اضرب من يضربك..

منذ 2019-10-12

نحن لا نريد أن يتحول أولادنا إلى متنمرين أو عدوانيين، وكذلك نريد لهم الكرامة وقوة الشخصية وحماية أنفسهم. فليكن لدينا الأساليب التربوية المناسبة لإعداد هذا الجيل وبنائه

 

د. عبدالحميد المحيمد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قال لولده وهو يوصله إلى المدرسة: "يا بني ابتعد عن الشجارات ولا تتعرض لأحد بإساءة." وقبل نهاية اليوم الدراسي اتصلت به الأخصائية لتخبره أن ولده تعرض للضرب ولم يدافع عن نفسه بقول ولا فعل.
ثم قالت له: ولدك شخصيته ضعيفة! في اليوم الثاني قال الأب لابنه وهو غاضب: "من يتعرض لك اضربه وكسر رأسه." فجاءه الاتصال من المدرسة أن ولدك ضرب أحد زملائه وآذاه.

والسؤال الذي يطرح نفسه:
لماذا نجعل دورنا التربوي مجرد ردات فعل عشوائية؟
لماذا نسهم في بناء بيئة سلبية تقوم على الضرب والشتائم وأذية بعضنا؟
ألا ينبغي أن تكون لدينا استراتيجيات تربوية ننشئ أولادنا عليها وندربهم مهاريًا وأخلاقيًا؟

قد تؤدي التربية الخاطئة في بعض الأحيان إلى انحراف أبنائنا وبناتنا وتتسبب لهم بسلوكيات سيئة يصعب التعامل معها أو تغييرها. فممارسة الشدة والقمع تحطم شخصية الولد، وبالمقابل فإن الدلال المبالغ فيه وترك الحبل على الغارب يجعل الولد فريسة لرفقة السوء وضحية لوسائل التواصل والأجهزة الرقمية.

وعودًا على عبارة: "اضرب من يضربك"!
أقول هذه العبارة غير صحيحة على إطلاقها وخاصة أنك تتعامل مع أولاد مازالوا في الابتدائي أو المتوسط غالبًا وهم لا يمتلكون مهارات التحكم بالذات ولا يدركون مخاطر إيذاء الآخرين. ومن مخاطر هذه العبارة أنها تصرف أذهان أولادنا عن استراتيجيات حماية النفس إلى الشجارات العشوائية التي تعرقل سير العملية التعليمية فضلًا عن ضياع الأخلاق والحكمة.

وبدل أن نقول اضرب وكسر رأس من يضربك أو يتعرض لك، نعلمه استراتيجيات الدفاع عن النفس من خلال:
- تكوين صداقات وعلاقات إيجابية مع زملائه
- تعليمه قول لا وإبداء رأيه والرد بصراحة على الإساءات بعبارات زاجرة لكنها ليست بذيئة.
- تدريبه على مهارات الدفاع عن النفس بالقول والفعل، ومنع الآخرين من إيذائه.
- تعويده على الصراحة، والاستماع لمشكلاته وفتح قنوات الثقة معه ومتابعة احتياجاته النفسية والتعليمية والروحية.

نحن لا نريد أن يتحول أولادنا إلى متنمرين أو عدوانيين، وكذلك نريد لهم الكرامة وقوة الشخصية وحماية أنفسهم. فليكن لدينا الأساليب التربوية المناسبة لإعداد هذا الجيل وبنائه معرفيًا وروحيًا ومهاريًا ليكونوا بناة المستقبل وحملة لواء التطوير للأجيال الأخرى.