باع دينه بعرض من الدنيا

منذ 2021-01-03

{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [1].

 

تأمَّلْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}. ثم انظر إلى حال كثير من الناس كيف باعوا دينهم بعرض من الدنيا، بل إن بعضهم يبيع دينه بدنيا غيره.

 

ومهما كان ذلك الذي يتقاضاه ثمنًا لذلك فهو قليلٌ، بل أقلُ مِنَ القليلِ؛ وقد قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عن الدنيا بأسرها: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} [2].

 

ومِنْ عهدِ اللَّهِ تَعَالَى الذي أخذه على بعض عباده أن يُبَيِّنُوا دين الله لِلنَّاسِ وَلا يَكْتُمُونَهُ، كما قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [3].

 

والآية وإن نزلت في أحبار اليهود وقساوسة النصارى، فإنها تشمل كل من كتم حكمًا شرعيًّا، أو بدله، لتحقيق غرض دنيوي، من تحصيل منصب، أو تحقيق جاه، أو نيل مال؛ فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

 

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ فَسَدَ مِنْ عُلَمَائِنَا كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَمَنْ فَسَدَ مِنْ عُبَّادنا كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنَ النَّصَارَى.

 

وكم رأينا من ينكرُ معلومًا من الدين بالضرورة، ويطعن في ثوابت الدين، ويسخر من شعائره ليتزلف لأحدهم، ويرجعُ فرحًا منتشيًا بما نالَ من غنيمةٍ، ونسي البائسُ أنَّهُ بذلَ مِنْ أجلها دِينَهُ، وأن ما حصله عرضٌ قليلٌ، ومتاعٌ زائلٌ، وأنه خَسِرَ دينه قبل أن يربح ما ربح، إن جاز أن يسمى ذلك ربحًا.

 


[1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 77.

[2] سورة النِّسَاءِ: الآية/ 77.

[3] سورة آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 187.

______________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب