المرأة والزواج في الإسلام

منذ 2021-09-06

الأسرة في الإسلام لها قدسيتها وأهميتها، حيث إنها الخلية الأولى للمجتمع بأسره، فإذا صلحت الأم والأسرة.. صلح المجتمع كله، وإذا فسدت الأم والأسرة فسد المجتمع كله وتعرض لتيارات عديدة قد تودي إلى انهياره.

الأسرة في الإسلام لها قدسيتها وأهميتها، حيث إنها الخلية الأولى للمجتمع بأسره، فإذا صلحت الأم والأسرة.. صلح المجتمع كله، وإذا فسدت الأم والأسرة فسد المجتمع كله وتعرض لتيارات عديدة قد تودي إلى انهياره.

 

اختيار الأم في الزواج:

لذلك حرص الإسلام منذ البداية على اختيار الام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس». وفي حديث عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم» [1].

 

كذلك قال صلى الله عليه وسلم في حديت عن أبي هريرة رضي الله عنه: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»، كما روي الحديث عن جابر بن عبد الله [2].

 

الحض على الزواج:

والزواج فيه استقرار للأسرة والمجتمع بأسره، لذلك حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج فقد روي عن أبي أيوب عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أربع من سنن المرسلين: الحياء والتعطر، والسواك، والنكاح» [3].

 

كما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم الحث على الزواج من الرجل صاحب الدين والخلق.. ففي حديت عن أبي هريره رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»  [4].

 

وبذلك حث الإسلام على الزواج ولكنه وضع له أسسا يقوم عليها في اختيار كل من الزوجين حفاظا على قيام أسرة صالحة ونسل طيب صالح.

 

إما إذا لم يستطع الزواج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر هؤلاء بالصوم والصبر حتى لا ينتشر الفساد في الأرض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه عبد الله بن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»  أي وقاية [5].

 

حق المرأة في الاختيار:

إلا أن الإسلام ترك للمرأة حرية الاختيار لزوجها حرية كاملة فالبكر تستأذن، والثيب تستأمر.

 

فقد ورد حديث عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:  «لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن». قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: «أن تسكت» [6]. فسكوت البكر هو علامة قبولها للزواج وذلك لحيائها. أما الثيب – أي التي سبق لها الزواج – فينبغي أن تعلن قبولها أو رفضها للزواج صراحة.

 

الخطبة:

وحفاظا على آداب الإسلام في الزواج فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يخطب أحد على خطبة أخيه حتى لا يكون هناك بغضاء وشحناء بين الأسر، فقال صلى الله عليه وسلم «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب، ولا يبيع على بيعه» [7] ورد الحديث عن ابن عمر، وأيضا عن أبي هريرة.

 

إلا أنه في الإسلام من حق كل من الخطيبين أن يرى كل منهما الآخر ويوافق على الخطبة أو يرفض، فعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة، فقال النبي صلى الله عليه سلم له: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» أي يحدث مودة بين العروسين [8] كما ورد عن جابر بن عبدالله قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل»  [9].

 

إلا أن الإسلام نهى أن يكون الوعد بالخطبة في السر، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء: 25] [13].

 

كما يقول الله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235][14].

 

وسواء أكانت الآية الأولى خاصة بالفتيات المؤمنات الحرائر بصفة عامة أو اللائي كن ملك اليمين – أي من الإماء فينبغي أن يكون الزواج بإذن أهلهن أو أصحابهن، وأن يقدموا لهن مهورهن ولا يتزوجوهن إلا بعد إعلان ذلك على الناس.

 

أو كانت الآية الثانية خاصة بالمتوفى عنها زوجها وطلب الزواج منها، فإنها بصفة عامة تأمر بعدم صحة الخطبة في السر، ولكن الخطبة يجب أن تكون في العلانية بإذن الأهل أو بأمر من الثيب، وليس للخاطب حق بترتب على هذه الخطبة حتى يتم الزواج علانية أمام الناس [15].

 


[1] سنن ابن ماجه: كتاب النكاح - باب الأكفاء.

[2] انظر: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين. صحيح مسلم، كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، سنن الترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء أن المرأة تنكح على ثلاث خصال.

[3] سنن الترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء في فضل التزوج والحث عليه.

[4] انظر: سنن الترمذي، كتاب النكاح، باب إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه.

[5] البخاري، كتاب الصوم، باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة، وأيضا كتاب النكاح. ومسلم، كتاب النكاح، كذلك أخرجه الترمذي في كتاب النكاح ما جاء في فضل التزويج.

[6] انظر: البخاري، كناب النكاح، ومسلم، كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، وأيضا سنن ابن ماجة، كتاب النكاح.

[7]انظر البخاري ومسلم، وابن ماجه، وموطأ مالك في كتاب النكاح، وسنن أبي داود، كتاب النكاح.

[8] انظر: الترمذي: كتاب النكاح، ما جاء في النظر إلى المخطوبة، النسائي كتاب النكاح، كتاب النكاح، باب إباحة النظر قبل التزوج. ابن ماجة كتاب النكاح باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها.

[9] قال جابر: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. انظر سنن أبي داود، كتاب النكاح، باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزوجها.

[14] البقرة / 235.

[15] انظر: تفسير الطبري لهذه الآية من سورة البقرة (235) وانظر أيضا موطأ مالك، كتاب النكاح، ما جاء في الخطبة. ويقول الإمام مالك في الموطأ في هذا الصدد (أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها إنك علي لكريمة وإني فيك لراغب وإن الله لسائق إليك خيراً ورزقاً..).