كيف تسربت العلمانية إلى المسلمين
وتزامنا مع محاربة الاحتلال للعقيدة الإسلامية، والعاملين لها، رسخ الاحتلال هيمنته الثقافية مع هيمنته العسكرية، من خلال تأسيس الصحف والمجلات الموالية له، كما أسس الجامعات والجمعيات والإرساليات والمسارح الأجنبية
بعد أن كان الإسلام عقيدة سائدة في العالم الإسلامي، بما فيها من وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية، والولاء الإيماني بين المسلمين، ووحدة بلادهم، بدأ تسرّب العلمانية إلى بلاد الإسلام، مع غزو نابليون والاحتلال الفرنسي والبريطاني والإيطالي، ثم سعي ذلك الاحتلال إلى ترسيخ أقدامه من خلال "محمد علي" الذي سعى إلى إرسال البعثات الدراسية إلى فرنسا، حتى تنقل ما رأته إلى المجتمعات العربية.
وقد كان هؤلاء المبتعثون يمدحون الحضارة الفرنسية، ويدعون إلى الأخذ بكل ما أخذت به فرنسا، وكانوا يمدحون مفكري عصر "التنوير" الأوربي الذين أسسوا الفلسفات العلمانية مع قيام الثورة الفرنسية؛ مثل مونتسكيو، وجان جاك روسو، وإمانويل كانت، وفرانسيس بيكون، وديفيد هيوم، وجون لوك، وآدم سميث، وديدرو، وفولتير، ويثنون على كتبهم العلمانية؛ مثل: روح الشرائع، والعقد الاجتماعي، ونظرية المشاعر الأخلاقية، فبدأ تسلل الفكر العلماني إلى العالم الإسلامي، لا سيما بعد ترجمة كتب عصر "التنوير" التي تأثرت بها طبقة المثقفين في مصر.
وتزامنا مع محاربة الاحتلال للعقيدة الإسلامية، والعاملين لها، رسخ الاحتلال هيمنته الثقافية مع هيمنته العسكرية، من خلال تأسيس الصحف والمجلات الموالية له، كما أسس الجامعات والجمعيات والإرساليات والمسارح الأجنبية والمحافل الماسونية، مثل المحافل البريطانية والفرنسية التي استهدفت الغزو الثقافي والاختراق المعرفي لمجتمعاتنا.
وبعد كتابة الشيخ علي عبد الرازق "الإسلام وأصول الحكم"، لإنكار تحكيم الشريعة الإسلامية، عمل الاحتلال على ترجمة ونشر هذا الكتاب، فأقال الأزهر الشريف كاتبه، وجرّده من درجته العلمية، وردّ عليه علماء الإسلام، وفندوا ما جاء به من هدم لأصول الإسلام. ومنذ ذلك الوقت، توالت كتابات، وانتشرت أفكار طبقات كاملة من المدلسين والمنتفعين الذين أنكروا أصول الإسلام، ووجوب تطبيق الشريعة، ونشروا العلمانية التي تهدف إلى جعل الإسلام مجرد شعائر صورية.
وقد تسربت العلمانية إلى المجتمعات الإسلامية من خلال:
- كتابات المستشرقين والعلمانيين والمأجورين
- الاحتلال العسكري
- البعثات إلى الخارج
- إرساليات التنصير
- المدارس والجامعات الأجنبية
- وسائل الإعلام
- الأحزاب والمنظمات العلمانية
هاني مراد
كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.
- التصنيف: