ليتني ولحظات النجوى
تزودوا بزاد التقوى وانغمسوا في مر الصبر.. إن نتاجه حلاوة الشهد لمن ذاب فيه وتعايش معه، ورضي به دون قنوط أوملل..
ما وجدتُ للنفس مخرجًا من لحظات النجوى إلا العفة، التي هى منجاة من وساوس النفس الأمارة بالسوء، وجدار من الحياء نحتمي به من هفواتنا، قد يظن البعض أن الشعور بلذة المعصية لا يفوقه أي شعور، لكن حين يعتصر قلوبَهم الندم سيذوقون ألم ما مضى من فجور النفس، حينها سيذكرون قول الله عز وجل: {يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 28-29].
نعم.. خلق الله الإنسان ضعيفًا، لكن الله برحمته دلنا على الحصن الأمين، الذي به ننأى عن حسرة الغفلة والذلة {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]؛ العفة قرينة للنفس اللوّامة التي إن باتت تلوم وتلوم ستصير بأمر الله نفسًا مطمئنة يحبها الله، ويتباهى بها، لذلك تزودوا بزاد التقوى وانغمسوا في مر الصبر.. إن نتاجه حلاوة الشهد لمن ذاب فيه وتعايش معه، ورضي به دون قنوط أوملل..
أحبتي في الله:
نعم.. النفس تريد العشق والهوى؛ لأنها الأمارة بالسوء، وإن ندمت تراجعت واستحيت من فعلها فتصبح نفسًا لوامة، كثيرة اللوم والحسرة والذل لرب العالمين، هو الذي يعلم سرها ونجواها وإن داومت على اللوم وظلت في مراقبة لأفعالها كشف الله لها النور فصارت مطمئنة بمعية الله، ولا يكون منها إلا أن تجلس على أعتاب أبواب رحمته على باب المساكين؛ ثم تزداد شوقًا فتمكث على باب الصابرين حتى تستقر خاشعة متبتلة راضية على باب المتقين، ولرب الناس حامدة، ليكون الفوز كله هو الود والقرب منه.
{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف: 18] ألا تحبون الفوز بتاج العفة؟ ألا تودون أن تستظلوا بظل الله؟ ألا تتمنون النظر إلى وجه الله جلّ وعلا؟ إذًا فلنطِعْه ولا نهيم وراء شهوة الجوارح؛ بل نقاوم ونجاهد أنفسنا ليكون النصر والفلاح؛ فنلبسها لباس التقوى فلا تعرى بعده أبدًا،{وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}[الأعراف: 26]، فصبرٌ بعده تسليم، بعده فرج، بعده جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
_______________________________________
الكاتب: عفاف عبدالوهاب صديق
- التصنيف: