من أقوال السلف في الحياء

منذ 2022-07-19

"الحياءُ من مكارم الأخلاق، بل هو رأس مكارم الأخلاق"

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

أما بعد:

فالحياءُ من مكارم الأخلاق، بل هو رأس مكارم الأخلاق؛ قالت أم المؤمنين عائشة بنت أبي الصديق رضي الله عنهما: "إن مكارم الأخلاق عشرة: صدقُ الحديث، وصدق البأس في طاعة الله، وإعطاء السائل، ومكافأة الصنيع، وصلة الرحم، وأداء الأمانة، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، وقِرَى الضيف، ورأسُهنَّ الحياء.

 

فطُوبى لمن جاهَد نفسه، فحرَص على اكتساب خُلُقِ الحياء؛ قال العلامة العثيمين رحمه الله: "هل الحياء طبيعة أو مكتسب؟ نقول: هو طبيعة ومكتسب، يحصل بتهذيب الإنسان أخلاقه، حتى يكونَ حَيِيًّا؛ ولهذا تجد بعض الناس في أول أمره ... لا يستحيي ولا يبالي، ثم إذا رزقه الله علمًا وفهمًا، صار حييًّا، يضبط نفسه، ولا يقول ما يخجله عند الناس.

 

الحياء في الرجال جميل، وهو في النساء أجمل، ولهن أستر وأفضل؛ قال العلامة صالح الفوزان: "ديننا دين الستر والحياء ... النساء يجب عليهن التستر والحجاب، ولا يقلدْنَ الكافراتِ نساءَ الغرب، أو يقلدن السافرات اللاتي يهتكن الحجاب من المسلمات؛ لأن هذا خلل عظيم في الحياء وفي المروءة، وفي أخلاق الإسلام، فلا تبرز المرأة في اللقاءات والحفلات والمؤتمرات، وفي وسائل الإعلام سافرة متجمِّلة، تجلس إلى جوار الرجل وتصافحه، وتضحك معه من غير خوف، ولا حياء، وتظهر بهذا المظهر المُغري أمام وسائل الإعلام المرئية والمقروءة.

 

لقد سعِدَتْ في الدنيا والآخرة المرأةُ المسلمة التي كان الحياء لها شعارًا ولباسًا، فمنعت نفسها من كل قول أو فعل ينافي الحياءَ.

 

للسلف أقوالٌ في الحياء، جمعت بفضل الله وكرمه بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفعني والجميع بها.

 

• قال عمر رضي الله عنه: عليك بالعلانية، وإياك السر، وكل شيء يُستحيا منه.

 

• قال عمر رضي الله عنه: من قلَّ حياؤه قلَّ ورعه، ومن قلَّ ورعه مات قلبه.

 

• قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أحبوا الطاعات بمجالسة من يُستحيا منه.

 

• قال ابن عباس رضي الله عنهما: أربع من كُنَّ فيه، فقد ربح: الصدقُ، والحياء، وحسن الخلق، والشكر.

 

• عن وهب بن منبه قال: الإيمان عُريان، ولباسه التقوى، وزينته الحياء، وماله العفة.

 

• قال وهب بن منبه: خصلتان إذا كانتا في الغلام، رُجيت نجابته: الرهبة، والحياء.

 

• قال الحسن: أربع من كن فيه، كان كاملًا، ومن تعلق بواحدة منهن، كان من صالحي قومه: دينٌ يرشده، وعقل يسدده، وحَسَب يصونه، وحياء يقوده.

 

• قال الإمام ابن قتيبة: كان يقال: أحيوا الحياء بمجالسة من يُستحيا منه.

 

• قال مجاهد: لو أن المسلم لم يصبْ من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي، لكَفَاه.

 

• قال الحسن: الحياء والكرم خَصلتان من خِصال الخير لم يكونا في عبدٍ، إلا رفعه الله بهما.

 

• عن معبد بن كعب الجهني قال: لباس التقوى الحياء.

 

• قال ابن حبان: الحياء اسم يشتمل على مجانبة المكروه من الخصال.

 

• قال ابن حبان: الواجب على العاقل لزومُ الحياء؛ لأنه أصل العقل، وبَذْرُ الخير، وتركه أصل الجهل، وبذر الشر، والحياء يدل على العقل كما أن عدمه دال على الجهل.

 

• قال ابن حبان: الواجب على العاقل أن يعود نفسه لزوم الحياء من الناس، وإن من أعظم بركته تعويدَ النفس ركوبَ الخصال الحميدة، ومجانبتها الخلال المذمومة.

 

• قال ذو النون: ثلاثة من أعلام الحياء: وزن الكلام قبل التفوه به، ومجانبة ما يُحتاج إلى الاعتذار منه، وترك إجابة السفيه حلمًا عنه.

 

• قال الإمام القرطبي: لا تطلُبوا من الأعمى حاجة، فإن الحياء في العينين.

 

• قال الإمام النووي: حقيقة الحياء خُلُق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، ونحو هذا.

 

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية: المرأة المتشبِّهة بالرجال تكتسب من أخلاقهم ... ما قد يُفضي ببعضهن أن تظهر بدنها كما يظهره الرجال ... وتفعل من الأفعال ما ينافي الحياء والخَفَرَ المشروع للنساء

 

• قال الحكم بن هشام الثقفي العقيلي: يقال: خمسة قبيحة: الفتوة في الشيخ، والحرص في الزهاد، وقلة الحياء في ذوي الحسب، والبخل في ذوي المال، والحدة في السلطان.

 

• قال العلامة ابن القيم: الحياء ... سببه كمال حياة القلب، وتصوره حقيقة القبح ونُفْرَته منه، وضده الوقاحة والفحش، وسببه موت القلب وعدم نفرته من القبيح.

- تأمل هذا الخلق الذي خُصَّ به الإنسان دون جميع الحيوان؛ وهو خلق الحياء الذي هو من أفضل الأخلاق وأجلِّها وأعظمها قدرًا، وأكثرها نفعًا، بل هو خاصية الإنسانية، فمن لا حياء فيه، فليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء.

 

- أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يستر عورته وإن كان خاليًا لا يراه أحد؛ أدبًا مع الله، على حسب القرب منه، وتعظيمه وإجلاله، وشدة الحياء منه، ومعرفة وقاره.

 

- الحياء من الحياة ... وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة خلق الحياء.

- قلة الحياء من موت القلب والروح، فكلما كان القلب أحيى، كان الحياء أتم.

- حقيقته: خُلُق يبعث على ترك القبائح، ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق.

- عمارة القلب بالهيبة والحياء، فإذا ذهبا من القلب لم يبقَ فيه خير.

- الحياء ... مادة الحياة للقلب، وهو أصل كل خير، وذهابه ذهاب الخير أجمعه ... فمن لا حياء فيه ميتٌ في الدنيا، شقيٌّ في الآخرة.

 

• قال الحافظ ابن رجب: الحياء نوعان: أحدهما: ما كان خُلُقًا وجِبِلَّةً غير مكتسب، وهو من أجلِّ الأخلاق التي يمنحها الله العبد، والثاني: ما كان مكتسبًا عن معرفة الله، ومعرفة عظمته، وقربه من عباده واطلاعه عليهم، فهذا من أعلى خصال الإيمان، بل هو من أعلى درجات الإحسان.

- قد يتولد الحياء من الله من مطالعة نعمِهِ، ورؤية التقصير في شكرها.

- إذا سُلب العبدُ الحياءَ المكتسب والغزيري، لم يبقَ له ما يمنعه من ارتكاب القبيح، فصار كأنه لا إيمان له، والله أعلم.

 

• قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: الحياء ... خلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ... فهو من الإيمان؛ لكونه باعثًا على فعل المعصية، وحاجزًا عن فعل المعصية.

- الحياء الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس حياء شرعيًّا، بل عجزًا ومهانة.

 

• قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي: الحياء من الأخلاق الفاضلة، وخصوصًا في النساء.