فلاسفة الغرب والحضارة الغربية الحديثة

منذ 2022-06-26

هذه آراء سجلها قادة ومفكرون وفلاسفة غربيون هي المعبِّر الحقيقي عما تعانيه الحضارة المادية الغربية من عجز في تلبية حاجات الإنسان الضرورية، ومدى ما تركته من آثار مدمرة على البشرية

لقد شهد فلاسفة الغرب ومفكروها بأن السعادة في هذا القرن قد ضاعت من حضارة وتقدم الغرب، إلى درجة أن يقول برتراندرسل: إن حيوانات عالمنا يغمرها السرور والفرح، على حين كان الناس أجدر من الحيوان بهذه السعادة، ولكنهم محرومون من نعمتها في عالمنا الحديث، ولقد أصبح من المستحيل الحصول على هذه النعمة؛ أي: السعادة.

 

ويقرر روجيه جارودي أن الحضارة الغربية تمضي بالعالم إلى الهاوية بما أنتجته من آلات واختراعات تملأ حياتنا وتغزونا من كل جانب، وتشوش تصورنا، ويضيف أن العلوم الغربية أدت إلى تدمير ستين 60 مليون إنسان منذ الحرب العالمية الثانية وقنبلة هيروشيما شاهد على ذلك، وإذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فإننا سنواجه أضعاف ما عشناه ويلات وكوارث.

 

وينادي ألكسيس كاريل بضرورة قلب الحضارة الغربية، وظهور فكرة أخرى للتقدم البشري، ويقول: إن من الواجب أن يحوِّل اهتمام البشرية من الآلات وعالم الجمادات إلى جسم الإنسان وروحه إلى العمليات العقلية والعضوية التي ابتدعت الآلات، وابتدعت دنيا نيوتن وأينشتين، ويقول كذلك: إن أحدًا لا يطيع الأخلاق اليوم، فقد نبذ الإنسان العصري كل نظام في سبيل شهوته، إننا قلَّما نشاهد أفرادًا يتبعون مثلاً أخلاقيًّا أعلى، في تصرفاتهم في هذه المدنية العصرية.

 

ويقول نورثروب: إن عالمنا هذا عالم متناقض؛ فالمنجزات التي تمثِّل أمجاده هي التي تهدده بالدمار، ويبدو أننا كلما تقدمنا في الحضارة، فقدنا القدرة على الحفاظ عليها.

 

ويقرر كونكلين في كتابه الإنسان: الواقع والمثال أن الجنس البشري الآن في أشد أزمة مرَّ بها في تاريخه الطويل.

 

ويقول هارولد تيتوس: إن نظرة الغربيين إلى الإنسان تنطوي على خطأ قاتل، والدليل على ذلك هو مسيرة الأحداث في العقود الأخيرة من هذا القرن التسعينيات، لقد فاز الإنسان بقوى جديدة كبرى في مجالات العلم والتقنية، بَيدَ أن هذه القوى استُخْدِمت لأغراض التدمير بكثرة زائدة، ولقد حدد الإنسان بسرعة نطاق معرفته وجود نوعيتها، بَيدَ أنه لم يتقدم نحو السعادة، وخفض العيش إلا قليلاً، ولقد صمم الإنسان المخططات، وأنشأ المؤسسات العديدة؛ ليفوز بمزيد من الأمن والراحة، ومع ذلك فهو يعاني من الخوف.

 

أما جوليان هكسلي، فيقول: إن هذه الحقبة حقبة شديدة الحرج يسودها العنف والصراع والثورة، والدمار والوحشية والأخطار النووية والذرية، والانفجار السكاني والتلوث البيئي، والانفصام الأيديولوجي والإضراب العام.

 

ويقول لويس ممفورد: الخوف والكراهية والشك والعنف أصبحت جميعًا وباءً مستوطنًا.

 

أما هلبرونر، فيقول: كل الآراء المتفائلة قد باءت بالفشل حقًّا، لم يعد السؤال البيِّن هو عما إذا كانت قوى التقنية والديمقراطية والرأسمالية هي العوامل التي تبشِّر بمستقبل زاهر، بل أصبح السؤال عن درجة مسؤولية هذه العوامل عن الآثار الحاقدة والمدمرة التي تولدت عن الماضي.

 

وفي هذا الصدد يقول إريك فروم: العالم الغربي في طريق مسدود، لقد حصل على الكثير من الأمور الاقتصادية، وفقد أي معنى وهدف في الحياة، وبدون هذا فإن المجتمع الغربي مثل أي مجتمع آخر في الماضي لا بد من أن يفقد حيويته وقوته الداخلية.

 

ويقول بيتريم سوروكين: إن كل جانب من حياة المجتمع الغربي ونظامه وثقافته، إنما هو في أزمة طاحنة أن جسد المجتمع الغربي مريض وعقله مريض، ولا تكاد توجد نقطة صغيرة واحدة على جسده إلا ويعتورها الألم.

 

هذه آراء سجلها قادة ومفكرون وفلاسفة غربيون هي المعبِّر الحقيقي عما تعانيه الحضارة المادية الغربية من عجز في تلبية حاجات الإنسان الضرورية، ومدى ما تركته من آثار مدمرة على البشرية، إن الخلل في موقف الغرب هو خلل ثقافي، بل في قلب الثقافة وجوهرها ألا وهو النظرة إلى الإنسان.

___________________________________________________________

الكاتب: د. زيد بن محمد الرماني