هل أنكر المنكر وأنا أفعل المعصية؟

منذ 2021-08-16

ترك الذنب ليس شرطاً في الناهي، بل ينهى العصاة بعضهم بعضا، ويلزم المسلم الأمر بالمعروف وإن لم يمتثلـه، ويلزمه النهي عن المنكر وإن ارتكبه

ترك الذنب ليس شرطاً في الناهي، بل ينهى العصاة بعضهم بعضا، ويلزم المسلم الأمر بالمعروف وإن لم يمتثلـه، ويلزمه النهي عن المنكر وإن ارتكبه، وتبقى ثلمة مخالفة الفعل القول، يقول أبو الدرداء: (إني لآمركم بالمعروف وما أفعله، ولكن لعل الله يأجرني فيه). (سير أعلام النبلاء 2/335)

فمن كان يستمع إلى الأغاني إذا رأى رجلاً يستمع إليها، يجب عليه أن ينكر عليه سماعه لذلك المحرم وإن كان هو يستمع إلى الأغاني، فإذا سكت عن المنكر جمع محرمين: الأول: استماعه للأغاني، والثاني: السكوت عن ذلك وعدم إنكاره.

ومن رأى منكر ولم ينهه فقد أعانه عليه بالتخلية بينه وبين المعصية، والسكوت عن الذنب تزيين للمعصية في الصدور، ومجانبة المنكر من مقتضيات المنكر في القلب.

ـ لا تيأس من الإنكار على صاحب المنكر:

اطرق باب قلب العاصي مراراً فلا تعلم متى يفتح الله قلبه على يديك، فنوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً وهو يدعو قومه غير يائس من دعوتهم، فمتى رأيت ذا منكر على معصية فبادره بالنصيحة بحكمة ولين ولا ترجئ النصيحة فقد يلقى المقصر ربه وهو على معصية وأنت لم تبد له النصح فتتحسر على تقصيرك.

ـ الآمر بالمعروف والناهي يؤذي فماذا يفعل؟

الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر معرض للأذى، فمن أقامه فلا يستوحش من سلوك طريقه فهو عبادة أداؤها ثمرة من ثمار الإيمان، وليجعل له من الصبر حصناً مكيناً واثقاً بالثواب مما يتلقى من المشاق.

قال ابن كثير:
 {الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لابد أن يناله من الناس أذى فأمر بالصبر}. (تفسير ابن كثير 3/450). ومن وصايا لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}  [لقمان/17] وأمره لابنه بالصبر بعد الأمر بالمعروف إشارة إلى إيذاء من أدى تلك الشعيرة.

وإياك وأهل التخذيل أو الركون إلى الضعف، وقف مع البلاء بالإيمان والتوكل، واصبر واحتسب وواصل الجهد، وخاطب الناس على ضوء قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}  [يوسف/108.
_______________________________
المصدر: كتاب خطوات إلى السعادة – د. عبد المحسن بن محمد القاسم – إمام وخطيب المسجد النبوي.

________________________________
الكاتب: 
أحمد خالد العتيبي