محبة الله عز وجل : موجباتها وثـمـراتها

منذ 2020-09-20

«إن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل : إن الله يحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، فينادي في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض »


الشيخ : عبد اللطيف النمر

يقول الله عز وجل :  {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} ]. حَسْبُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات رفعة وتكريما هذا الفضل الإلهي العظيم ، وذلك العطاء الرباني الكريم : مَنَّ عليهم بمحبته ، وألقى محبتهم في قلوب خلقه ، فأحبهم أهل السماء وأحبهم أهل الأرض .
جاء في الصحيحين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " «إن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل : إن الله يحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، فينادي في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض » " .
وزاد الإمام مسلم في صحيحه : " «وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه ، فيبغضه جبريل ، ثم ينادى في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه ، فيبغضونه ، ثم توضع له البغضاء في الأرض» "  .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :    " «إن الله قال : من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشى بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه » "  .

لقد بين لنا الحديث القدسي – آنف الذكر – النهج القويم والصراط السوي المستقيم إلي محبة الله عز وجل : ألا وهو أداء الفرائض والإكثار من النوافل . كما وضح لنا مبلغ عناية الله عز وجل بمن يحبه ومدى تأييده له وتوفيقه إياه في كل شأن من شؤونه وكل عمل من أعماله .
وهذا الحديث القدسى أقوى بيان وأوضح تبيان للآية الكريمة : [ {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ]  .
فقد أجملت هذه الآية موجبات محبة الله عز وجل ، وموجبات رحمته ومغفرته – في إيجاز وإعجاز – إذْ ذكرت لنا أن أقوم طريق وأهدى سبيل إلي محبة الله ومغفرته ورحمته هو في اتباع ما جاء به نبيه صلي الله عليه وسلم وذلك بإقامة شريعته والعض بالنواجذ علي سنته .
ولما كانت محبة الله عز وجل بتلك المنزلة العالية الرفيعة العظيمة ، وكانت كثيرة الخيرات والبركات في الدنيا والآخرة وكان ما ذُكِرَ بعضُ ثمراتِها ، كانت لذلك غايةَ النبيين ومنتهى أمل المرسلين ، وإليها اتجهت هِـمَمُ الصالحين وتعلقت بها عزائم المقربين ، وكان شعارهم : [لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ العَامِلُونَ]  . [ {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ} ] .
(أ) فمن ذلك استشراف الصحابة – رضوان الله عليهم – لنيلها والفوز بها :
أخرج البخاري في صحيحه ، في كتاب المغازي  ( غزوة خيبر ) عن سهل بن سعد – رضي الله عنه – أن رسول الله صلي الله عليه وسلم ، قال يوم خيبر : " «لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله علي يديه ، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله . قال – أيْ سهل بن سعد – فبات الناس يدركون ليلتهم : أيهم يعطاها ؟ فلما أصبح الناس غـدوا على رسول الله صلي الله عليه وسلم ، كلهم يرجو أن يعطاها . فقال : أين علي بن أبي طالب ؟  فقيل : هو يا رسول الله يشـتـكي عينيه . قال : فأرسلوا إليه ، فَـأُتِيَ به ، فبصق رســول الله صلي الله عليه وســـلم في عينيه ودعا له ، فبرأ حتى كأنْ لم يكنْ به وجع . فأعـطاه الراية . فقال علي : يا رسولَ الله ، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيهم ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم» .
[حُمرُ النعم أي الإبل الحمراء ، وقد كانت أنفسَ أموال العرب ، فأصبحت الجملة بضرب بها المثل في كل نفيس ، وأنه ليس هناك شيء أعظم منه] .
(ب) " أَعْبَد البشر يسأل الله عز وجل حبه " :
فقد كان نبي الله داود عليه السلام أعبدَ البشر ، وكان يسأل الله حبه وحب من يحبه ، والعمل الذي يبلغه حبه : أخرج الترمذى في جامعه عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان من دعاء داود عليه السلام : اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك ، والعمل الذي يبلغني حبك ، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسى وأهلي ومالي ، ومن الماء البارد " . قال : وكان النبي صلي الله عليه وسلم إذا ذكر داود تحدث عنه بقوله : كان أعبد البشر "  .
(ج) " نبينا صلي الله عليه وسلم يسأل الله حبه " :
جاء في الأحاديث القدسية عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الله عز وجل قال لنبيه صلي الله عليه وسلم : " يا محمد إذا صليت فقل : اللهم أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنى إليك غير مفتون " .
وفى رواية أخرى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه – أن الله عز وجل قال لنبيه صلي الله عليه وسلم : " سل . قلت : اللهم أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمنى ، وإذا أردت فتنة قوم فتوفنى غير مفتون .
أسألك حبك ، وحب من يحبك ، وحب عمل يقرب إلي حبك .
قال أبو عيسى الترمذى رحمه الله: حديث حسن صحيح  .

أحب الأعمال إلى الله :

( د) كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يسألونه عن أحب الأعمال إلى الله تعالى : أحبّ أفعل تفضيل ، أي كانوا يسألونه صلي الله عليه وسلم عن الأعمال التي يحبها الله أكثر من غيرها ، يريدون بذلك أن يبلغوا محبة الله من أقرب الطرق ، وقد سجلت لنا السنة المطهرة عددا وفيرا من هذه الأعمال :
(1) فعن أبي عمرو الشيباني قال حدثنا صاحب هذه الدار – وأشار إلي دار عبد الله ابن مسعود – قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : " «الصلاة على وقتها ، " قال : ثم أي ؟؟ قال : بر الوالدين . قال : ثم أي ؟؟ قال : الجهاد في سبيل الله . قال : حدثنى بهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو استنزدته لزادني»   .
(2) وعن معدان بن أبي طلحة رضي الله عنه قال : لقيت ثوبان – رضي الله عنه – مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : أخبرنى بعمل أعمله يدخلنى الله به الجنة . أو قال : قلت بأحب الأعمال إلي الله تعالي فسكت ، ثم سألته فسكت ، ثم سألته الثالثة ، فقال : سألتُ عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «عليك بكثرة السجود ، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة » .
قال معدان ثم أتيت أبا الدرداء فسألته ، فقال لي مثل ما قال ثوبان  .
(3) وعن أبي إدريس الخولاني قال : دخلت مسجد دمشق فإذا فتى برّاق الثنايا ، وإذا الناسُ معه ، فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه ، وصدروا عن رأيه ، فسألتُ عنه ، فقيل هذا معاذ بن جبل – رضي الله عنه – فلما كان من الغد هَجَّرْتُ ، فوجدته قد سبقنى بالتهجير ووجدته يصلي ، فانتظرته حتى قضى صلاته ، ثم جئته من قِـبَـلِ وجهه فسلّمتُ عليه ، ثم قلت : والله إني لأحبك لله ، فقال : آلله ؟؟ فقلت : الله ، فقال : آلله ؟  قلت : الله ، فقال : آلله ؟؟ قلت : الله ، فأخذني بحبوة ردائي فجذبني إليه ، فقال : أبشِر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله تعالى وجبت محبتي للمتحابين فيّ ، وللمتجالسين فيّ ، والمتزاورين فيّ ، والمتباذلين فيّ " . أخرجه مالك في الموطأ بإسناد صحيح .
وقوله : هَجَّرْتُ : أيْ بَكّرْتُ ، وقوله : آلله؟ فقلت : الله ، الأول بهمزة ممدودة للاستفهام ، والثاني بلا مدّ .
(4) جاء في صحيح الإمام مسلم – في كتاب البر والصلة – عن أبي هريرة – رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم : «أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى ، فأرصد الله على مدرجته مَلَكا ، فلما أتى عليه ، قال : أين تريد ؟  قال لا ، غير أني أحببته في الله عز وجل . قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه » .
يقال أرصده لكذا ، إذا وكّله بحفظه . والمَدْرَجة الطريق . ومعنى : هل لك عليه من نعمة تَـرُبُّها ؟ أي تقوم وتسعى في صلاحها .

ثواب المتاحبين في الله ومكانتهم عند الله عز وجل
(‌أ) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " «يقول الله عز وجل يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي » " .
(‌ب) وعن معاذ بن جبل – رضى الله عنه – قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : " «المتحابون بجلالي لهم منابر من نور ، يغبطهم النبيون والشهداء » "  .
(‌ج) وعن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ مِن عبادِ اللهِ لَأُناسًا ما هم بأنبياءَ ولا شُهداءَ، يغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهداءُ يومَ القيامةِ بمكانِهم مِن اللهِ تعالى، قالوا: يا رسولَ اللهِ، تُخبِرُنا مَن هم؟ قال: هم قومٌ تحابُّوا برُوحِ اللهِ على غيرِ أرحامٍ بَيْنَهم، ولا أموالٍ يتعاطَوْنَها، فواللهِ إنَّ وجوهَهم لَنُورٌ، وإنَّهم على نُورٍ، لا يخافونَ إذا خاف النَّاسُ، ولا يحزَنونَ إذا حزِن النَّاسُ، وقرَأ هذه الآيةَ» : { {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} } [يونس: 62].  .

أعمال وصفات أخرى يحبها الله ، أي يحب من يعمل بها ، وقد رغَّب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) عن أبي ذَرّ الغِفاريّ رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ثلاثةٌ يُحِبُّهمُ اللهُ، وثلاثةٌ يُبغِضُهمُ اللهُ، أمَّا الثلاثةُ الذين يُحِبُّهمُ اللهُ: فرَجُلٌ أتى قومًا فسأَلَهم باللهِ، ولم يَسأَلْهم بقَرابةٍ بينَهم فمَنَعوه، فتخلَّفَ رَجُلٌ بأعْقابِهم، فأَعْطاهُ سِرًّا، لا يَعلَمُ بعَطيَّتِه إلَّا اللهُ، والذي أَعْطاه، وقومٌ ساروا ليلتَهم حتى إذا كان النومُ أحبَّ إليهم ممَّا يُعدَلُ به، نَزَلوا فوضَعوا رُؤوسَهم، فقامَ يَتملَّقُني ويَتْلو آياتي، ورَجُلٌ كان في سَريَّةٍ، فلَقوا العَدوَّ فهُزِموا، فأقبَلَ بصَدرِه حتى يُقتَلَ، أو يَفتَحَ اللهُ له، والثلاثةُ الذين يُبغِضُهمُ اللهُ: الشيخُ الزاني، والفَقيرُ المُختالُ، والغَنيُّ الظلومُ  .
(2) وعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه وفد عبد القيس قال للأشج – أشج عبد قيس – " إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة ، "أخرجه الخمسة في كتاب الإيمان "
وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القصد والتؤده وحسن السمت جزء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة ، " أخرجه مالك والترمذى واللفظ له "  .
القصد : التوسط والاعتدال . والتؤده : التأنى والتثبيت .
وحسن السمت : حسن الهينة .
أي أن هذه الخصال من شمائل الأنبياء ، فاقتدوا بهم فيها ، وليس المراد أن من جمع هذه الخصال كان فيه جزء من النبوة ، فإن النبوة غير مكتسبة ولا مجتلبة بالأسباب .
(3) عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «المرء مع من أحب » "متفق عليه " .
(4) وعن أنس بن مالك «أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم : متى الساعة يا رسول الله ؟؟ قال : " ما أعددت لها ؟؟ قال ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكنى أحب الله ورسوله ، قال : أنت مع من أحببت» . (البخارى في كتاب الأدب) .
قوله : ولكنى أحب الله ورسوله : المراد بذلك طاعة الله وطاعة رسوله والاتقياء لما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم : أنت مع من أحببت ، فمعية الله عز وجل للعبد تكون بالعون والهداية والتوفيق .
(5) عن البراء بن عازب رضى الله عنهما قال : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول " الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله " .
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار .
أماكن يحبها الله تعالى ، وأماكن يبغضها الله تعالى
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «إن أحب البلاد إلى الله تعالى المساجد ، وإن أبغض البلاد إلى الله الأسواق» " .
فالمساجد مواطن الذكر والطاعة والعبادة كما قال الله في كتابه : " [ {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ]  .
وقد جعل الله إتيان المساجد وعمارتها بالصلاة والذكر والطاعة من الإيمان فقال سبحانه : " {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ}  .
أما الأسواق فهي مواطن اللهو واللغو والأيمان الكاذبة ، ويؤثر عن سلمان رضى الله عنه : لا تكونن – إن استطعت – أول من يدخل السوق ، ولا آخر من يخرج منها ، فإنها معركة الشيطان ، وبها ينصب رايته " (راجع الحديث 184 من رياض الصالحين في كتاب اللواحق ) .

حب سورة الإخلاص
عن عَمْرَة بنت عبد الرحمن – وكانت في حِجر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم – عن عائشة رضى الله عنها « أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بقل هو الله أحد. فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال : سلوه لأى شئ يصنع ذلك؟ فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها . فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " أخبروه أن الله يحبه "  » .
وعن أنس رضى الله عنه : «كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء ، وكان كلما افتتح سورة يقرأ منها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بقل هو الله أحد ، حتى يفرغ منها ، ثم يقرأ سورة أخرى معها ، وكان يصنع ذلك في كل ركعة . فكلمه أصحابه : فقالوا إنك تفتتح بهذه السورة ، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى ، فإما أن تقرأ بها ، وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى . فقال : ما أنا بتاركها ، إن أحببتم أن أؤمَّكم بذلك فعلت ، وإن كرهتم تركتكم ، وكانوا يرون أنه من أفضلهم ، وكرهوا أن يؤمهم غيره . فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر ، فقال : " يا فلان ، ما يمنعك أن تفعل يأمرك به أصحابك ؟؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة ؟؟ قال إني أحبها . فقال : حبك إياها أدخلك الجنة» "  .
(‌أ) وعن أبي سعيد الخدري « أن رجلا سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد يرددها ، فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، وكأن الرجل يتقالُّها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسى بيده إنها لتعدل ثلث القرآن "» . [البخاري]
(‌ب) وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه : «قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحابِهِ : أيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ في لَيْلَةٍ؟ فَشَقَّ ذلكَ عليهم وقالوا : أيُّنا يُطِيقُ ذلكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فقالَ : اللَّهُ الواحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ القُرْآنِ» . [البخاري] .
(‌ج) وفى صحيح مسلم عن قتادة من قول النبي صلى الله عليه وسلم : « إن الله جزَّأ القرآن ثلاثة أجزاء ، فجعل قل هو الله أحد جزءاً من أجزاء القرآن» " .

هذا والله ولى التوفيق ، وما توفيقى إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب.