مع الفاروق رضي الله عنه - الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق

منذ 2020-10-24

وقد اتسعت في عهده رقعة الدولة الإسلاميَّة لتصل للقدس الشريف، والعراق ومصر وشمال أفريقيا، وفيما يأتي شرحٌ موسع لأهم الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب.

الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب

تحرّرت في خلافة عمر بن الخطاب الكثير من المناطق العربيَّة التي كانت في سيطرة الفرس والروم، ليصبح في مقدمة الخلفاء الفاتحين في العصر الإسلاميّ، وقد اتسعت في عهده رقعة الدولة الإسلاميَّة لتصل للقدس الشريف، والعراق ومصر وشمال أفريقيا، وفيما يأتي شرحٌ موسع لأهم الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب.

فتح الشام

بتوجيه من الخليفة عمر بن الخطاب بعد استلامه الخلافة طلب من الجنود متابعةَ الفتوح في الشام، وقد افتتح عهده بعزل خالد بن الوليد عن القيادة العامة للقوات العربية في الشام، وأحلَّ محله أبا عبيدة بن الجراح، وأخفى الأمر عن الجيش، وذلك في منطقة تُدعى وادي اليرموك حيث انتصر المسلمون نصرًا مؤزرًا، في معركة سُميت معركة اليرموك التي ستبقى واحدةً من المعارك الحاسمة في التاريخ، وبعد اليرموك أعُلن أبو عبيدة بن الجراح رسميَّا قائدًا للجيش وتوجه لفتح دمشق وبيت المقدس، وأقام أبو عبيدة بمرج الصفر، وهاجم منطقة فحل، وتوجه إلى دمشق وحاصروها، وتوزع قادة الجيش على أبواب دمشق، وتختلف الروايات في كيفية وقوع الفتح، وشرائطه كما اختلفوا في تاريخ الفتح، ومدة الحصار، وأغلب الظن أنَّ المدينة قد فُتحت صلحًا في قسم منها، وحربًا في قسمٍ آخر، وأنَّه فتحت مرتين، مرة قبل معركة اليرموك، ومرة بعد اليرموك كان المسلمون قد وصلوا إلى ما بعد حمص ثم اضطروا إلى التراجع حتى اليرموك.

ولما تمَّ فتح دمشق، ترك أبو عبيدة يزيد بن أبي سفيان في خيله في دمشق، وتوجه مع بقيّة قيادته إلى فحل، وجعل خالد بن الوليد على المقدمة، واشتبك المسلمون مع البيزنطيين في معركة انتهت بهزيمة البيزنطيين، وانتصار المسلمين انتصارًا باهرًا، على الرغم من المياه والأوحال، وانصرف أبو عبيدة مع خالد إلى حمص فصالح أهلها مجددًا على مثل ما صالح به أهل عبيدة زحفه فسار إالى معرة النعمان، وفتحها صُلحًا، وعهد أبو عبيدة بفتح سواحل سورية إلى عبادة بن الصامت، ففتحها عنوة، ثم افتتح انطرسوس وكانت خالية من سكانها، وافتتح جبلة عنوة.

أمّا أبو عبيدة فقد سار مع جيشه الذي في مقدمته خالد بن الوليد إلى قنسرين، فغلب المسلمون على أرضها وقراها، وقتلوا ميناس قائد جيش الروم، وصالح أبو عبيدة أهلها على مثل ما صالح أهل حمص، ثم دعاهم إلى الإسلام، فأسلم بعضهم وأقام بعضهم الآخر على النصرانيَّة، ورحل أبو عبيدة إلى حلب، وفي مقدمته عياض بن غنم، وافتتحها صُلحًا، ومن هناك زحف إلى أنطاكيا، واشتبك مع أهلها، وألجأهم إلى المدينة، فصالحوا على الجزية، والجلاء، وما زال أبو عبيدة يفتح المدن حتى بلغ الفرات، وسيّر قواده في بعوث إلى منبج، ودلوك ورعبان وبالس، فافتتحوها صُلحًا.

وتوجه المسلمون إلى فلسطين بقيادة عمرو بن العاص، فسار إلى أجنادين التي كانت فيها بقايا من الروم فحاصرهم حصارًا شديدًا وهزمهم، فهربوا إلى إيلياء، فسار وراءهم وحاصرهم، فطلب من أهلها الصلح على أن يكون المتولي لشروط الصلح عمر بن الخطاب نفسه، خوفًا من أن تتعرض كنيستهم العظمى لأعمال التخريب، فقبل عمر بن الخطاب أن يتولى هذا الشرط، وسار إلى القدس في عام 16هجريّة، وبدخول عمر بن الخطاب إلى القدس، انتهت حقبة من عدم الاستقرار السياسي والمظالم الدينية التي مارسها أباطرة بيزنطة ضدَّ الذين خالفوهم بالمعتقد الكنيسي، وعلى هذا يكون المسلمون قد نظفوا بلاد الشام كلها من الجيوش البيزنطيَّة.

فتح العراق

وفي الحديث عن الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب لا بدّ من الحديث فتح العراق وبلاد فارس، فقد كتب المثنى بن حارثة إلى الخليفة عمر يستحثه على انتهاز فرصة جلوس يزدجرد الثالث على العرش وكان حديث السن، للهجوم وخصوصًا بعد انتصار العرب في أجنادين، ونفَّذ الخليفة ذلك ، ولكن الجيوش الفارسيَّة بقيادة رستم دحرت جيوش العرب في موقعة الجسر، وقُتل المُثنى في هذه المعركة، وأبو عبيدة بن مسعود الثقفي، فعهد الخليفة بالقيادة إلى سعد بن أبي وقاص، فقصد سعد القادسية، وانتصر في معركة القادسية الشهيرة ودحر جيوش الفرس.

وأسّس سعد مدينة الكوفة، ثم توغل واستولى على الحدائق قرب دجلة، وهرب يزدجرد وجمع حوله جيشًا من جديد، وتبعه سعد وأوقع به وبجيشه وأسر إحدى بنات كسرى، وقتل عددًا كبيرًا منهم، ومن أثر ذلك أن أعتنق الدهاقون الإسلام، فأقرهم الخليفة عمر على ما بيدهم، ورفع عنهم الجزية، فهرب يزدجرد إلى خراسان، وأرسل الخليفة عمر مجموعة من القادة ففتحت نهاوند، والأهواز وقم وقاشان وأصبهان والري وطبرستان صُلحًا، وفتحت أذربيجان عنوةً، وتوقفت الفتوحات باستشهاد الخليفة عمر. 

فتح مصر

تعدّدت الروايات حول أول من فكّر في فتح مصر، إلا أنَّ الواقع يوضح أنَّ فتح مصر كان استجابة لإلحاح عمرو بن العاص على الخليفة عمر بن الخطاب، فبعد أن انتهى من الشام، سار عمر بن العاص سنة 18هجريّة إلى مصر، ويُقال أنَّ القبط ساعدوا العرب بسبب الاضطهاد الديني الذي لاقوه من البيزنطيين، وحاصر عمرو بن العاص الاسكندرية عام 20هجريَّة، والتي امتنعت عن العرب بسبب متانة أسوارها، وحاصروها أربعة أشهر إلى أن سقطت عنوةً، فجعل الخليفة أهلها أهل ذمة، وأبقى المقوقس على رئاسة قومه، لم يكتفي عمرو بن العاص بفتح الاسكندرية والوقوف في مصر، بل كان يريد القضاء على البيزنطيين في شمال افريقيا، فاكتسح برقة والتي كانت تُعرف بمدينة أنطابلس عام 21هجريَّة، وتبعها بفتح طرابلس عام 23هجرية.
------------------ 

من بحث  منشور بموقع سطور بنفس العناون
 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
ورع الفاروق
المقال التالي
تواضع الفاروق رضي الله عنه