سخروا منها لأمانتها !!
منذ 2004-08-24
كم تشرق السعادة في خاطر الإنسان ومعها تتسع أوداجه ، وتسر أيامه عندما يسمع أو يقرأ عن حدث أو خبر تفضي إلى نفسه تلك السعادة ، وخاصة إن كان ذلك الأمر مما يحسن أن يطلق عليه مسمى ( سمو الأخلاق ) ، ويشعر القلب بغصة عندما يرى من يأبى تلك المعاني السامية ، ويضعها تحت قائمة الغباء والسذاجة ، فهذه حكاية قد سمعتها بكل تفاصيلها ، وكم تسلل السرور إلى قلبي أن تتواجد أمثال تلك النماذج في هذه الأيام ، في حين حكم البعض على صاحبة هذه القصة بالسذاجة ، تدور أحداث تلك القصة بإجمال بسيط حول طالبة في قاعة الامتحان ، قد انتهت من الإجابة على أسئلتها ، وقامت لتسليم كراسة إجابتها ، وفي لحظة قيامها تسللت عينها لورقة زميلتها التي تجلس بجانبها ، وكانت إحدى الإجابات تخالف إجابتها ، وأيقنت تلك الطالبة أنها وقعت في الخطأ ، وعلى الرغم من ذلك فقد أبت أن تصحح خطأها ، لأنها أدركت أن ذلك لم يتم إلا بعد الاطلاع على ورقة زميلاتها ، وقد رفضت ذلك بحجة أن يقع تحت طائلة الغش ، وهكذا نقصت درجتها في هذه المادة بسبب ذلك السؤال الذي لم تعمل على تصحيحه .
أنهار من البشر والسعادة تبحر في قلبي عند سماع هذه الحكاية ، وقد رأيت هذه الطالبة قد تمثلت لقوله صلى الله عليه وسلم « من غشنا فليس منا » ، وأبت على نفسها أن تسرق جهود زميلتها ، وارتضت أن تعتمد على نفسها وإن أخطأت ، موقف جمع مثاليات كثيرة ، ومحاسن عديدة ، لو طفقت أعددها لما كفتها هذه المقال ، ولكن الأمر الذي عكر صفو سعادتي ما أبداه البعض عند سماع هذه القصة من تهكم وسخرية ، وتعريض بألفاظ الاستهزاء ، واتهامات توجه إلى شخص تلك الطالبة وتفكيرها بأنه سطحي ومعقد !!
وغبي وساذج ، عبارات لم أكن أتخيل أن تصدر بحق تلك الطالبة ، والتي استجابت لدينها ولفطرتها ولأخلاقها الدمثة الطيبة ، وقد أبت أن تتسلل الشوائب الفاسدة إلى سلوكياتها القويمة ، فتعمل على تشويه الجماليات الكامنة فيها .
وأنا هنا أسجل تعجبي واستغرابي من أولئك الأشخاص الذين وجدوا التمسك بالأخلاقيات وبالأمانة أمر ساذج وسخيف ، ونعتوا صاحبها بأوصاف منحطة يأبى اللسان أن يذكرها ، ومن أجل ماذا ؟! ، لأجل تمثله لأوامر دينه التي تدعو إلى سمو النفس ورقيها بالتعامل الحسن والخلق الكريم والتي معه يشع القلب ، وبدل من أن نكون أداة تشجيع وحث على التمسك بتلك المقومات والركائز السامية ، نجد من بيننا من يهاجمها وينعتها بأوصاف يمجها القلب ويطردها العقل ، كم كنت أتمنى أن أجد إجماعاً من قبل السامعين في شكر هذه الطالبة والدعاء لها ولغيرها بأن تتمسك بتلك الجماليات البديعة والتي ينشرح القلب لسماعها ، كم أتمنى أن نكون أداة بناء وتقويم ، وأن لا نكون معول هدم لنماذج نتمنى تواجدهم ولقائهم ، بل كلما حرصنا على زرع تلك القيم السامية في النفوس وغرسها في القلوب وسكبها في العقول ، كلما رأينا نماذج نرتضيها لأنفسنا ، ونحن أمة حثت شرائعها على التمسك بكل ما هو جميل وحسن ، فهل نسعى إلى تقويم تلك الركائز المحببة والسامية في النفوس ؟؟ ، أرجوا ذلك .
- التصنيف: