الكنز الذي يكنز

منذ 2022-02-16

«إِذَا ‌كَنَزَ ‌النَّاسُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَاكْنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ حُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ»

متن الحديث:

عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «إِذَا ‌كَنَزَ ‌النَّاسُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَاكْنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ حُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» [2].

 

شرح مختصر للحديث[3]:

قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا ‌كَنَزَ ‌النَّاسُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَاكْنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ».

 

أي: إذا حرص الناس طلاب الدنيا على حفظ الذهب والفضة؛ لرفع قيمتهما، ولكونهما من أعظم متع الدنيا، فاحرصوا أنتم على حفظ هذه الكلمات؛ فإنها أرفع قيمةً من الذهب والفضة، ومن أعظم متاع الآخرة.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر».

 

أي: اللهم إني أسألك الثبات على الدين والطاعة.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: «والعزيمة على الرشد».

 

أي: أسألك الإرادة الجازمة على فعل الخير، والعزيمة على الرشد مبدأ الخير، فإن الإنسان قد يعلم الرشد وليس له عليه عزم، فإذا عزم على فعله أفلح.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: «وأسألك شكر نعمتك».

 

وشكر النعمة يكون بالقلب، واللسان، والعمل بالجوارح.

 

فالشكر بالقلب: الاعتراف بالنعم للمنعم، وأنها منه وبفضله، ومن الشكر بالقلب محبة الله على نعمه.

 

والشكر باللسان: الثناء بالنعم، وذكرها، وتعدادها، وإظهارها.

 

والشكر بالجوارح: ألَّا يستعان بالنعم إلا على طاعة الله عز وجل، وأن يحذر من استعمالها في شيء من معاصيه.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: «وحسن عبادتك».

 

أي: أسألك إتقان العبادة والإتيان بها على أكمل وجوهها.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: «وأسألك قلبًا سليمًا».

 

القلب السليم: هو الذي ليس فيه شيء من محبة ما يكرهه الله، فدخل في ذلك سلامته من الشرك الجلي والخفي، ومن الأهواء والبدع، ومن الفسوق والمعاصي، كبائرها وصغائرها، الظاهرة والباطنة.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: «وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم».

 

هذا سؤال جامع لطلب كل خير، والاستعاذة من كل شر، سواء علمه الإنسان أو لم يعلمه.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: «وأستغفرك لما تعلم».

 

هذا يعم جميع ما يجب الاستغفار منه من ذنوب العبد، فقد لا يكون العبد عالمًا بذلك كله، فإن من الذنوب ما لا يشعر العبد بأنه ذنب بالكلية، ومن الذنوب ما ينساه العبد ولا يذكره وقت الاستغفار، فيحتاج العبد إلى استغفار عام من جميع ذنوبه ما علم منها وما لم يعلم، والكل قد علمه الله وأحصاه؛ قال الله تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6].

 

قوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّك أنت علام الغيوب».

 

أي: إنك أنت العليم بكل شيء مما خفي أو ظهر.

 


[1] المقصود: الكنزُ الحقيقي الذي يَسْتَحِقُّ سعي المسلم لِكَنْزِهِ.

[2] رواه أحمد في مسنده: مسند الشاميين، (28/ 338)، رقم الحديث: 17114، وحكم عليه محققو المسند، ط الرسالة: حديث حسن بطرقه.

[3] انظر: جزء من الكلام على حديث شداد بن أوس: ((إذا كنز الناس الذهب والفضة))، الحافظ ابن رجب الحنبلي، بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني، الساعاتي (14/ 294).

___________________________________________________
الكاتب: حسام يوسف حسن النجار