الصداقة عند سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
وكان - رحمه الله - محباً لأقرانه ومعاصريه من أهل العلم، فلم يكن بينه وبينهم إلا كل محبة، وتقدير، وإجلال، وتعاون على البر والتقوى، وبُعْدٍ عن الحسد، والتنقص، والذم.
يُعَدُّ سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - أنموذجاً رائعاً، ومثالاً يحتذى في الصداقة، والقيام بحقوقها، يشهد لذلك كل من وقف على سيرته، أو عاشره، أو سمع عنه، وإن لم يكن لسماحته كثيرُ كلام حول الصداقة.
ولقد انعقدت بينه وبين أكثر أهل العلم في زمانه صداقات وثيقة، سواء من مشايخه، أو أقرانه، أو طلابه، أو كافة معاصريه. ولقد استمرت تلك الصداقات إلى أن فرَّق الموت بينهم.
ولو أُطلق العِنان للقلم في هذا الشأن لطال الحديث، والمقام لا يسمح إلا بالقليل، وبما يومىء إلى ذلك ولو على سبيل الإجمال؛ فإليكم -معاشر القراء- صورةً مجملةً لصداقات سماحة الشيخ مع أهل العلم.
فمن سيرته مع أهل العلم في زمانه أنه كان مُجـِلاً لمشايخه، معترفاً بفضلهم، كثير الذكر والدعاء لهم. وكان أقربهم إلى قلبه، وأعظمهم أثراً في نفسه شيخه سماحة الشيخ الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - فقد كان سماحة الشيخ عبدالعزيز يجله، ويَقْدُره قَدْره، ولا يستطيع الحديث كثيراً عنه؛ إذ يغلبه البكاء إذا أراد ذلك.
وكان يتأدب معه غاية الأدب، ويتلطف في مكاتباته، ويلقبه بالوالد، ويتعاون معه في المناصحات، والقضاء على المنكرات.
وكان - رحمه الله - محباً لأقرانه ومعاصريه من أهل العلم، فلم يكن بينه وبينهم إلا كل محبة، وتقدير، وإجلال، وتعاون على البر والتقوى، وبُعْدٍ عن الحسد، والتنقص، والذم.
وكان كثير المشاورة لأهل العلم، كثير الاستضافة لهم، والحفاوة بهم، والسؤال عنهم، والاستماع إليهم، والقراءة لهم، وتشجيعهم، والحرص على التعرف عليهم. وكان كثير الذَّب عنهم، وإحسان الظن بهم، والوفاء لهم، والحرص على جمع كلمتهم.
ومما كان يقوم به من واجب تجاه إخوانه من أهل العلم أنه كان يكاتبهم، ويرد على مكاتباتهم، ويتواصى معهم بالحق والصبر، ويحثهم على بذل مزيد من الجهد، ويشترك مع بعضهم في تحرير كثير من الكتابات والنصائح، ويكاتب من يلحظ عليه الخطأ؛ ليستدرك ما وقع فيه. وكان يكاتبهم للسلام، والسؤال عن الحال، ونحو ذلك.
والمطلع على تلك المكاتبات يلحظ غيرة صادقة على الدين، ويرى فيها المحبة والوفاء والتقدير والنصح لأهل العلم في شتى الأمصار. ويرى فيها مثالاً للعالم العامل الذي يجل أهل العلم، وينزلهم منازلهم، ويتأدب بآداب العلماء الربانيين، ويقوم بصغار الأمور وكبارها.
وسيرى فيها عِظم مكانة سماحة الشيخ عند أهل العلم، والأساليب الكتابية الراقية المهذبة.
محمد بن إبراهيم الحمد
دكتور مشارك في قسم العقيدة - جامعة القصيم
- التصنيف:
- المصدر: