فوائد مختارة من بعض كتب الإمام ابن الجوزي 2-2

منذ 2020-01-22

حج الحجاج فنزل بين مكة والمدينة, ودعا بالغداء, وقال لحاجبه: انظر من يتغدى معي..فنظر فإذا هو بأعرابي, فقال له: ائت الأمير.

الظرف والمجون:

الظرف يكون في صباحة الوجه, ورشاقة القد, ونظافة الجسم والثوب, وبلاغة اللسان, وعذوبة المنطق, وطيب الرائحة, والتقزز من الأقذار والأفعال المستهجنة, ويكون في خفة الحركة, وقوة الذهن, وملاحة الفُكاهة والمزاح! ويكون في الكرم, والجود, والعفو, وغير ذلك من الخصال اللطيفة, وكأنَّ الظريف مأخوذ من الظَّرف, الذي هو الوعاء, فكأنه وعاء لكل لطيف.

وقد يُقال ظريف لمن حصل فيه بعض هذه الخصال.

دعاني من هو خير منك فأجبته:

حج الحجاج فنزل بين مكة والمدينة, ودعا بالغداء, وقال لحاجبه: انظر من يتغدى معي..فنظر فإذا هو بأعرابي, فقال له: ائت الأمير.

فقال له الحجاج: تغدّ معي.

فقال: إنه دعاني من هو خير منك فأجبته.

قال: من هو ؟  

قال: الله عز وجل دعاني إلى الصوم فصمت.

قال: في هذا الحر الشديد ؟!

قال: نعم صمت ليوم هو أشد حراً من هذا اليوم.

قال: فأفطر وتصوم غداً.

قال: إن ضمنت لي البقاء إلى غدٍ ؟

قال: ليس ذلك إليَّ.

 قال: فكيف تسألني عاجلاً بآجل لا تقدر عليه ؟

قال: إنه طعام طيب. قال: لم تُطيّبه أنت لا والطباخ, ولكن طيبَّبته العافية.

أم البنين بنت عبدالعزيز بن مروان أخت عمر بن عبدالعزيز

كانت من الأجواد الكرماء, وكانت تقول: لكل قوم نهمة في شيء, ونهمتي في الإعطاء, وكانت تعتق كل جمعة رقبة, وتحمل على فرس في سبيل الله عز وجل, وتقول: أف للبخل, لو كان قميصاً لم ألبسه, ولو كان طريقاً لم أسلكه.

زوجة شريح القاضي:

قال الشعبي: قال لي شريح عن زوجه: ما غضبت عليها إلا مرة, كنت لها فيها ظالماً, كنت أمام قومي فسمعت الإقامة, وقد رأيت عقرباً, فعجلت عن قتلها, وكفأت الإناء عليها, وقلت: لا تحركي الإناء حتى أجيء, فحركته فضربتها العقرب, فجئت وهي تلوى, فلو رأيتني يا شعبي وأنا أفرك أصابعها في الماء والملح وأقرأ عليها.

وكان لي جار لا يزال يضرب امرأته فقلت:

رأيتُ رجالاً يضربون  نساءهم           فشُلت يميني يوم أضربُ زينب

يا شعبي: وددت أني قاسمتها عيشي. 

الاستدلال على عقل العاقل بالأفعال والأقوال:

يستدل على عقل العاقل بسكوته, وسكونه, وخفض بصره, وحركاته في أماكنها اللائقة بها, ومراقبته للعواقب, فلا تستفزه شهوة عاجلة عقباها ضرر, وتراه ينظر في الفضاء, فيتخير الأعلى والأحمد عاقبة من مطعم, ومشرب, وملبس, وقول, وفعل, ويترك ما يخاف ضرره, ويستعد لما يجوز وقوعه.

 حفظ الصبي إذا بلغ خمس سنين:

من رزق ولداً, فليجتهد معه, والتوفيق من وراء ذلك,...فإذا بلغ خمس سنين أخذه بحفظ العلم,..فإن الحفظ في الصغر كالنقش في حجر.

تكرار المحفوظ:

الطريق في أحكامه [أي الحفظ] كثرة الإعادة...ومنهم ألا يحفظ إلا بعد التكرار الكثير...وكان أبو إسحاق الشيرازي يعيد الدرس مائة مرة, وكان الكيا يعيد سبعين مرة.

حكى لنا الحسن: أن فقهياً أعاد الدرس في بيته مراراً كثيرة, فقالت له عجوز في بيته: قد والله حفظته أنا, فقال: أعيديه فأعادته, فلما كان بعد أيام. قال: يا عجوز, أعيدي ذلك الدرس. فقالت: ما أحفظه. قال: أنا أكرر الحفظ لئلا يصيبني ما أصابك.

من أقوال السلف:

* إن لأرى الشيء مما يعاب فما يمنعني من عيبه إلا مخافة أن أبتلى به.

* من سعادة المرء إذا مات ماتت معه ذنوبه.

* المبادرة إلى الطاعات من علامات التوفيق.

* صديقك من حذرك من الذنوب, وأخوك من عرفك العيوب.

* لا تستبطئ الإجابة إذا دعوت, وقد سددت طرقاتها بالذنوب.

* الليل طويل فلا تقصره بمنامك, والنهار نقي فلا تدنسه بآثامك.

* على قدر حبك لله يحبك الخلق, وعلى قدر خوفك من الله يهابك الخلق.

* كان أحد السلف لا يدع أحداً يغتاب في مجلسه, ويقول:إن ذكرتم الله أعانكم, وإن ذكرتم الناس تركناكم.

* العاقل المصيب من عمل ثلاثاً :من ترك الدنيا قبل أن تتركه, وبنى قبره قبل أن يدخله, وأرضى ربه قبل أن يلقاه.

* صحبة أهل الصلاح تورث في القلب الصلاح, وصحبة أهل الفساد تورث فيه الفساد.

* دواء القلب: قراءة القرآن بالتدبر, قيام الليل, التضرع عند السحر, مجالسة الصالحين.

* كفى بالمرء شراً أن لا يكون صالحاً, ويقع في الصالحين.

* من هانت عليه المصائب أحرز ثوابها.

* لا تصحبن فاسقاً, فإنه يبيعك بأكلة فما دونها, ولا تصحبن كذاباً, فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب, ويقرب منك البعيد, ولا تصحبن أحمقاً, فإنه يريد أن ينفعك فيضرك. 

* إياك والكسل والضجر, فإنك إذا كسلت لم تؤد حقاً, وإن ضجرت لم تصبر على حق.

* إن هذا العلم إن أخذته بالمكابرة غلبك, ولم تظفر منه بشيء, ولكن خذه مع الأيام والليالى أخذاً رقيقاً تظفر به.

* لا يتم المعروف إلا بثلاث: بتعجليه, وتصغيره, وستره.

* لم أرَ أوعظ من قبر, ولا آنس من كتاب, ولا أسلم من الوحدة.

* الحكمة عشرة أجزاء, فتسعة منها في الصمت, والعاشرة في عزلة الناس.

* اسلكوا سبل الحق, ولا تستحشوا من قلة أهلها.

* الدمعة إذا خرجت استراح القلب.

* إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وخادمي.

* الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة, والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء, فكن بين المنقبض والمنبسط.

* اللبيب العاقل هو الفطن المتغافل.

* ما اتقى الله من أحبَّ الشهرة.

* إذا مدحك الرجل بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك.

* إن كان يغنيك ما يكفيك فإن أدنى ما في الدنيا يكفيك, وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شيء يكفيك.

* ارضِ بالدون من الدنيا مع الحكمة, ولا ترض بالدون من الحكمة مع الدنيا.

* الموتى خارج أسوار المقبرة أكثر منهم داخل أسوارها.

* أقوى القوة غلبتك نفسك.

* من عجز عن أدب نفسه كان عن أدب غيره أعجز.

* من لم يعرف قدر النعم سُلِبها من حيث لا يعلم.

* من خاف الله خافه كل شيء.

* خصال يعرف بها الجاهل: الغضب في غير شيء, الكلام في غير نفع, العظة في غير موضعها, إفشاء السر, الثقة بكل أحد, لا يعرف عدوه من صديقة.

* عن المزني قال دخلت على الشافعي في علته التي مات فيها, فقلتُ: كيف أصبحت ؟ فقال: أصبحت من الدنيا راحلاً, ولإخواني مفارقاً, ولكأس المنية شارباً, ولسوء أعمالي ملاقياً, وعلى الله تعالى وارداً, فلا أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنئها, أو إلى النار فأعزيها. ثم بكى.

* من أظهر عداوتك فقد أنذرك.

* الأسرار إذا كثر خزانها ازدادت ضياعاً.

* أنفاس الحي خطاه إلى أجله

* أهل الدنيا ركب يُسار بهم وهم نيام.

* يشفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك

* الفرصة سريعة الفوت بعيدة العود.

المراجع:

** كتب الإمام ابن الجوزي:

* زاد المسير في علم التفسير.

* الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ

* البر والصلة

* مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن

* الأذكياء

* صفوة الصفوة

* أحكام النساء

* رؤوس القوارير المنتخب من المدهش في الوعظ والمحاضرات

* المنتظم في تاريخ الملوك والأمم

* مناقب الإمام أحمد بن حنبل

* أخبار الظراف والمتتماجنين.

ــــ

* مختصر منهاج القاصدين لابن قدامه المقدسي

                                     كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ