عذاب يوم القيامة عظيم وشديد

منذ 2021-06-12

قال الله عز وجل: ( { وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} ) [السجدة:14] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: الدائم.

الحمد رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فعذاب يوم القيامة عذاب عظيم وشديد, قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}  [الحج:1-2] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}  أي: أمر عظيم, وخطب جليل وطارق مفظع وحادث هائل وكائن عجيب والزلزال هو ما يحصل للنفوس من الرعب والخوف. {تَذْهَلُ  كُلُّ مُرْضِعَةٍ} أي: فتنشغل لهول ما ترى عن أحب الناس إليها, والتي هي من أشفق الناس عليه, تدهش عنه في حال إرضاعها له,

ولهذا قال: ( { كُلُّ مُرْضِعَةٍ } ) ولم يقل مرضع, ( { عَمَّا أَرْضَعَتْ } ) أي: عن رضيعها قبل فطامه, وقوله: ( {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} ) أي: قبل تمامه لشدة الهول.( {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ} ) أي من شدة الأمر الذي قد صاروا فيه قد دهشت عقولهم, وغابت أذهانهم فمن رآهم حسب أنهم سكارى  { وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ

والعذاب في الآخرة ألوان متعددة, فمنه:

الألم البدني:  

قال الله عز وجل: { إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما}  [النساء:56]

وقال الله عز وجل: {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد * كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق}   [الحج:19-22]

وقال عز وجل: { وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم } [محمد:15]

وقال عز وجل: {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما}  [النساء:56] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال الأعمش عن ابن عمر: إذا احترقت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها.  

وهذا العذاب ليس فيه تخفيف, قال الله عز وجل: ( {فلا يخفف عنهم العذاب } ) [البقرة:86]. قال العلامة السعدي رحمه الله: باق على شدته, ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات. وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: أي: لا يهوَّن عنهم  لا زمناً, ولا شدة, ولا قوة.

وقال عز وجل: ( { وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون} ) [النحل: 85] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي: لا يفتر عنهم ساعة واحدة.

الألم النفسي:

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: عذاب...الكفار عذاب مؤلم ألماً نفسياً, دليله قوله تعالى: ( { قال اخسئوا فيها ولا تكلمون} ) [المؤمنون:108] وقال الله عز وجل: ( {كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون} ) [السجدة:20] وهذا ألم قلبي يحصل بتوبيخهم

قال الله عز وجل: ( {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق} ) [الحج:22] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وقوله: ( {وذوقوا عذاب الحريق } ) كقوله: ( {وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون} ) ومعنى الكلام أنهم يهانون بالعذاب قولاً وفعلاً.

وقال الله عز وجل: ( {إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب} ) [البقرة:166] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: من فوائد الآية: أن الله سبحانه وتعالى يجمع يوم القيامة بين الأتباع والمتبوعين توبيخاً, وتنديماً لهم, ويتبرأ بعضهم من بعض, لأن هذا – لا شك – أعظم حسرة إذا صار متبوعه الذي كان يعظمه في الدنيا يتبرأ منه وجهاً لوجه

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وقوله:  { وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة:174] وذلك لأنه غضبان عليهم لأنهم كتموا وقد علموا, فاستحقوا الغضب, فلا ينظر إليهم, ولا يزكيهم أي: يثني عليهم ويمدحهم. وقال العلامة محمد بن صالخ العثيمين رحمه الله: من فوائد الآية: غلظ عقوبة هؤلاء بأن الله تعالى لا يكلمهم يوم القيامة ولا يزكيهم والمراد كلام الرضا وأما كلام الغضب فإن الله تعالى يكلم أهل النار, كما قال تعالى: : ( {قال اخسئوا فيها ولا تكلمون } )   [المؤمنون:108]  

وقال الله عز وجل: ( { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين} ) [الحج:57] قال العلامة السعدي رحمه الله: كما استهانوا برسله وآياته, أهانهم الله بالعذاب.

وقال الله عز وجل: ( {سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون} ) [الأنعام:124] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: هذا وعيد شديد من الله وتهديد أكيد لمن تكبر عن اتباع رسله والانقياد لهم فيما جاءوا به فإنه سيصيبه يوم القيامة بين يدي الله صغار وهو الذلة الدائمة.

وقد وصف العذاب في الآخرة, بأوصاف عظيمة, فمن ذلك:

عذاب الحريق:

قال عز وجل: ( { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق} )[آل عمران:181] قال العلامة السعدي رحمه الله: المحرق النافذ من البدن إلى الأفئدة

عذاب الهون:

قال عز وجل: ( {فاليوم تجزون عذاب الهون} ) [الأحقاف:20] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: عذاب الهون: الإهانة والخزي, والآلام الموجعة, والحسرات المتتابعة, والمنازل في الدركات المفظعه أجارنا الله سبحانه وتعالى من ذلك كله.

وقال العلامة السعدي رحمه الله: أي: العذاب الشديد الذي يهينكم ويفضحكم.

عذاب السموم:

قال الله عز وجل: ( {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} ) [الطور:27] قال العلامة السعدي رحمه الله: أي: العذاب الحار, الشديد حره

عذاب أليم:

قال عز وجل: ( {ولهم عذاب أليم} )[البقرة:10] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (أليم) أي: موجع. وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ( أليم ) أي: مؤلم.

وقال العلامة السعدي رحمه الله: مؤلم لقلبه ولبدنه.

عذاب شديد:

قال عز وجل: ( {لهم عذاب شديد } ) [آل عمران:4] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: العذاب هنا بمعنى العقوبة, والشديد: القوي. يعني العقوبة قوية.

 

عذاب عظيم:

قال عز وجل: ( {ولهم عذاب عظيم} ) [آل عمران:176] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ( عظيم ) أي: ذو عظمة,...أي: أنه شيء عظيم عظماً كبيراً.

عذاب مقيم:

قال الله عز وجل: ( {ولهم عذاب مقيم} ) [المائدة:37] قال العلامة السعدي رحمه الله: دائم شديد مستمر.

وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله( ولهم عذاب مقيم ) نسأل الله العافية (عذاب مقيم) دائم.

عذاب غليظ:

قال الله عز وجل: ( {ولنذيقنهم من عذاب غليظ} ) [فصلت:50] قال العلامة السعدي رحمه الله: أي: شديد جداً.

عذاب السعير:

قال الله: (كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) [الحج:4] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: الحار المؤلم المقلق المزعج.

عذاب مهين:

قال عز وجل: ( {وللكافرين عذاب مهين} ) [البقرة:90] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ( مهين ) أي: ذو إهانة وإذلال, ولو لم يكن من إذلالهم حين يقولون: ( {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} ) [المؤمنون:107] إلا قول الله عز وجل لهم: ( {قال اخسئوا فيها ولا تكلمون} ) [المؤمنون:108] لكفى,...فعذاب أهل النار – والعياذ بالله – عذاب مهين, أي: ذو إهانة, لأنهم يقرعون ويوبخون.

 

عذاباً نكراً:

قال عز وجل: ( {قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا} ) [ا لكهف:87] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي: شديداً بليغاً وجيعاً أليماً.

عذاب الحميم:

قال الله عز وجل: ( { ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم} ) [الدخان:48] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يصب الحميم على رأسه, فينزل في بدنه, فيسلت ما في بطنه من أمعائه, حتى تمزق من كعبيه, أعاذنا الله تعالى من ذلك.

عذاب الخلد:

قال الله عز وجل: ( { وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} ) [السجدة:14] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: الدائم.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: { يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم}  [المائدة:37] كما قال تعالى:  {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق}  [الحج:22] فلا يزالون يريدون الخروج مما هم فيه من شدته وأليم مسه, ولا سبيل لهم إلى ذلك, كلما رفعهم اللهب فصاروا في أعلى جهنم ضربتهم الزبانية بالمقامع الحديد فيردون إلى أسفلها.

اللهم إنا نعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.

                   كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ