مع الفاروق رضي الله عنه - خلافة الفاروق رضي الله عنه

منذ 2020-10-12

«بَيْنا أنا علَى بئْرٍ أنْزِعُ مِنْها إذْ جاءَ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فأخَذَ أبو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أوْ ذَنُوبَيْنِ، وفي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، فَغَفَرَ اللَّهُ له، ثُمَّ أخَذَها عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مِن يَدِ أبِي بَكْرٍ، فاسْتَحالَتْ في يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ، حتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بعَطَنٍ. »

خلافة الفاروق رضي الله عنه

خلافة عمر رضي الله عنه كانت نقطة وعلامة فارقة في التاريخ الإسلامي وبداية لدولة الخافة الكبرى التي امتدت قرون عبر قارات العالم, وهذا ما بشر به رسولنا صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري

«بَيْنا أنا علَى بئْرٍ أنْزِعُ مِنْها إذْ جاءَ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فأخَذَ أبو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أوْ ذَنُوبَيْنِ، وفي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، فَغَفَرَ اللَّهُ له، ثُمَّ أخَذَها عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مِن يَدِ أبِي بَكْرٍ، فاسْتَحالَتْ في يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ، حتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بعَطَنٍ. » الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

الصفحة أو الرقم: 7019 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

  [أخرجه البخاري (7019)، ومسلم (2393)]

وفي هذا الحديثِ: يَروِي عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ رضِي اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رأى في منامِه أنه على بِئْرٍ يَستقِي منها، فجاء أبو بَكْرٍ وعُمَرُ رضِي اللهُ عنهما، فقام أبو بَكْرٍ رضِي اللهُ عنه «فنَزَع ذَنُوبًا أو ذَنُوبَيْنِ»، أي: أَخْرَج من البِئر ذَنُوبًا من ماءٍ، وهو الدَّلْو، أو ذَنُوبَيْنِ، وفي إخراجِه للماءِ ونَزْعِه ضَعْفٌ، وليس في قوله «ضَعْف» حَطٌّ مِن قَدْرِه الرَّفِيع، وإنما هو إشارةٌ إلى قِصَرِ مُدَّةِ خِلافتِه، ثُمَّ جاء عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضِي اللهُ عنه فأَخَذ الذَّنُوبَ مِن يَدِ أَبِي بَكْرٍ، فتحوَّل في يَدِه غَرْبًا، وهو الدَّلْوُ الكبيرُ الذي يُسقَى به البَعِيرُ، وهو أكبرُ مِن الذَّنُوبِ، يقول النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «فلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا في الناسِ يَفْرِي فَرْيَه»، والعَبْقَرِيُّ هو الحاذِق المُتقِن لعملِه، والمعنى: لم أَرَ في النَّاسِ سَيِّدًا عظيمًا ورجلًا قَوِيًّا، وإنسانًا حاذِقًا يَعمل عملَه ويَقطع قَطْعَه، «حتى ضَرَب الناسُ بعَطَنٍ»، والعَطَنُ: مَبْرَكُ الإِبِلِ حولَ الماء، أي: ما زال يُخرِج للناسِ الماءَ حتى نَصَب الناسُ خِيامَهم، وأَقاموا إبلَهم حولَ الماء، وتأويلُ هذا: ما حَصَل مِن طُولِ خلافتِه رضِي اللهُ عنه، وما كان فيها من فَتْحٍ وخَيْر.
وفي الحديثِ: إعلامٌ بخِلافتِهما رضِي اللهُ عنهما، وصِحَّةِ وِلايتِهما، وكثرةِ الانتفاعِ بهما.(الموسوعة الحديثية بالدرر السنية)

يقول الدكتور أكرم العمري:

خلافة عمر بن الخطاب
وكان عمر بن الخطاب مقربًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشيره في المهمات، شهد معه المشاهد كلها، وقد صاهره بالزواج من ابنته حفصة أم المؤمنين، وكان أبو بكر يستشيره كثيرًا، وهو الذي أشار عليه بجمع القرآن، وقد عهد إليه بالخلافة بعد مشاورة كبار الصحابة ورضاهم. ولقب بأمير المؤمنين.

وقد أظهر عمر بن الخطاب في خلافته حسن السياسة، والحزم والتدبير، والتنظيم للإدارة والمالية، ورسم خطط الفتح وسياسة المناطق المفتوحة، والسهر على مصالح الرعية، وإقامة العدل في البلاد، والتوسع في الشورى، "وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أم شبانًا"، ومحاسبة الولاة وفق مبدأ "من أين لك هذا"، ومنعهم من أذى الرعية.

وفتح بابه أمام شكاوي الناس، وتدوين الدواوين، وتعيين العرفاء على العشائر والقبائل. وابتدأ التأريخ الهجري، وكان لا يستحل الأخذ من بيت مال المسلمين إلا حلة للشتاء وأخرى للصيف وناقة لركوبه وقوته كقوت رجل متوسط الحال من المهاجرين.

وتدل خطب عمر بن الخطاب ورسائله إلى الولاة والقادة على بلاغته العالية وبيانه الواضح مع الإيجاز المفيد والبعد عن الإطناب والإغراب والمبالغة، وتعبر بدقة عن شعوره العميق بالمسؤولية تجاه الدين والرعية، مع حسن التوكل على الله والثقة بالنفس. (1)

-----------------------------  

(1) [5] البخاري: الصحيح، 8/ 344. مسلم: الصحيح، 4/ 1913. ابن سعد: الطبقات، 3/ 191، 4/ 281. الطبراني: المعجم الكبير، 1/ 18. أبو نعيم: معرفة الصحابة، 1/ 227. الحاكم: المستدرك، 3/ 81. أحمد: فضائل الصحابة، 1/ 328، 351، 293. يعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ، 2/ 58. محمد حميد الله: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، ص406 - 528.

    أبو الهيثم محمد درويش

    دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

    المقال السابق
    مناقب الفاروق - 3
    المقال التالي
    زهد الفاروق -1