من أقوال السلف في الحلم والرفق

منذ 2022-04-23

للسلف أقوال في الحلم والرفق, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن وفقه الله عز وجل إلى أن تكون مكارم الأخلاق شعاره, فقد أتاه الله الكريم فضلاً عظيماً.

ومن أفضل مكارم الأخلاق التي يحتاجها المسلم عند تعامله مع الناس: الحلم والرفق, فالناس يجهلون عليه, فيحتاج إلى الحلم عليهم, والناس يخطئون عليه, فيحتاج إلى الرفق بهم.

يكفي الحليم من حلمه أن الله جل جلاله ورسوله صلى الله عليه وسلم يحبان الحلم, قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:  «إن فيك يا أشج خلقين يحبهما الله ورسوله, الحلم والأناة »  [أخرجه الإمام مسلم]

ويكفى من يرفق في أمور أن الله جل وعلا يحب الرفق, قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( يا عائشة, إن الله رفيق يحب الرفق, ويعطي على الرفق ما لا يعطى على العنف, وما لا يعطى على ما سواه )) [أخرجه الإمام مسلم]

ومن يعامل الناس بالرفق واللين فإن النار تحرم عليه, قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( ألا أخبركم  بمن يحرم على النار, وبمن تحرم عليه النار ؟ على  كل قريب هين, سهل )) [أخرجه الترمذي, وقال: هذا حديث حسن غريب]  

ومن يحرم الرفق فقد حُرِمَ الخير كله, قال صلى الله عليه وسلم: ( «من يحرم الرفق, يحرم الخير كله» ) [أخرجه الإمام مسلم]

للسلف أقوال في الحلم والرفق, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

  • الحلم هو العقل:

** قال أكثم بن صيفي: دعامة العقل الحلم.

** قال الإمام النووي رحمه الله: الحلم هو العقل.

  • الحلم أرفع من العقل:

قال رجاء بن حيوة: الحلم أرفعُ من العقل, لأن الله تعالى تسمى به.

  • الحلم أفضل الأخلاق:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: درجة الحلم والصبر على الأذى, والعفو عن الظلم, أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة, يبلغُ الرجل بها ما لا يبلغه بالصيام والقيام

  • عباد الرحمن حلماء:

عن الحسن في قوله تعالى:  {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}  [الفرقان:63] قال: حلماء, إن جهل عليهم لم يجهلوا.

  • الحليم حكيم:

** قال معاوية رضي الله عنه: لا يبلغ العبد مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله.

** قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: من اتصف بالحلم والأناة كان حكيماً, ولهذا الغضوب لا يصلح أن يكون معالجاً للأمور, بل يحتاج إلى أن يهدأ حتى يكون حكيما.

  • الحليم يعرف عند الغضب:

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنما يُعرفُ الحلم ساعة الغضب.

  • عقوبة الحليم:

قال المنصور: عقوبة الحلماء: التعريض, وعقوبة السفهاء: التصريح.

دعاء الحليم:

سبّ رجل الشعبي فقال له إن كنت كاذباً يغفر الله لك, وإن كنت صادقاً يغفر الله لي

  • سكوت الحليم:

جاء رجل فشتم الأحنف فسكت عنه, وأعاد فسكت. فقال: الفهاه! ما يمنعه من أن يردّ عليّ إلا هواني عليه.

  • صبر الحليم:

قال الأحنف: من لم يصبر على كلمة سمع كلمات, وربّ غيظ قد تجرعته مخافة ما هو أشدّ منه.

  • الناس أنصار الحليم على من جهل عليه:

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجهول.

  • الحليم عظيم الشأن:

قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الحليم عظيم الشأن، رفيع المكان، محمود الأمر، مرضي الفعل.

  • تعلم الحلم من الحلماء :

قيل للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم المنقري, بينا نحن عنده يوماً وهو قاعد بفائه محتب بكساه, أتته جماعة فيهم مقتول ومكتوف, فقالوا: هذا ابنك قتله ابن أخيك, فوالله ما حلَّ حبوته حتى فرغ من كلامه, ثم التف إلى ابن له في المسجد, فقال: اطلق ابن عمك, ووارِ أخاك, واحمل إلى أمه مائة من الإبل فإنها غريبة.

ـــــــــــــــ

  • الحلم بتدريب النفس وترويضها:

** عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: إنما...الحلم بالتحلم.

** قال الأحنف بن قيس: لست بحليم, ولكني أتحلم.

** قال الإمام ابن قتيبة: اغلظ عبد لسيده فقال: إني أصبرُ لهذا الغلام على ما ترون لأروض نفسي بذلك فإذا صبرت للملوك على المكروه كانت لغير المملوك أصبر

  • تذكر حلم الله جل وعلا على العبد يعينه على الحلم على الناس:

قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الواجب على العاقل إذا غضب واحتدَّ أن يذكر كثرة حلم الله عنه، مع تواتر انتهاكه محارمه، وتعديه حرماته، ثم يحلم، ولا يخرجه غيظه إلى الدخول في أسباب المعاصي.

  • أجمل الحلم ما كان عند القدرة على الانتقام:

قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الحلم اسم يقع على زمِّ النفس عن الخروج عند الورود عليها ضد ما تحب إلى ما نهي عنه، والحلم أجمل ما يكون من المقتدر على الانتقام

** قال رجاء بن حيوة: ما أحسن العلم يزينه الحلم

** قال الإمام الغزالي رحمه الله: كان يقال: ما أضيف شيء أزين من حلم إلى علم.

  • الحلم والرفق:

قال رجاء بن حيوة: ما أحسن الحلم يزينه الرفق.

  • الخير في الحلم:

قال علي رضي الله عنه: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك, ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك.

ــــــــــــــــ

  • من حلم ساد:

قال الإمام الغزالي رحمه الله : كان يقال: من حلم ساد.

  • الحلم عزّ:

قال أثم بن صيفي: العزّ والغلبة للحلم.

  • الحلم أفضل من كظم الغيظ:

قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن الحلم أفضل من كظم الغيظ, لأن كظم الغيظ عبارة عن التحلم إلى تكلف الحلم, ولا يحتاج إلى كظم الغيظ إلا من هاج غيظه, ويحتاج فيه إلى مجاهدة شديدة, ولكن إذا تعود ذلك مدة, صار ذلك اعتياداً, فلا يهيج الغيظ, وإن هاج فلا يكون في كظمه تعب, وهو الحلم الطبيعي. وهو دلالة كمال العقل, واستيلائه وانكسار قوة الغضب وخضوعها للعقل.

  • الحلم يحفظ من شرورٍ كثيرة:

قال أيوب: حلم ساعة يدع شراً كثيراً.

  • الرفق:

** قال عمر بن العاص لابنه عبدالله: ما الرفق ؟ فقال: تكون ذا أناة فتلاين الولاة.

** قال العلامة العثيمين رحمه الله: الرفق: معاملة الناس بالرفق والهون, حتى وإن استحقوا ما يستحقون من العقوبة والنكال فإنه يرفق بهم.

  • الرفق رأس الحكمة:

عن هشام بن عروة عن أبيه قال: مكتوب في الحكمة: الرفق رأس الحكمة.

  • العمل والرفق:

قال الإمام الغزالي رحمه الله: قال بعضهم: ما أحسن العمل يزينه الرفق.

ــــــــــــ

  • لزوم الرفق:

قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الواجب على العاقل لزوم الرفق في الأمور كلها، وترك العجلة والخفة فيها, والرافق لا يكاد يُسبق, كما أن العجل لا يكاد يلحق, وكما أن من سكت لا يكاد يندم كذلك من نطق لا يكاد يسلم, والعجل يقول قبل أن يعلم, ويجيب قبل أن يفهم, ويحمد قبل أن يُجرب, ويذم بعد ما يحمد, ويعزم قبل أن يفكر, ويمضي قبل أن يعزم.

  • فضيلة الرفق:

قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن الرفق محمود, ويضاد العنف والحدة, والعنف نتيجة الغضب والفظاظة, والرفق واللين نتيجة حسن الخلق والسلامة, فالرفق في الأمور ثمرة لا يثمرها إلا حسن الخلق.

  • الرفق والعنف:

قال الإمام الغزالي رحمه الله: الرفق...محمود ومفيد في أكثر الأحوال, وأغلب الأمور, والحاجة إلى العنف قد تقع ولكن على الندور, وإنما الكامل من يميز مواقع الرفق عن مواقع العنف, فيعطى كل أمر حقه, فإن كان قاصر البصيرة, أو أشكل عليه حكم واقعة من الوقائع, فليكن ميله إلى الرفق, فإن النجح معه في الأكثر.

                    كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ