هَمَسات في كلمات 1

منذ 2021-12-12

تطغى على العالم في هذه الإيام المادية المقيتة، وهي لا تعترف إلا بالمحسوسات، فهم لا يؤمنون باليوم الآخر، وهذا يتصادم رأساً وعقيدة الإسلام

 

أقسم الله تعالى في القرآن بأمور كثيرة، وإذا أقسم رب العزة بشيء فهذا إشارة إلى عظمته وأهميته، ومن ذلك القلم والكتاب، حيث قال تعالى {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} ، فهي لا تزال مهمة حتى في عصر الصوت والصورة المباشرة، ولا زال لها حضروها القوي، والكتابة سلوة الحزين، وانيس المستوحش، ولسان القلب، وسلاح المجاهد، وحجة لك أو عليك، قد تكون سبيل للفساد، ويمكن أن تكون عماد الإصلاح، بها يجاهَد المنافقون، وينافح بها عن حمى الدين، فما أكثر الشبهات التي تنتشر كتابة، وما اكثر الأكاذيب التي تنشر كذباً لإبطال حق، أو لإحقاق باطل، فمن آتاه الله قدرة على الكتابة فهو على ثغر من ثغور الأمة فليحسن استخدامه، ويوجه سهامه لنصر الحق وإبطال الباطل، وهنا نبدأ سلسلة (هَمَسات .. في كلمات) وسوف تستمر إن شاء الله، ونسأل الله أن يكتب لها القبول ويجعلها لبنة في سبيل الإصلاح، وقذيفة في وجه الظلم والباطل، وذخرا يوم المعاد.

  • أوجب الله تعالى علينا قراءة سورة الفاتحة مرات كثيرة يومياً، لذا فكل موضوع ذكر فيها فهو من الأهمية بمكان، كإخلاص العبادة لله لا سيما الدعاء، والاستعانة بالله، والاقتداء بالصالحين، والحذر من طريق اليهود حيث علم بلا عمل، أو النصارى حيث العمل بلا علم وكلا الطريقين مذموم، وقبل ذلك شكر الله تعالى وحمده ومن أهم مظاهر الحمد استعمال نعمه تعالى فيما يرضيه.
  • إنَّ دلائل القرآن من عند الله كثيرة جداً، ومن أبرزها جانب العظمة الموجودة في كتاب الله تعالى ؛ فهل قرأت أو سمعت أن بشر يقول عن نفسه أنه ( { عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، أو ( بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)} ، وهل هناك أحد من المخلوقين يـَجْرُئْ أن يدَّعي -فضلاً أن يثبت- أنه {( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى)} ، أو {( يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، أو أنَّ (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)} ، ومن ذا الذي من البشر يزعم أنَّ {(إِلَيْهِ الْمَصِيرُ)، أو (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)} وفي هذا الكتاب يقول منزله سبحانه وتعالى: {(أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى)} ، ومن ذلك أيضاً (الثقة المطلقة في نفي الرَّيب دليل على أنَّه من عند الله؛ إذ لا يمكن لمخلوق أن يدعي ذلك في كلامه) والأمثلة كثيرة جداً علينا أن نتدبرها عند سماعها أو قراءتها.(
  • (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) كتاب الله هداية لمن اتقى، والتقوى بمفهومها العام عمل الطاعات واجتناب المحرمات، فمن كان لله أتقى كان بالقرآن أهدى، ومن اهتدى بالقرآن {(فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)} ، وفي النهاية {(فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)} .
    تطغى على العالم في هذه الإيام المادية المقيتة، وهي لا تعترف إلا بالمحسوسات، فهم لا يؤمنون باليوم الآخر، وهذا يتصادم رأساً وعقيدة الإسلام حيث أنَّ (من أعظم مراتب الإيمانِ الإيمانُ بالغيب؛ لأنه يتضمن التسليم لله تعالى في كل ما تفرد بعلمه من الغيب، ولرسوله بما أخبر عنه سبحانه(.
  • يكثُر في القرآن الجمع بين شيئين، ولعلَّ الصلاة والزكاة في القرآن هي أكثر ما جاء مقترناً، فعبادة البدن الصلاة وعبادة المال الزكاة، والآمر واحد وهو الله، وفي هذا رد قاطع على الذين يَدعُون إلى فصل الدين عن الحياة أو عن السياسة أو الاقتصاد، كما أنّ (الصلاة إخلاص للمعبود، والزكاة إحسان للعبيد، وهما عنوان السعادة والنجاة).
  • إيمان الناس بالحق ليس مشروطاً بكثرة الآيات، فالباحث عن الحق تكفيه آية واحدة، ولذك تأمل قول حَبْر من أحبار اليهود عندما رأي النبي صلى الله عليه وسلم قال: «(فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلَامٍ)» ، هذا هو عبدالله بن سلام رضي الله عنه، بينما تجد ملحداً ينكر وجود الله تعالى مع أن أدلة وجود الله أكثر من عدد شعر رأسه، فنسأل الله الهداية للحق والثبات عليه لأن (مَنْ طبع الله على قلوبهم بسبب عنادهم وتكذيبهم لا تنفع معهم الآيات وإن عظمت) وإن كثرت.
  • الحياة في ظل الشريعة الإسلامية حياة الرضا والراحة النفسية، والانتحار يكثر في المجتمعات التي لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر، فمن ظُلِم على سبيل المثال ولم يستطع أن يقتص من ظالمه؛ فإن الهم والقهر والشعور بالهزيمة يلاحقه ويأكل مع ويشرب، ويصبح ويمسي، بينما المظلوم لو كان مسلماً فإنه يعلم يقيناً أن ظالمه الخاسر وهو الرابح، وسيقتص منه لا محالة، ويستوفي حقه كاملاً في يوم هو أحوج ما يكون إليه، قال تعالى: {(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)} ، فلا تأْمنْ أيها الظالم من القصاص، ولا تَيْئسْ أيها المظلوم فحقك أقرب إليك من شراك نعلك {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}
  • مَن هم الذين يزعمون أنهم (أصحاب الصلاح والإصلاح)، هم طائفة أخطر على الإسلام والمسلمين من المشركين، ألا وهم المنافقون، {(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ)} ، وللأسف بيننا كثير منهم، أو من يمشي على طريقتهم، فتجد من يدعو إلى الفواحش بدعوى الحرية، وقد تتمدد حريتهم المزعومة لتشمل سب الأنبياء بل والتطاول على رب العالمين سبحانه، كل هذا وهم يزعمون أنهم دعاة الاصلاح وانقاذ الشعوب والسعي لما فيه ازهار وفلاح الأمة، وفي الحقيقة هم مطايا إبليس استخدمهم لإفساد الناس وسيؤدي بهم إلى الهاوية وبئس المصير إن لم يتركوا العمل كمطايا للشيطان.

أهم المراجع: المختصر في تفسير القرآن الكريم: الصادر من مركز تفسير للدراسات القرآنية