من أقوال السلف في اتباع الهوى -2
من أعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعاً لهواه فإن ذلك يورثه الجهل والضلال حتى يعمى قلبه عن الحق الواضح
** قال الإمام القرطبي رحمه الله: علل القلوب من اتباع الهوى, كما أن علل الجوارح من مرض البدن.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
& من أعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعاً لهواه فإن ذلك يورثه الجهل والضلال حتى يعمى قلبه عن الحق الواضح
& يوجد في المتبع لهواه من الذل – ذل النفس وضعفها ومهانتها- ما جعله الله لمن عصاه فإن الله جعل العزة لمن أطاعه والذلة لمن عصاه.
& المؤدي للأمانة- مع مخالفة هواه- يثبته الله فيحفظه في أهله وماله بعده. والمطيع لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده فيُذِل أهله ويُذهِب ماله.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
& التعصب واتباع الهوى يصدان عن الحق، ويحرمان الأجر، ويبعدان عن الله ورسوله، ويوجبان مقته، ويخرجان صاحبهما عن درجة الوراثة النبوية، ويدخلانه في أهل الأهواء والعصبية.
& مخالفة الهوى لم يجعل الله للجنة طريقاً غير مخالفته, ولم يجعل للنار طريقاً غير متابعته, قال تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَىٰ * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ} [النازعات:37-41]
وقال الله عز وجل: ﴿ { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ﴾ [الرحمن:46] قيل: هو العبد يهوى المعصية, فيذكر مقام الله عليه في الدنيا, ومقامه بين يديه في الآخرة, فيتركها لله.
& اتباع الهوى يطمس نور العقل ويعمى بصيرة القلب ويصدُّ عن اتباع الحق فلا تحصل بصيرة العبرة معه البتة والعبد إذا اتبع هواه فسد رأيه...فأرته نفسُه الحسن في صورة القبيح والقبيح في صورة الحسن, فالتبس عليه الحق بالباطل فأنى له الانتفاع بالتذكُّر؟
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من قال "لا إله إلا الله " بلسانه, ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذَّب فعله قوله, ونقص من كمال توحيده بقدر معصيته الله في طاعة الشيطان والهوى, {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ} [القصص:50] {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ} [ص:26]
فيا هذا كن عبد الله لا عبد الهوى, فإن الهوى بهوي بصاحبه في النار.
** قال العلامة السعدي رحمه الله:
& العبد ينبغي له إذا رأى دواعي نفسه مائلة إلى حالة فيها هوى, وهي مضرة له, أن يذكرها ما أعد الله لمن نهى نفسه عن هواها, وقدم مرضاة الله على رضا نفسه, فإن في ذلك ترغيباً للنفس في امتثال أمر الله, وإن شق ذلك عليها.
& الهوى إما أن يعمي بصيرة صاحبه, حتى يرى الحق باطلاً, والباطل حقاً, وإما أن يعرف الحق ويتركه لأجل هواه, فمن سلم من هوى نفسه وفق للحق, وهدى إلى الصراط المستقيم.
& لا ينبغي للعبد أن يكون رضاه وغضبه, تابعاً لهوى نفسه الدنيوي, وغرضه الفاسد, بل الذي ينبغي أن يكون لمرضاة ربه.
& اتباع الهوى وإخلاد العبد إلى الشهوات يكون سبباً للخذلان.
& ينبغي للحاكم أن يحذر الهوى, ويجعله منه على بال, فإن النفوس لا تخلو منه, بل يجاهد نفسه, بأن يكون الحق مقصوده, وأن يلقى عنه وقت الحكم كل محبة أو بغض لأحد الخصمين.
& لا يستوى من هو على بصيرة من أمر دينه, علماً وعملاً قد علم الحق واتبعه, ورجا ما وعده الله لأهل الحق, كمن هو أعمى القلب, قد رفض الحق وأضله, واتبع هواه بغير هدى من الله. ومع ذلك يرى أن ما هو عليه هو الحق, فما أبعد الفريقين! وما أعظم التفاوت بين الطائفتين, أهل الحق وأهل الغي!
** قال العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله:
& للهوى مداخل كثيرة, منها: أن يميل الإنسان إلى ما كان عليه أبواه, كما في الحديث الصحيح: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة, وأبواه يهودانه أو ينصرانه»
ومنها: أن يميل إلى ما كان عليه أستاذه.
ومنها: أن يميل إلى ما اعتاده وأَلِفه.
ومنها: أن يميل إلى ما رأى عليه من يحبه ويعظمه.
ومنها أن يميل عما رأى عليه من يبغضه أو يستحقره قال تعالى { {َقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ [هود:27] وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ} [البقرة:13]
ومنها: أن يميل إلى ما وقع في ذهنه أولاً, فيصعب على نفسه أن تعترف أنها أخطأت أولاً, ولا سيما إذا كان قد أظهر قوله الأول.
& إذا تمكن الهوى عميت البصيرة, فَتُعرضُ على صاحبه الحجة النيرة فيرى أنها شبهة فقط,...وتُعرضُ عليه الشبهة الضعيفة الموافقة لهواه فيرى أنها برهان قاطع.
& مسالك الهوى قد تكون خفية جداً, فيتوهم الإنسان أنه لا سلطان للهوى عليه وأنه ممن يجاهد في الله طلباً للحق أنّى كان, مع أنه في الحقيقة خلاف ذلك.
** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري:
& الإحسان إلى الخلق ليس بتحقيق مرادهم والسير على مقتضى ما تهواه نفوسهم بل قد يكون من الإحسان إبعاد الإنسان عن هواه فكم من إنسان يرغب فيما يلحق الضرر بنفسه كما يفعله أصحاب المخدرات والمسكرات فالإحسان إليهم يكون بردعهم عن ذلك وأمرهم بالمعروف وإلزامهم به ونهيهم عن المنكر وإلزامهم بتركه
& متى وجد الهوى فلا بد أن يتفرقوا ويختلفوا, والبدع تنشأ من الأهواء, فإنه إذا وجدت الأهواء وعمل كلّ برأيه بدون أن يستند لنص فحينئذ تنشأ البدع.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: