حرب الشيطان
وما عبادة الشيطان، واندلاع الحروب، وسيطرة الربا ورأس المال، إلا نتائج هذه الحرب. فحريّ بمن كان طرفا في هذه الحرب، ألا يغفل عن عدوّه، كما لا يغفل عدوّه عنه!
عندما أتذكر الشيطان، أتذكر أفلام الكرتون التي كنّا نشاهدها صغارا؛ حيث يسعى أحد الأشرار إلى السيطرة على العالم كله بسلاح فتّاك. فالشيطان يشنّ حربا لا هوادة فيها، حربا فعلية تتوافر لها كل مقوّمات الحرب، حتى كان سؤال الملائكة الأول: " {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} ؟"
فهو يملك جنودا: "وجنود إبليس أجمعون"، وهؤلاء الجنود يتميزون بالولاء له: "أولياء الشيطان"، وقد كوّن بهم حزباً: "حزب الشيطان". وهو يرسلهم في سرايا: "يبعث سراياه فيفتنون الناس". وهؤلاء الجنود يتعرّضون للأسر والتقييد: "إذا جاء رمضان... صُفدت الشياطين".
ولإبليس عرش يضاهي به عرش الرحمن: "إن لإبليس كرسيا فوق الماء"، وهذا الكرسي فوق ما له من رمزية، فإنه يمثل مركز قيادته لإدارة المعركة. وهؤلاء الجنود يستخدمون السهام: "النظرة سهم من سهام إبليس"، ويصوبون بها نحو القلب: "يصيب بها قلب المؤمن".
وفي هذه المعركة، يُستخدم التنصت: "وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع"، ويُضرب الحصار: "لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم".
ويسعى إبليس إلى احتلال أماكن بعينها ويرفع فيها رايته: "لا تكوننّ أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته". ولذا كانت السوق شرّ الأماكن: "أشرّ الأماكن الأسواق".
ويتبع الشيطان أساليب الخداع الاستراتيجي: "سوّل لهم وأملى لهم"، ولا ييأس من تحقيق هدفه: "ما تركته حتى فرّقت بينه وبين زوجته"، كما يتبع أسلوب الخطوات والتدرّج للإيقاع بفريسته: "لا تتبعوا خطوات الشيطان".
كما يخوّف المؤمن: "يخوّف أولياءه"، ويستزله: "إنّما استزلهم الشيطان"، وينسيه: "وإمّا ينسينّك الشيطان"، ويوسوس له: "الوسواس الخنّاس"، ويفتنه: "لا يفتننكم الشيطان"، وينزغه: "وإمّا ينزغنّك من الشيطان"، ويصدّه: "ولا يصدنّكم الشيطان".
وما عبادة الشيطان، واندلاع الحروب، وسيطرة الربا ورأس المال، إلا نتائج هذه الحرب. فحريّ بمن كان طرفا في هذه الحرب، ألا يغفل عن عدوّه، كما لا يغفل عدوّه عنه!
هاني مراد
كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.
- التصنيف: