الخلافات الزوجية واستغلال رمضان للإصلاح
كيف يستغل الزوجان شهر رمضان لترتيب حياتهما الزوجية.. وكيف يتصرفان حيال بعضهما في أوقات تعكر المزاج بسبب الجوع؟
إن عبادة الصيام توجد المشاعر ليس بين الزوج والزوجة فقط بل إنها عبادة توجد مشاعر الأمة في شعر غنيها بجوع الفقير ويشعر الجميع بذلك الحب والوفاق، فإن التشابه في الأحوال والمظاهر مما يوحد القلوب ويؤلف بين النفوس.
وقد أسعدني هذا السؤال الذي يدل على رغبة في الخير وفيه حرص على تفادي الشر قبل وقوعه، ولا شك أن الصيام وسائر الطاعات من أسباب حصول الوفاق والألفة بين الناس، وقد لاحظ الباحثون أن الطاعات الجماعية كعمل حلقة للتلاوة أو تحديد وقت للمدارسة أو الصيام والقيام مما يعين بعد توفيق ذي الجلال والإكرام على حصول الوفاق.
وأرجو أن يعلم الجميع أن حصول الرحمة والود إنما يكثر وبشدة إذا سقي بماء التقوى، أما عند حصول التوتر والجدال والخصومة فعليكم أن تتذكروا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل»، هكذا ينبغي أن يكون الصائم، بل ينبغي أن يتحمل قسوة الآخرين وظلمهم، ولذلك قال: «فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم»، وفي ذلك تذكير للنفس وللغير بحرمة الصيام، والإنسان إذا ذُكِّر تذكر وانتفع بالذكرى.
أما بالنسبة لمن يتملكه الغضب فعليه أن يتعوذ بالله من الشيطان ويكثر من ذكر الرحمن، وعليه أن يهجر المكان وأن يسكت عن الهذيان، فإن لم يذهب الغضب توضأ وإلا فعليه أن يصلي، قال تعالى: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} فما هو العلاج؟ {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
ولا يخفى على أمثالك أن أهم أسباب تفادي الخصام يكون بترك أسبابه، ويؤسفنا أن يظن بعض الناس أن التجهم جزء من مراسم الصيام، مع أن الصوم تهذيب للنفوس، بل وُجد من يقول "دعوه فإنه صائم" إذا قابل شخص يرفع صوته ويسب!
وأرجو أن أوجه لكل زوجة بضرورة اختيار الوقت المناسب لمناقشة الخلافات، فلا يصح مناقشة الجائع ولا المتعب ولا المهموم، ولذلك ثبت في بعض الإحصاءات أن أكثر حالات الطلاق تحدث عند عودة الرجل من العمل متعبًا وجائعًا فتقابله الزوجة بالمشكلات، وعلينا مع ذلك أن نختار أطيب الألفاظ وأحلى الكلمات ونقدم لكل ذلك بذكر الإيجابيات، ونحن دائمًا نقول "إذا خاصمت زوجك عصر الجمعة فصالحيه مساء الجمعة، وحاوريه يوم السبت أو الأحد عندما يكون الوقت مناسبًا بعيدًا عن أعين الأطفال وآذانهم، وبعيدًا عن الجيران والأهل)، بل ينبغي أن يظهر الزوجات الوفاق عند حضور الأهل، وهذا مطلوب حتى في حالات الهجر حتى نسد باب التدخلات؛ لأن دخول الآخرين يعقد المشكلات.
وأرجو أن يكون الصائم في منتهى اللطف مع أهله، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبل وهو صائم ولا بأس للصائم من فعل ذلك إذا كان يملك نفسه.
ونوصي كل امرأة بأن تحسن استقبال زوجها إذا دخل وأن تلاطفه إذا خرج وأن تسأل عنه حال غيابه بلطف وأدب، وبذلك تنجح في جعل المنزل مكان جاذب للرجل.
وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله ثم بضرورة المواظبة على ذكره وتلاوة كتابه؛ لأن هذا يخرج الشيطان من المنزل وبالتالي يبعد شبح المشاكل عن المنزل، والشياطين تسكن بيوت الغافلين وتشاركهم في طعامهم وشرابهم وحياتهم فتكون نفوسهم قابلة للاشتعال بسبب وبغير سبب، مع ضرورة إظهار المشاعر الطيبة فإن الإنسان لا يستفي د من المشاعر المكتومة، ونسأل الله أن يصلح الأحوال والذرية.
وبالله التوفيق.