من أقوال السلف في اتباع الهوى -1

منذ 2022-05-10

مخالفة الهوى مطردة للداء عن القلب والبدن, ومتابعته مجلبة لداء القلب والبدن, فأمراض القلوب كلها من متابعة الهوى.

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن أعظم مداخل الشيطان على الإنسان اتباعه لهواه, فما هواه ركبه, حقاً كان أو باطلاً, قال الله عز وجل:  {أفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ}  [الجاثية:23] قال العلامة السعدي رحمه الله: فما هواه سلكه, سواء كان يرضى الله أم يسخطه.

لقد ذمّ الله عز وجل الهوى في كتابه, قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما ذكر الله عز وجل الهوى في كتابه إلا ذمّه. وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: لم يذكر الله الهوى في كتابه إلا ذمه, وكذلك في السنة لم يجئ إلا مذموماً, إلا ما جاء منه مقيداً كقوله صلى الله عليه وسلم:  « لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به»  وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: سمى الهوى هوى, لأنه يهوى بصاحبه إلى النار. وروى هذا عن الإمام الشعبي رحمه الله.

فطوبى لمن جاهد نفسه, ونهاها عن الهوى, وهو كل ما خلف الحق, فالجنة هي المأوى قال الله عز وجل  {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ}  [النازعات:40_41]

للسلف أقوال في اتباع الهوى, يسرّ الله الكريم فجمعتً بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

** قال علي رضي الله عنه: الهوى يصد عن الحق.

** قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله وعلمه, فإن كان عمله تبعاً لهواه فيومه يوم سوء, وإن كان عمله تبعاً لعلمه فيومه يوم صالح.

** قال ابن عون: إذا غلب الهوى القلب, استحسن الرجل ما كان يستقبحه.

** قال الحسن رحمه الله: شر داء خالط قلباً الهوى.

** قال سهل بن عبدالله التستري: هواك داؤك, فإن خالفته فدواؤك.

** قال وهب: إذا شككت في أمرين ولم تدر خيرهما فانظر أبعدهما من هواك فإنه.

** قال الشعبي: إنما سميت الأهواء أهواء, لأنها تهوى بصاحبها في النار.

** قال إبراهيم بن أدهم: الهوى يردي, وخوف الله يشفي, واعلم أن ما يزيل من قلبك هواك إذا خفت من تعلم أنه يراك...وأشد الجهاد جهاد الهوى, من منع نفسه هواها فقد استراح من الدنيا وبلائها, وكان محفوظاً ومعافى من أذاها.

** قال سلمة بن دينار: قاتل هواك أشدَّ من تقاتل عدوك.

** قال منصور بن عمار: إن الغالب لهواه أشدّ من الذي يفتح المدينة وحده.

** قال وهيب بن الورد: يقول الله تعالى: وعزتي وجلالي وعظمتي ما من عبد آثر هواي على هواه إلا أقللت همومه....وعزتي وعظمتي وجلالي ما من عبد آثر هواه على هواي إلا أكثرت همومه.

** قال عبدالله بن خبيق: قال حذيفة المرعشي: انظر هواك, لا تهوى شيئاً من الشرّ.

** قال أبو سليمان الدارني: أفضل الأعمال خلاف هوى النفس

** قال عمر بن عبدالعزيز: أفضل الجهاد: جهاد الهوى.

** قال وهب بن منبه: العقل والهوى يصطرعان, فأيهما غلب مال بصاحبه.

** قال سفينان الثوري: أشجع الناس أشدهم من الهوى امتناعاً.

** قيل للمهلب: بم ظفرت ؟ قال: بطاعة الحزم, وعصيان الهوى.

** قال الإمام ابن حزم رحمه الله: قول الله: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ }  [النازعات:40-41] جامع لكل فضيلةٍ, لأن نهى النفس عن الهوى هو ردعها عن الطبع الغضبي, وعن الطبع الشهواني...وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي استوصاه: ( لا تغضب) وأمره عليه السلام أن يحبَّ المرء لغيره ما يحبُّ لنفسه جامعان لكل فضيلة, لأن في نهيه عن الغضب ردع النفس ذات القوة الغضبية عن هواها, وفي أمره عليه السلام بأن يحبَّ المرءُ لغيره ما يحبُّ لنفسه ردعُ النفوس عن القوة الشهوانية.   

** قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله:

& اعلم أن مطلق الهوى يدعو إلى اللذة الحاضرة, من غير فكر في عاقبة, ويحثّ على نيل الشهوات عاجلاً, وإن كانت سبباً للألم والأذى في العاجل, ومنع لذات في الآجل, فأما العقل فإنه ينهى نفسه عن لذةٍ تعقب ألماً, وشهوةٍ تورث ندماً, وكفى بهذا القدر مدحاً للعقل, وذماً للهوى.

& الشيطان ليس له مدخل على ابن آدم إلا من باب هواه, فإنه يطيف عليه, من أين يدخل عليه, حتى يفسد عليه قلبه وأعماله.

& الله سبحانه وتعالى شبه اتباع الهوى بأخسِّ الحيوانات صورة ومعنى

& متبع الهوى ليس أهلاً أن يطاع, ولا يكون إماماً, ولا متبوعاً.

& اتباع الهوى من المهلكات, قال صلى الله عليه وسلم:  «ثلاث منجيات, وثلاث مهلكات,...وأما المهلكات: فهوى متبع....الحديث» 

& مخالفة الهوى تورث العبد قوة في بدنه, وقلبه, ولسانه.

& أغزر الناس مروءةً أشدُّهم مخالفةً لهواه.

& الله جعل الخطأ, واتباع الهوى قرينين, وجعل الصواب, ومخالفة الهوى قرينين.

& الهوى داء, ودواؤه مخالفته.

& جهاد الهوى إن لم يكن أعظم من جهاد الكفار فليس بدونه.

& اتباع الهوى يغلق عن العبد أبواب التوفيق, ويفتح له أبواب الخذلان, فتراه يلهج بأن الله لو وفق لكان كذا وكذا, وقد سدَّ على نفسه طُرق التوفيق باتباع هواه.

& من نصر هواه فسد عليه رأيه وعقله, لأنه قد خان الله في عقله فأفسده عليه.

& اتباع الهوى يحلُّ العزائم, ويوهنها, ومخالفته تشدُّها وتقويها.

& مخالفة الهوى مطردة للداء عن القلب والبدن, ومتابعته مجلبة لداء القلب والبدن, فأمراض القلوب كلها من متابعة الهوى.

& أصل العداوة والشَّرَّ والحسد الواقع بين الناس من اتباع الهوى, فمن خالف هواه, أراح قلبه, وبدنه, وجوارحه, فاستراح, وأراح.

& لكل عبد بداية ونهاية, فمن كانت بدايته اتباع الهوى, كانت نهايته الذُّل والصغار, والحرمان, والبلاء المتنوع بحسب ما اتبع من هواه,...وقد جعل الله سبحانه وتعالى الجنة نهاية من خالف هواه, والنار نهاية من اتبع هواه.

& مخالفته توجب شرف الدنيا, وشرف الآخرة, وعزَّ الظاهر, وعزَّ الباطن, ومتابعته تضع العبد في الدنيا والآخرة, وتذله في الظاهر والباطن.

& إذا تأملت السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله, وجدتهم إنما نالوا ذلك الظلَّ بمخالفة الهوى.