وباء كورونا - (11) الزكاة في حالة الكساد الاقتصادي الحالية

منذ 2020-04-05

هل يجوز إعطاء رواتب الموظفين من زكاة المال المستحقة؟

أسئلة ملحة تحير البعض عن الزكاة في حالة الكساد الاقتصادي الحالية. والحالات مختلفة، منها هذا السؤال الذي وصلني من أحد الفضلاء، رأيت أن أنشره هنا مع الإجابة لعله ينفع آخرين عندهم نفس المشكلة.


السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نرجو من سيادتكم النظر مليا فيما يحدث حولنا عالميا بخصوص الوباء والسؤال باختصار:
هل يجوز إعطاء رواتب الموظفين من زكاة المال المستحقة؟

حيث إن معظم الاقتصاد و مبيعات الشركات في حالة شلل تام وكثير من الشركات حرصا علي موظفيها أمرت بإجازة لجميع الموظفين فماذا سيحدث إذا طال الأمر؟
وبحكم علمي أننا نخرج زكاة المال لأطراف بعيدة مستحقين للزكاة سواء في جمعيات أو في دائرة المعارف. أليس الموظفين أولى بالمعروف حيث جميعهم مسؤولين عن أسرهم وأصحاب الأعمال لا يوجد دخل لديهم ليخرجوا رواتبهم الشهرية.
الموضوع شائك فأرجو من سيادتكم توضيح الأمر لأنها كارثة عالمية وإذا ظل أصحاب الاعمال يتركوا موظفيهم و يخرجوا الزكاة لأطراف بعيدة من سيعطي الموظفين دخل ينفقوا به على أسرهم حيث أن معظم الموظفين لن يمدوا أيديهم لجهات غريبة أو جمعيات لأخذ زكاة للنفقة حيث أن كثيرا منهم يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف.

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن الكلام في هذه النازلة من جهتين:
من جهة العامل المتلقي للزكاة ومن جهة رب العمل الباذل لها:

أما من جهة العامل المتلقي للزكاة: فقد تمهد أنه لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي، وذو المرة السوي هو القوي المكتسب، كما جاء في الحديث الآخر (لا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب) فذو المرة هو ذو القوة على الكسب، والسوي هو صحيح البدن تام الخلقة، ففي المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجلان في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها فرفع فيهما رأسه فرآهما جلدين فقال «إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب».

فإن كان العاملون أغنياء أو أصحاء يستطيعون العمل وواجدين لعمل يتكسبون به فهم ليسوا أهلا للزكاة، أما في أوقات البطالة والجوائح العامة حيث لا يجد ذو المرة السوي عملا فيعطى منها مؤقتا إلى أن يحصل على عمل، أو أن يجد قواما من عيش

أما من جهة رب العمل: فالأصل أن لا يقي المزكي ماله بالصدقة، وألا يتقصد أن يرجع نفع الزكاة إليه، فإن كان هؤلاء العمال في مسئولية رب العمل بمقتضى التعاقد الذي ربطه بهم، أو بمقتضى قوانين آمرة ملزمة لا يستطيع منها فكاكا فليس له أن يقي ماله وما وجب عليه فيه بالزكاة، أما إذا أعفته القوانين من ذلك بحكم الجائحة العامة فإن الأمر يكون في ذلك أوسع، وينظر فيه من جهة العامل نفسه، ومدى استحقاقه للزكاة على النحو السابق.
والله تعالى أعلى وأعلم.

محمد هشام راغب

كاتب وداعية إسلامي

المقال السابق
(9) وفيات كورونا في ألمانيا
المقال التالي
(12) أمهلوا المعسرين والمدينين