بشريات عظيمات لأصحاب الأعمال الصالحات في هذه الأيام المباركات
أيها الإخوة الكرام؛ هذه بشريات لأصحاب الأعمال الصالحات في هذه الأيام المباركات، قال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9]، وقال سبحانه: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 47] وصف الأجرَ الفضلَ بأنه كبير، مقابل عملك الحقير، القليل الصغير، وأيضا وصف الأجر بالعظمة، فالعظيم إذا وصف أمرا بالعظيم فهو عظيم، قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40] وقال سبحانه: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 146].
الكبير سبحانه يصف أجره وفضله بالكِبَر والعظمة، إذا كم يكون؟ فلنستمع إلى هذه الكلمات من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، تبين لك مدى ما عند الله من أجر وفضل، فـأعمالٌ من عباد الله قليلة، وأجور من الله جليلة، وكثيرة فـهل تحب يا عبد الله أن تحصِّلَ أجرَ عمرة في هذا الزمن الذي منعنا منه من العمرة، ومنع ملايين المسلمين من الحج بسبب الوباء ونحوه، لكنّ بعض الناس يتحصل على هذه الأجور وهو في منزله، وهو في بيته، وهو في حيّه، وهو في قريته، والسؤال هو: هل تحب أن تحصِّل أجرَ خمسِ حججٍ في اليوم والليلة الواحدة؟ وكتابٍ في عِلِّيين؟!
هذا ما ثبت عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ».
وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى" -يريد أن يصلي صلاة الضحى- لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ؛ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ.
وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ"، [د] [558]، وقَالَ أَبُو أُمَامَةَ -راوي الحديث رضي الله عنه-: [الْغُدُوُّ وَالرَّوَاحُ إِلَى هَذِهِ الْمَسَاجِدِ مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّه]. [حم] [22304].
لا تلغُ بين الصلوات واترك اللغو، {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}. [المؤمنون: 3]، تأخذ هذا الأجر كتابك في عليين.
وعنه -أي عن أبي أمامة أيضا رضي الله عنه عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ مَشَى إِلَى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ في الجَمَاعَةِ فَهِيَ كَحَجَّةٍ، وَمَنْ مَشَى إِلَى صَلاَةِ تَطَوُّع فَهِيَ كَعُمْرَةٍ نَافِلَةٍ»، [طب] [7578]، صحيح الجامع: [6556].
يصلي النوافل والرواتب ما قبل الفجر، وما قبل الظهر، وما قبل غيرها من الصلوات يصليها في المسجد، هذه له أجر عمرة، ففي عشرة أيام هذه كم تتحصل يا عبد الله؟ خمس حجات في اليوم، إذا خمسين حجة في العشر أيام، خمس عمرات، خمسين عمرة، أجر الله كبير، أجر الله عظيم.
وهل تطمعُ يا عبد الله؛ في أن تُدخل الجنَّة، وهل تشتهى أن تُبنَى لك بيوتٌ فيها، ومنازل؟؟
هذا ما ثبت عند مسلم وغيره، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِحَدِيثٍ يَتَسَارُّ إِلَيْهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ حَبِيبَةَ، تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ». قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: [فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، فكم بيتا بني لها؟! وَقَالَ عَنْبَسَةُ -راوي الحديث عن أم حبيبة-: [فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ]، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ -راوي الحديث عن عنبسة-: [مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَنْبَسَةَ]، وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ -تلميذ عمرو بن أوس-: [مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ]، [م] 101- [728].
والثنتا عشرة ركعة كلنا نفعلها، ونقصر في بعضها، وهي: اثنتان قبل الفجر، وهي معروفة، وأربعا قبل الظهر، واثنتان بعد الظهر، واثنتان بعد المغرب، واثنتان بعد العشاء، فحافظوا عليها يا عباد الله.
إذن لو فعلت ذلك فى العشر الأولى من ذي الحجة لَبُنِيَ لك عشرة بيوت في الجنة بإذن الله.
وهناك قناطير في الجنة من الأجر والثواب، ينالها الإنسان في هذه الأيام العشر، فهل تعلم أنك لو قُمت الليل فصليت عدَّة ركعات، ومجموع ما قرأت فيها بـألف آية؛ لَكُتِبَ لك قنطارٌ من الأجر.
ألف آية، لو نظرنا إلى سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام، آياتها تسعمائة وسبع وأربعون آية حسب الآلة الحاسبة، وخذ ثلاثا وخمسين آية من سورة الأعراف، تمم الألف آية.
أو اقرأ سورة الأعراف كلها، فتجد الأمر لم يتجاوز العشرة أجزاء، يقرؤها الإنسان في ليلة، في الصلاة أو قراءة، فهذا إنسان ينال القنطار.
والقنطار عندنا [ثلث طن]، أكثر من ثلاثمائة كيلو، الثلاثمائة كيلو لو جاءتك إلى بيتك أكياس وزنها ثلاثمائة كيلو من قمح، أو شعير أو ذرة، أو أرز أو تمر، ألا تفرح بثلاثمائة كيلو؟ فكيف إذا جاءتك ثلاثمائة كيلو من فضة؟! فكيف إذا جاءتك ثلاثمائة كيلو قنطار من ذهب؟!!
فكيف إذا كان القنطار من حسنات من عند الله عز وجل؟ [والقنطارُ خيرٌ من الدنيا وما فيها]، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ؛ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ. وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ؛ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ. وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ؛ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ». [د] [1398]، [حب] [2572]، صَحِيح الْجَامِع: [6439]، الصَّحِيحَة: [642].
[كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ]، أَيْ: كُتِبَ مِمَّنْ أُعْطِيَ أَجْرًا عَظِيمًا. عون المعبود [ج3/ ص335].
هذا في يوم وليلة، فكيف في العشر ليالي عشرة قناطير من الأجر بإذن الله.
هل تطمعُ يا عبد الله أن يدعو لك صالح من الصالحين؟ تحب ذلك! فكيف لو دعا لك اثنان؟ أو عشرة؟
لكن إذا كان الدعاء من ملك من ملائكة الله؟ كيف يكون حالك؟ وهل تسعى لذلك؟
فكيف إذا كان عشرات الملائكة إذا فعلت عملا معينا دعوا لك.
وهذا ما ثبت عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم -في شأن زيارة المريض: «مَنْ أَتَى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ عَائِدًا»، يعني مريض وزاره- «مَشَى فِي خَرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ»، -يمشي في ثمر مجموع من ثمار الجنة-، «فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِنْ كَانَ [عَادَهُ] غُدْوَةً»، -أي زاره في الصباح- «صَلَّى عَلَيْهِ» -أي دعا له- «سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ» -ليس رجلا صالحا ولا عشرة من الرجال، بل ملائكة سبعون ألف ملك حتى يمسي-. «وَإِنْ كَانَ [عَادَهُ] مَسَاءً، صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الجَنَّةِ». والحديث بزوائده عند: [ت] [969]، [د] [3098]، [جة] [1442] [حم] [612]، الصَّحِيحَة: [1367].
و «مَشَى فِي خَرَافَةِ الْجَنَّةِ» أَيْ: مَشَى فِي اِجْتِنَاءِ ثِمَارهَا،...
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا، أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ؛ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنْزِلًا». [ت] [2008]، [خد] [345]، [جة] [1443]، انظر صحيح الجامع: [6387] وصحيح الترغيب: [2578].
إذن؛ لو فعلت هذا الأمر في عشرة أيام سبعون ألف ملك يدعون لك كل يوم، ففي عشرة أيام يكون عددهم سبعَمائة ألف، وإن زرت مريضين أو مرتين فهذا العدد مضاعف.
أخي في دين الله؛ أنت لا تمتلك خيلا ولا إبلا، ولا رقيقا ولا عبيدا، ما عندك من هذه الأموال شيء، لكن هناك أقوال وأفعال إذا فعلتها تنال أفضلَ من مئات من هذه المخلوقات، ممن يتصدق بهذه الأموال، فبعض الناس يرجو أن يتصدق بالخيل أو بالإبل أو ما شابه ذلك لكنه لا يستطيع ليس عنده، فـأفضل من التصدق بـمائتي بدنة أي ناقة يتصدق بها فى سبيل الله، وأفضل من التصدق بـمائتي فرس يُحملُ عليها فى سبيل الله، وأفضل من التصدق بـمائتي رقبة تُعتقُ فى سبيل الله،...
إذا أردت ثواب ذلك فقل: [سبحان الله] مائة مرة قبل طلوع الشمس صباحا، ومائة مرة قبل غروبها مساءً تكن لك أفضل من مائة بدنة، وأفضل ممن تصدق بمائة ناقة؛ لأنك لا تملك ذلك، لا تملك إلا لسانك وقلبك لذكر الله، فاذكروا الله في أيام معلومات، يا عباد الله!
وقل: "[الحمد لله] مائة مرة قبل طلوع الشمس، ومائة قبل غروبها؛ تكن لك أفضل من مائة فرس يحمل عليها في سبيل الله.
وقل: [الله أكبر] مائة مرة قبل طلوع الشمس ومائة قبل غروبها؛ تكن لك أفضل من عتق مائة رقبة، ففي الحديث عند النسائي في الكبرى والطبراني في مسند الشاميين، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا؛ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ مِائَةِ بَدَنَةٍ».
وَمَنْ قَالَ: الْحَمْدُ للهِ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا؛ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ مِائَةِ فَرَسٍ يُحْمَلُ عَلَيْهَا.
وَمَنْ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا؛ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عِتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ.
وَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا؛ لَمْ يَجِئْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدٌ بِعَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ عَمَلِهِ؛ إِلَّا مَنْ قَالَ قَوْلَهُ، أَوْ زَادَ" [ن] [10657]، [مسند الشاميين] [516]، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: [658].
إذن لو فعلتَ ذلك فى يوم وليلة، صباحا ومساء، في هذه الأيام العشر؛ لَكُتِبَ لك أجرٌ أفضل من ذلك بإذن الله سبحانه وتعالى.
والآن هناك أرقام عجيبة، {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113]، والأجر الكبير من عند الله، فهل تحب أن يكون في ميزان حسناتك عشرة آلاف ألف حسنة، وأن تحط عنك عشرة آلاف ألف سيئة، وأن ترفع لك عشرة آلاف ألف درجة، وعشرة بيوت في الجنة، كل ذلك بذكر الله، كم نضيِّعُ من الأوقات على الكلمات الفارغات، ونترك هذه الأجور العظيمات؟ فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ دَخَلَ السُّوقَ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الـمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ، وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ» [ت] [3428] [3429]، [جة] [2235]، انظر صَحِيح الْجَامِع: [6231]، الصَّحِيحَة: [3139].
بِعَدِّنا نحن اليوم مليون، ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وبنى له بيتا في الجنة، الله يبني لهذا العبد بيتا في الجنة، هذا إذا قلته في دخول السوق مرة.
فإذا دخلت السوق كل يوم في العشرة أيام وتقول هذا الذكر؛ اضرب هذا في عشرة، الألف ألف، يعني عشرة آلاف ألف.
لكن أكثر من ذلك وأيسر من ذلك وأسهل من ذلك، لا تحتاج إلى ذهاب إلى سوق ولا إلى نحوه، أن تكسب المليارات بدون عدد من الحسنات، وأن تحط عنك المليارات من السيئات، في ثوان معدودات؟؟
إذن قُل: اللهم اغفر للمؤمنين وللمؤمنات الأحياء منهم والأموات، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ حَسَنَةً». [مسند الشاميين للطبراني] [2155]، انظر صَحِيح الْجَامِع: [6026].
بكل مؤمن حيٍّ أو ميت، أو سيولد إن شاء الله، وتذكَّر دعوة نوحِ عليه السلام عندما قال: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا}. إذن لو فعلت ذلك في الأيام العشر لَضُوعِفَ لك الأجر بإذن الله، يعني عدد المؤمنين والمؤمنات مضاعف عشر مرات لو قلت كل يوم مرة من هذه الأيام العشر.
فكيف لو قلت مع كل صلاة مرة، أن تدعو لإخوانك المؤمنين والمؤمنات، منزوع من قلبك الحقد والحسد على المؤمنين، فلا سبَّ ولا شتمَ لكلِّ من قال: لا إله إلا الله.
ونحن ضائعون في مثل هذه المناكفات الشرقية والغربية.
وفي ختام هذه الخطبة نذكِّر بكلمة التوحيد التي لها آثارها العجيبة، ونتائجها جليلة عظيمة، وثوابها كبير وأجرها وفير، فاستمعوا إلى ما ثبت عَنْ أَبي أَيُّوب الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبحُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ كَتَب اللهُ لَهُ بكُلِّ وَاحِدَةٍ»؛ -أي بكل جملة- ["قَالَهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَحَطَّ اللهُ عَنْهُ بهَا عَشْرَ سَيِّئَاتٍ، وَرَفَعَهُ اللهُ بهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ كَعَشْرِ رِقَاب"] -كأنه أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل-.
«وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ» -من قال ذلك لا يصيبه إن شاء الله مرض ولا وجع ولا ألم، وإن أصابه فهو في ميزان حسناته-، «وَكُنَّ لَهُ حَرَسًا مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِذَا قَالَهَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَمِثْلُ ذَلِكَ».
وفي رواية: ["وَحُرِسَ"] –أي: كان في حراسة- ["مِنْ الشَّيْطَانِ"] ["مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى آخِرِهِ"].
["وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَّا الشِّرْكَ بِاللهِ"]، -هذا هو الخطير لأن الشرك نابع من القلب، فالشرك بالله يبطل الأعمال الصالحات-.
["فَإِنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي، فَمِثْلُ ذَلِكَ"]. الحديث بزوائده: [حم] [23568]، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن. [ت] [3474]، [ن] [9852]، [9955]، [بز] [4050]، [حب] [2023]، [طب] [ج4 ص187 ح4093]. انظر الصَّحِيحَة: [114]، [113]، [2563]، صَحِيح التَّرْغِيبِ: [472]، [475].
ألا تعلم أخي في دين الله! أنك لو اغتسلت يوم الجمعة وبكَّرت أي جئت مبكرا، فـ[قَوْلُهُ: [بَكَّرَ] بِالتَّشْدِيدِ عَلَى الْمَشْهُورِ، أَيْ؛ رَاحَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، [وَابْتَكَرَ]، أَيْ؛ أَدْرَكَ أَوَّل الْخُطْبَةِ، وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّ، وَقِيلَ: كَرَّرَهُ لِلتَّأْكِيدِ].[[1]] ومشيت ولم تركب، إذن هناك غسل وتبكير، ومشي وعدم ركوب، ودنوت من الإمام جئت في الصفوف الأولى، واستمعت وما لغوت، كان لك بكلِّ خطوة؛ عمل سنة أجر صيامها وقيامها، بكل خطوة تمشيها إلى الجمعة إذا قمت بهذه المواصفات؛ ترجع إلى بيتك وأنت قد حصلت على ثواب سنة كاملة، صيام نهارها لا تفطر يوما، وقيام ليلها، لا تنام فيه لحظة، أجر عظيم لمن كانت فيه هذه الصفات، فلو حسبنا بين بيتك وبين المسجد مائة خطوة، إذن لك ثواب مائة سنة فكيف بمن كان أبعد من ذلك؟
تصديق ذلك ما ثبت وَعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [" «مَنْ غَسَّلَ رَأسَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ» "]، [" «وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ» "]، وفي رواية: [" «وَغَدَا وَابْتَكَرَ» "]، [ «"وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ» "]، [" «فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ» "]، وفي رواية: [" «فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ» "]، ["كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا"]. الحديث بزوائده: [د] [345]، [346]، [حم] [16161]، [ت] [496]، [جة] [1087]، [س] [1381]، [1384]، [1398]. انظر صَحِيح الْجَامِع: [6405]، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: [690].
والمحروم من حرم هذا الخير كل جمعة.
هذه الأجور العظيمة يفعلها كثير من المسلمين، لكن لا يعلمون أجرها، الأجر العظيم عند الرب العظيم، والأجر الكبير عند الرب الكبير، من علمنا ذلك؟
إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا عليه، لقد صلى اللهُ عليه في كتابه، وصلت عليه الملائكة، فأمر المؤمنين بالصلاة عليه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. [الأحزاب: 56].
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.
اللهم كن معنا ولا تكن علينا، اللهم أيدنا ولا تخذلنا، اللهم انصرنا ولا تنصر علينا، اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه.
اللهم وحد صفوفنا، وألف بين قلوبنا، وأزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائبا إلا رددته إلى أهله سالما غانما يا رب العالمين.
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾. [العنكبوت: 45].
[1] نيل الأوطار (1/ 296).
______________________________
الكاتب: الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد
- التصنيف:
- المصدر: