وسائل التواصل الاجتماعي
أما الآن فصرت تعرف عن صاحبك آراءه السياسية ، واتجاهاته العقدية والفكرية ، ومواقفه من الأشخاص والأحداث ، والتي كثيرا ما تصدمك
مع أن وسائل التواصل الاجتماعي يفترض فيها أنها سهلت التواصل ، ووسعت من دائرته ، وقوت روابطه ، إلا أنها كثيرا ما فعلت العكس ، وكانت سببا في تقطيع الأواصر ، وتعكير صفو العلاقات ، وغرس الضغينة ، وتأجيج العداوات .
ومن ذلك أنك - قديما - كانت علاقتك بكثير من زملاء العمل والجيران والمعارف عموما مبنية على الستر ، ومقتصرة على القدر المعقول من المعرفة العامة ، التي تحافظ على الود وحقوقه ، ويبقى كل طرف محتفظا بقناعات ، وآراء ، ومواقف لا تظهر إلا نادرا وفي إطار محدود .
أما الآن فصرت تعرف عن صاحبك آراءه السياسية ، واتجاهاته العقدية والفكرية ، ومواقفه من الأشخاص والأحداث ، والتي كثيرا ما تصدمك ، وتقول يا ليتني ما عرفت ، وبقي الطابق مستورا .
ولا تقولن : لماذا لا نجعل الخلاف غير مفسد للود قضية ؟ فما أسهل ذلك نظريا وأصعبه عمليا ، ولا يطيق سلامة الصدر إلا الأقلون .
وفي السنن بسند فيه كلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لَا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا؛ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ»
وهكذا الحال ، كثيرا ما يقول المرء : ليتني ما عرفت أن فلانا صديقي يتبني تلك المواقف الصادمة ، وليت الود القديم بقي كما هو لم يعكر صفوه شيء ، والله المستعان !!
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: