زمان اللقطة (الصورة) !!
حتى الأمور الدينية التي يراد بها التقرب الخالص لله سبحانه تجد أن المعتمر أو الحاج أو زائر قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينسى اللقطة حتى في أعظم الأماكن وأدعاها للخشوع وتذكر الآخرة ونسيان الدنيا والخلق جميعا
من أسوأ ما حدث في زماننا هذا أن اللقطة تضخمت عند الكثيرين حتى صارت الغاية ، والمقصد ، ومعيار النجاح ، وسبب الشهرة ، وتحقيق السعادة والإشباع ، وأول ما يتبادر للذهن عند كل موقف ، ولم تعد فقط وسيلة للتوثيق ، ومخزنا للذكريات.
وزاد الطين بلة أن اللقطة لا تبقى في دائرة الخصوصية والتداول بين أصحاب الشأن فقط ، بل صارت مشاعا لكل أحد ، وشركة بين صاحبها وكل عابر ، حتى كاد معنى الخصوصية أن يتقلص إلى حده الأدنى، إن لم يكن قد تلاشى بالكلية.
فالأسرة حينما تخرج في نزهة فأهم شيء الحصول على اللقطة ، والأصدقاء حينما يجتمعون فلابد من اللقطة ، ولحظات النجاح والزواج والتخرج لا تكتمل بهجتها إلا باللقطة ، والمولود أول ما يستهل صارخا فلابد من تصويره ، بل وصل الحال إلى تصوير الموتى ، والمقبورين !!
حتى الأمور الدينية التي يراد بها التقرب الخالص لله سبحانه تجد أن المعتمر أو الحاج أو زائر قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينسى اللقطة حتى في أعظم الأماكن وأدعاها للخشوع وتذكر الآخرة ونسيان الدنيا والخلق جميعا ، ومن يوزع الصدقات على الفقراء لا ينسى اللقطة ، وطالب العلم مع كتبه ودروسه لا ينسى اللقطة .
أما في الشأن العام فلا يهم جودة المشروع ، ولا تحقيق المصلحة ، ولا نفع الناس ، ولا قضاء حوائجهم : المهم فقط هو اللقطة التي تنتج شعورا وهميا بالإنجاز والتقدم ، وتتشغل عليها ماكينات الدعاية الزائفة .
لكن ماذا لو لم يوجد ما يمكن التقاطه ؟
الحل سهل ....نفتعله ونصطنعه اصطناعا ، ثم نصدر اللقطة للناس ونلهيهم بها !
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: