طريق الأمان

منذ 2021-09-23

رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بوسيلة إيضاح جيدة، ما يؤكد طريق الأمان، ويزيل المخاوف عنهم، وذلك باتباع ما جاء به من عند ربه: فقد خط خطاً مستقيماً في التراب..

قد رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بوسيلة إيضاح جيدة، ما يؤكد طريق الأمان، ويزيل المخاوف عنهم، وذلك باتباع ما جاء به من عند ربه: فقد خط خطاً مستقيماً في التراب، وأفهمهم أن: هذا الطريق الموصل إلى الله، وهو ما بعثه الله به، ثم خط خطوطاً جانبية متفرعة منه، وبين أن: هذه السبل، من اتبعها ضل وغوى وابتعد عن طريق الرشاد ثم قرأ الآية السابقة. وفي كتاب الله جل وعلا علاج سهل المأخذ لمن وفقه الله، يريح القلوب، ويطمئنها من كل أمر مؤرق قال تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[3] أي ترتاح وتهدأ، ويسهل الأمر الصعب، وهذا هو الأمن النفسي، الذي لا يكون إلا بتذكر عظمة الخالق سبحانه واستصغار ما دونه، فلا إله إلا الله: كلمة صغيرة في حروفها. سهلة في نطقها، لكنها عظيمة في مدلولها، كبيرة في معناها، عميقة في تأثيرها: فهي مطمئنة للنفس، ومهدئة للأعصاب، ومسكّنة للجيشان.


ومادة أمن، قد جاءت في كتاب الله هي ومشتقاتها أكثر من ثمان مائة مرة ((800)): فالمؤمنون والإيمان والأمانة، والذين آمنوا، كلها من الأمور المرتبطة حساً ومعنى بالإيمان والأمانة، والأمين، والذين آمنوا، كلها من الأمور المرتبطة حساً ومعنى بالإيمان ونتائجه. وكلها تؤدّى برابطة قوية مع الله، ومن منطلق التمسك بشرعه.

كما أن الكلمات التي تدل على معنى الراحة والسكينة، وتوفير السعادة للنفس وتذكيرها بالله وعقابه لمن عصى وانحرف، والنعيم والفوز لمن أطاع واستجاب كثيرة في كتاب الله.

وما ذلك الاهتمام الكثير في كتاب الله بهذا الجانب، إلا لما يوليه التشريع الإسلامي من عناية فائقة بالنفس البشرية، وعناية بتوجيهها، مع كفل ما يريحها ويؤمّنها من المخاطر حتى تعمل وهي مطمئنة على النتيجة، مع راحة بال بالوصول لثمرة ما كلفت به، لأن العمل قد حداه يقين وصدق.

والسنة النبوية قد اهتمت في هذا الجانب بترسيخ ما جاء في القرآن الكريم، لزيادة تمكينه، بزيادة الدلالة اللفظية والمعنوية، لأن الزيادة تأكيد المبني، زيادة في تمكين المعنى، كما يقول بذلك البلاغيون.

_____________________________________________________
الكاتب: د. محمد بن سعد الشويعر