فوائد من كتاب الصلاة للعلامة ابن القيم (2-2)

منذ 2019-10-01

ولا تتركُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم سُنة صحيحة أبداً بدعوى إجماع ولا دعوى نسخ إلا أن يوجد ناسخ صحيح صريح متأخر

 

فوائد من كتاب الصلاة للعلامة ابن القيم

السجود سرُّ الصلاة وركنها الأعظم:

الُّسجود سرُّ الصلاة, وركنها الأعظم, وخاتمة الركعة, وما قبله من الأركان كالمقدمات له...ولهذا أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد, وأفضل أحواله حال يكون فيها أقرب إلى الله, ولهذا كان الدعاء في هذا المحل أقرب إلى الإجابة.  

ومن كماله: أن يكون على هيئاتٍ, يأخذ كل عضو من البدن بحظه من الخضوع, فيقل البطن عن فخذيه, وفخذيه عن ساقيه, ويجافي عضديه عن جنبيه, ولا يفرشهما على الأرض ليستقل كلُّ عضو منه بالعبودية, ولذلك إذا رأى الشيطان ابن آدم ساجداً لله اعتزل ناحية يبكي, ويقول: " يا ويله أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة, وأُمرت بالسجود فعصيت فلي النار )

ولما علمت السحرة صدق موسى وكذب فرعون خروا سُجدا لربهم, فكانت تلك السجدة أول سعادتهم, وغفران ما أفنوا فيه أعمارهم من السِّحر.

إذا فرغ المصلى من صلاته جلس جلسة الراغب الراهب يستعطي ربه:

جعلت كلمات التحيات في آخر الصلاة بمنزلة خطبة الحاجة أمامها, فإن المصلى إذا فرغ من صلاته جلس جلسة الراغب الرَّاهب, يستعطى من ربه ما لا غنى به عنه, فشُرع له أمام استعطائه كلمات التحيات, مقدمةً بين يدي سؤاله, ثم يتبعها بالصلاة على من نالت أُمته هذه النعمة على يده وبسفارته.

فكأنَّ المصلي توسل إلى الله سبحانه بعبوديته, ثم الثناء عليه, والشهادة له بالوحدانية, ولرسوله بالرسالة, ثم بالصلاة على رسوله, ثم قيل له: تخير من الدعاء أحبه إليك. فذاك الحق الذي عليك, وهذا الحق الذي لك.

ست حيوانات نهي المصلي أن يتشبه بها في صلاته:

* في المسند والسنن من حديث عبدالرحمن بن شبل قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب, وافتراش السبع, وأن يوطِّن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير.) وفي حديث آخر: ( نهي عن التفات كالتفات الثعلب, وإقعاء كإقعاء الكلب, ورفع الأيدي كأذناب الخيل.) أخرجه أحمد.

فهذه ستُّ حيوانات نهى عن التشبه بها.

فوائد متفرقة لا تتعلق بأداء الصلاة:

* قد اتخذ كثير من الناس دعوى النسخ والإجماع سُلماً إلى إبطال كثير من السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا ليس بالهيِّن.

ولا تتركُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم سُنة صحيحة أبداً بدعوى إجماع ولا دعوى نسخ إلا أن يوجد ناسخ صحيح صريح متأخر, نقلته الأُمةُ وحفظته, إذ محال على الأمة أن تضيع الناسخ الذي يلزمها حفظه, وتحفظ المنسوخ الذي قد بطل العمل به ولم يبق من الدين, وكثير من المقلدة المتعصبين إذا رأوا حديثاً يخالف مذهبهم يتلقونه بالتأويل, وحمله على خلاف ظاهره ما وجدوا إليه سبيلاً, فإذا جاءهم من ذلك ما يغلبهم فزِعوا إلى دعوى الإجماع على خلافه, فإن رأوا من الخلاف ما لا يمكنهم معه دعوى الإجماع فزِعُوا إلى القول بأنه منسوخ.

وليست هذه طريق أئمة الإسلام, بل أئمة الإسلام كلُّهم على خلاف هذه الطريق, وأنهم إذا وجدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم سُنة صحيحة صريحة لم يبطلوها بتأويل, ولا دعوى إجماع, ولا نسخٍ.

* أخطأ على الشافعي من نسب إليه القول بأن صلاة الجمعة فرض على الكفاية, إذا قام بها قوم سقطت عن الباقين, فلم يقل الشافعي هذا قط, وإنما غلط عليه من نسب ذلك إليه بسبب قوله في صلاة العيدين: إنها تجب على من تجب عليه صلاة الجمعة. بل هذا نصّ من الشافعي أن صلاة العيد واجبة على الأعيان.

* لا يكون إماماً في العلم من أخذ بالشاذِّ من العلم.

* ضرب العنق بالسيف أحسن القتلات, وأسرعها إزهاقاً للنفس.

                                          كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ