يا رجال الليل جدوا
يا رجال الليل جدوا رب داعٍ لا يردُ ما يقوم الليل إلا من له عزم وجدُ
بقلم/ ماهر جعوان
يا رجال الليل جدوا رب داعٍ لا يردُ
ما يقوم الليل إلا من له عزم وجدُ
ليس شيء كصلاةِ الليل للقبر يعدُ
قيام الليل زاد المسافرين إلى جنات رب العالمين والرفيق على الطريق والأنيس وقت الضيق وقائد المعارك وفارس الانتصارات وكابح الشهوات ومحطم الهواجس والوساوس ومطهر الآثام، وكنز العباد وثغر المرابطين ودأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين، رهبان الليل فرسان النهار.
قيام الليل تفكر وتأمل وخلوة وتوبة وعهد ووعد ومحاسبة ونور وضياء ومحبة.
قيام الليل ملاذ المظلومين فسهام الليل لا تخطئ ودعاء السحر وسهام القدر لا تخيب.
قيام الليل سلاح الداعية يضمد به الجراح ويفتح به القلوب والعقول يدعوهم بالنهار ويدعوا لهم بالليل.
قال ﷺ: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»[مسلم].
ففيه يَحْصُلُ العبدُ على كلِّ خير للدنيا والآخرة فكم من فرص وخيرات وبركات لا تعد ولا تحصى نفوت على أنفسنا؛ قال ﷺ: «إنَّ من اللَّيل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرًا إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة» . [مسلم ]
قال ﷺ: «يا أيُّها النَّاس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلُّوا باللَّيل والناسُ نيامٌ تدخلوا الجنة بسلام» [التِّرمذيُّ صحيح ]
وقال ﷺ لمعاذ رضي الله عنه : «ألا أَدُلُّك على أبواب الخير؛ الصوم جُنَّةٌ، والصَّدقةُ تطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، ثم تلا» : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (التِّرمذيُّ صحيح)
فصلاة الليل تمثل عبادة خفاء ينادي إليها الله دون مؤذن ولا مسجد فينزل إلى السَّماء الدُّنيا في ثلث الليل الأخير قال ﷺ «إذا كان ثُلُثُ الليلِ أو شَطْرُه يَنزِلُ اللهُ إلى سماءِ الدنيا فيقولُ هل من سائلٍ فأُعطيَه هل من داعي فأستجيبَ له هل من تائبٍ فأتوبَ عليه هل من مستغفِرٍ فأغفرَ له حتى يَطْلُعَ الفجرَ» . صحيح
فالجزاء من جنس العمل كما أنهم تتجافى جنوبهم عن المضاجع في ظلمة الليل فلا يراهم أحد ولا يتطلع إليهم أحد فكذلك لا يعلم أحد إلا الله ما أعد لهم من قرة أعين مما لا يخطر على قلب بشر جزاء بما كانوا يعملون.
{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار.
وحثناﷺعلى قيام الليل ورغّب فيه قائلا: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد» (أحمد صحيح)
وقال ﷺ : «في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها} فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: {لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام» [صحيح].
وقال ﷺ: «أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس» [الحاكم حسن].
ورهبنا ﷺ من تركه، ذكر عنده رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه» [متفق عليه].
وكان زمعة العابد يقوم فيصلي ليلاً طويلاً، فإذا كان السحر نادى: (يا أيها الركب المعرِّسون، أكُل هذا الليل ترقدون؟ ألا تقومون فترحلون!! فيسمع من هاهنا باكٍ، ومن هاهنا داع، ومن هاهنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى: عند الصباح يحمد القوم السرى).
- التصنيف: