعة الإعلام الشيعي)

الأبعاد الاستراتيجية للمؤسسة المقترحة

تسعى المؤسسة المقترحة لأن تكون نواة لمشروع إعلامي سُنّي يمكنه مدافعة المشروع الإعلامي الشيعي، وتحقيق نقاط كسب دعوية في أوساط الشيعة حول العالم تخلّ بالولاء الشيعي لعلمائهم.

وعليه فإن الأبعاد الاستراتيجية للمؤسسة المقترحة تسير في عدة مسارات هي:

(التدريب والتأهيل-التمويل- الإنتاج الإعلامي-التحكم في الرسالة الإعلامية- الدعوة في أوساط الشيعة).

1- معالجة إشكالية التدريب والتأهيل الإعلامي لكوادر الفضائيات الإسلامية.

2- معالجة إشكالية تمويل مستلزمات الإعلام الفضائي الإسلامي.

3- معالجة أزمة ضعف الإنتاج الإعلامي الإسلامي.

4- التحكم في الرسالة الإعلامية للمشروع الإعلامي السني.

5- التحكم في الرسالة الإعلامية الدعوية في أوساط الشيعة.

أهداف المؤسسة

1- التنسيق بين القنوات الفضائية السنية القائمة؛ وذلك من أجل تحقيق تكامل الأدوار وتوزيعها، وضمان عدم تكرار الجهود الإعلامية، وما يعقبه من سلبيات.

2- إنشاء قنوات فضائية سنية جديدة؛ بحسب الحاجة.

3- وضع الخطط الإعلامية للفضائيات السنية، بحسب الرؤية الشاملة للمؤسسة المقترحة.

4- إنشاء شركات للإنتاج الإعلامي، وإنتاج المواد الإعلامية اللازمة للقطاع الإعلامي السني، من برامج حوارية وتغطيات ميدانية، وأفلام وثائقية، وغيرها من المواد الإعلامية اللازمة.

5- مد الفضائيات السنية بقواعد البيانات اللازمة لأطروحاتها الإعلامية، من دراسات وإحصائيات، ومواد علمية وقواعد بيانات بحثية وبشرية.

6- إنشاء وحدات لرصد ومتابعة، وتوثيق، وأرشفة الأنشطة الإعلامية الشيعية، وتوظيف كل منها بحسب رؤية إدارة المؤسسة المقترحة.

7- التدريب والتأهيل الاحترافي للكوادر الإعلامية اللازمة للفضاء الإعلامي السني.

8- الترويج الإعلامي والتسويقي للإعلام السني بما يحقق الانتشارية الفعالة قبالة الإعلام  الشيعي.

تمويل المؤسسة

من المهم في تمويل الجهة المدافعة للمد الشيعي الإعلامي هو توافر الاستقلالية لديها، وهذه الاستقلالية يمكن تحقيقها بأحد مسارين: 

المسار الأول: ويتمثل في وقفية ضخمة يُنفَق ريعها على أنشطة تلك الجهة.

  المسار الثاني:  يتمثل في الأسهم الوقفية الصغيرة، بحيث تكون قيمة السهم على سبيل المثال مائة دولار، يشتريه المساهم المؤمن بأهمية القضية وخطورتها على البنيان العقدي للمجتمع.

على أن يوضع جزء من هذه الأوقاف السائلة في مشروعات ربحية تضمن الاستمرارية للمؤسسة ومشروعاتها الإعلامية والإنتاج الإعلامي.

الكوادر البشرية اللازمة لإدارة المؤسسة

1- علماء شريعة متخصصون في الشأن الشيعي.

2- خبراء إعلام محافظون.

3- باحثون وخبراء متخصصون في الشأن الشيعي.

4- كفاءات إدارية وتخطيطية ومحاسبية.

معهد التدريب والتأهيل الإعلامي

أبرز الكتابات التي تناولت الفضاء الإعلامي السني شددت على ضعف التأهيل التخصصي داخل الفضائيات الدينية([1])([2]). وعليه فإن إنشاء معهد متخصص في التأهيل الإعلامي لمدافعة المد الشيعي بات ضرورة ملحة؛ ويمكن لهذا المعهد التأهيلي أن يزاوج بين المهنية والأكاديمية في الإعداد بحيث يمنح الدارس دبلومة مهنية متخصصة في هذا القطاع، تمكن إدارة المؤسسة المقترحة من تسكينه في موضعه الصحيح داخل منظومة مدافعة المد الشيعي.

وهذا المعهد يمكن - بصورة أولية- أن يضم التخصصات الفنية التالية:

( تصوير- إخراج- إعداد برامج- فنيين- كتاب سيناريو أفلام وثائقية-مراسلين- مقدمي برامج- إدارة مؤسسات إعلامية- وغيرها من التخصصات الإعلامية اللازمة).

على أن يتم التعاقد للقيام بالتدريس والتدريب مع أفضل خبراء الإعلام ومدافعي المد الشيعي وعلماء الشريعة المتخصصون في هذا القطاع.

وحدة الرصد والمتابعة

حيث يتم إنشاء وحدة مركزية داخل المؤسسة المقترحة تكون مهمتها رصد ومتابعة كافة أطروحات الإعلام الشيعي من قنوات ومكاتب وكوادر ومواد إعلامية؛ وأرشفتها وفق نظم معلوماتية محددة ومتفق عليها، ورفع تقارير دورية بها للإدارة العليا كي يتم استثمار قواعد البيانات وتسكينها في مواضعها المناسبة. على أن توفر لهذه الوحدة كافة الإمكانيات الفنية والبشرية اللازمة لخروج العمل على الوجه الأكمل.
وحدة الدراسات والتوثيق وتكوين قواعد البيانات

وفيها يتم جمع وتوثيق كافة الدراسات الرصينة التي تجريها أو تنشرها المؤسسات البحثية والأكاديمية والإعلامية والمتعلقة بالمد الشيعي والمشروع الإيراني؛ مع إجراء الدراسات اللازمة حول هذا الشأن، والتي لم يتم تغطيتها بالطريقة المطلوبة.

إضافة إلى تكوين قواعد بيانات كلية حول الباحثين والكتاب والمهتمين بالشأن الشيعي والإيراني.

مع الاستفادة من هذه الدراسات ونتائجها وكذا قواعد البيانات البشرية، وذلك في إعداد المواد الإعلامية المصاحبة للمشروع الإعلامي السني؛ وإمداد القنوات الفضائية بها وتزويدها بالاحتياجات البشرية من ضيوف ومحللين ومناظرين.

وحدة الإنتاج الإعلامي

يعد الإنتاج الإعلامي أحد أهم نقاط الضعف لدى الإعلام العربي بصفة عامة، والإعلام الإسلامي منه بصفة خاصة؛ وعليه فإنه يقع على عاتق المؤسسة المقترحة القيام بإنتاج الأعمال الإعلامية اللازمة لسد الثغرات التي يتسلل منها الإعلام الشيعي؛ وكذلك إنتاج الأعمال التي من شأنها نقل المعركة من دائرة الدفاع إلى دائرة الهجوم، ومن دائرة الردود إلى دائرة التحصين الذاتي لأهل السنة والجماعة، ومن دائرة كراهية الشيعة بالعموم إلى دائرة دعوة عوام الشيعة واستهدافهم للتخلي عن عقائدهم الفاسدة؛ وذلك بكل لغات العالم.

وهذه الوحدة إن خُطط لها جيداً، وأطلقت لها الصلاحيات، ووفرت لها الإمكانيات فإنه يمكنها إنتاج الكثير من البرامج والأفلام الوثائقية وبرامج الأطفال الجاذبة والناجحة، والتي ستفرض نفسها بتميزها على الساحة الإعلامية العربية والدولية.

غرفة الأخبار المركزية وشبكة المراسلين الدولية

يخطط للمؤسسة المقترحة أن تكون بها غرفة أخبار مركزية رفيعة المستوى؛ تصاغ فيها الأخبار الإسلامية والسنية بطريقة احترافية، وتوزع الأخبار مصاغة كما في وكالات الأنباء على القنوات السنية التي تنسق معها المؤسسة المقترحة؛ على أن يكون لدى المؤسسة شبكة من المراسلين المتخصصين المحترفين الثقات، والمنتشرين حول العالم ليغطوا كافة النشاطات السنية والشيعية المتعلقة، مع فتح المجال للاستفادة الإخبارية من وسائل التواصل الحديثة بعد التوثق منها.

وحدة الملاحقات القضائية

كثير من الطرح الشيعي يقوم على القذف والكذب، والتجاوز الإجرامي بحق الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم؛ وهي جرائم تجرمها القوانين المحلية والقوانين والمواثيق  والمعاهدات الدولية؛ وعليه فإنه بناء على وحدات الرصد الإعلامي، وما تقوم بتوثيقه من وقائع مصورة تستوجب العقوبة القانونية؛ فإنه يمكن رفع العديد من القضايا أمام المحاكم الدولية ومحاكم الدول التي تبث هذه القنوات. وذلك من أجل استصدار أحكام تدين القنوات ومقدمي المقاطع الإجرامية، ومن ثَم تكون سببًا قانونيًا وجيهًا لغلق القنوات، وسجن وتغريم المسئولين عن هذه المقاطع؛ بما يمثل رادعًا لباقي الفضائيات، وتقل معها حدة العنف اللفظي في الفضائيات الشيعية.

وهذه الوحدة ستكون بحاجة إلى باحثين ومحامين قانونيين متخصصين في القانون الدولي وفي قضايا الإعلام، كما يمكن للمؤسسة التعاقد مع مكاتب محاماة دولية مشهود لها بالنزاهة. وهذه الوحدة الإعلامية ستكون بحاجة إلى تكوين قواعد بيانات دولية شاملة حول كافة القوانين والنصوص المتعلقة بجرائم الإعلام والفضائيات؛ ليقوم الباحثون والمتخصصون بتكييف النصوص بحسب كل دولة، وتوجيه القضايا لرفعها في مساراتها الصحيحة التي تضمن لها النجاح.

كما يمكن استثمار هذه القضايا في إحداث زخم إعلامي دولي يشوّش على المشروع الشيعي ويحقق رواجًا لسيرة ومكانة الشخصية السنية محل النزاع القضائي، وهو أمر قد يجعله الله سببًا في جذب أناس جدد من كافة أنحاء العالم للتعرف على الإسلام والدخول فيه بتوفيق الله سبحانه وتعالى.

وحدة رصد ومتابعة وتقييم الفضائيات السنية

وتكون هذه الوحدة مختصة برصد ومتابعة وتقييم أطروحات الفضائيات السنية القائمة، ورصد أدائها لحظة بلحظة، مع رفع تقارير أولية للإدارة العليا بالمؤسسة المقترحة، لمخاطبة القنوات السنية بعناصر القوة وطرق دعمها، وعناصر الضعف وطرق تجاوزها.

وحدة التسويق والاتصال المجتمعي

وتكون هذه الوحدة مختصة بتسويق المنتج الإعلامي السني خارج دائرة الإعلام الديني؛ مثل الأفلام الوثائقية المتعلقة بسير الصحابة، أو الكاشفة للحقائق الشيعية.
ويكون هذا التسويق وذلك التواصل مستهدفًا إما الفضائيات العربية والأجنبية واسعة الانتشار، أو قنوات اليوتيوب وحسابات التواصل الاجتماعي واسعة المتابعة.

كما يمكن لهذه الوحدة تكوين قواعد بيانات بكافة الوسائل الإعلامية المحلية والدولية، وكذا منسوبيها من الصحفيين والإعلاميين، ومحاولة فتح قنوات اتصال مع الهادف منها، وإمدادها بالتقارير الصحفية والمواد الإعلامية المعينة على تحقيق أهداف المؤسسة المقترحة.

الخاتمة والتوصيات

حاولت الدراسة الراهنة إلقاء الضوء على أداة من أدوات المشروع الشيعي التوسعي، والمتمثل في الفضائيات الشيعية؛ وما نود التأكيد عليه أنه حتى وإن بدا من الدراسة ضخامة الجهود الشيعية المبذولة في استغلال الفضاء الإعلامي، وتوفيرهم لكافة الإمكانية المادية والفنية لتحقيق أهدافهم؛  فإنه يبقى أن فساد الطرح يبشر  بحسرة الإنفاق.

وفي ذات الوقت فإننا نعتقد في صلاح المنهج السني؛ والإشكالية والضعف النسبي عندنا متمثل في العنصر المادي والفني، والتضييق السياسي المصاحب للمشروع الإعلامي السني؛ فإذا ما تغلبنا على هذه الإشكالية؛ فسوف ينجح الإعلام الإسلامي السني في مدافعة الأطروحات العقدية الفاسدة، سواء كانت شيعية أو نصرانية أو حتى بوذية؛ بل وسيمتد الأمر بإذن الله إلى تحقيق الدعوة إلى الله، ونشر الإسلام في مواطن أصحاب العقائد الفاسدة أنفسهم.

وعليه فإن هناك عدة توصيات نود الإشارة إليها في ختام هذه الدراسة المختصرة:  

1- إننا أمام معركة عقدية حقيقية؛ فإما المدافعة وإما وقوع الأمة في براثن المفاسد العقدية وما يصاحبها من مهالك في الدنيا والآخرة؛ ومن ثَم فإنه على كل مسلم دورًا في هذه المعركة القائمة بين الحق والباطل؛ فأرباب الأسر مسئولون عن تنقية أجهزة الاستقبال في بيوتهم من كافة القنوات ذات الطرح العقدي الفاسد؛ وولاة الأمور مسئولون عن اتخاذ كافة التدابير الحافظة للبنيان العقدي للمجتمع الإسلامي؛ والدعاة إلى الله يتعاظم دورهم في أوقات المعارك العقدية في تحصين المجتمع؛ وأثرياء الأمة عليهم دور في تقديم الدعم المالي اللازم لنجاح المشروع الإعلامي السني؛ وهكذا كل مسلم في موقعه وقدراته.

2- السعي لإدخال المقترح الإعلامي المؤسسي الوارد في الدراسة الراهنة حيز التنفيذ؛ عسى أن يكون نواة لمشروع إعلامي سني كبير.

3- صرف مزيد من الجهود الإعلامية صوب نشر الدعوة الإسلامية في كافة ربوع العالم، وبكل لغات العالم، فهذا الميدان الإعلامي الفضائي يسع لكل الأطروحات العالمية، ونحن مكلفون بتبليغ رسالة الإسلام لكل سكان الأرض؛ وهذا التكليف يشمل كل مسلم قادر على بذل ماله و قدراته لتحقيق هذا الهدف التعبدي.
ونسأل الله أن يحفظ المسلمين من كل متربص يسعى لتشويه صورتهم، وبث الفوضى العقدية في صفوفهم؛ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



مركز الاستقامة للدراسات الاستراتيجية
____________________________

[1]) باسل النيرب: نظرة على الفضائيات الاسلامية؛ مجلة البيان، الرياض، العدد: 276.

[2] ) د.محمد يسري إبراهيم: الفضائيات الإسلامية؛ تحديات وطموحات، سلسلة رؤى معاصرة، المركز العربي للدراسات الإنسانية، القاهرة، 2009.