الحذر من بدع عاشوراء

منذ 2022-08-06

ينبغي على المسلم أن يحذر من البدع الشائعة في يوم عاشوراء

ينبغي على المسلم أن يحذر من البدع الشائعة في يوم عاشوراء، فقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل، والاغتسال، والحناء والمصافحة، وطبخ الحبوب وإظهار السرور، وغير ذلك، هل لذلك أصلٌ؟ أم لا؟.

فأجاب في كتابه مجموع الفتاوى: الحمد لله رب العالمين، لم يرد في شيءٍ من ذلك حديثٌ صحيحٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولا استحب ذلك أحدٌ من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئاً، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة، ولا التابعين، لا صحيحاً ولا ضعيفاً، ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث مثل ما رووا أن من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، وأمثال ذلك.

ورووا في حديثٍ موضوعٍ مكذوبٍ على النبي صلى الله عليه وسلم: أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة. ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم كذبٌ.

 

ثم ذكر رحمه الله ملخصاً لما مرّ بأول هذه الأمة من الفتن والأحداث ومقتل الحسين رضي الله عنه وماذا فعلت الطوائف بسبب ذلك فقال: "فصات طائفةٌ جاهلةٌ ظالمةٌ: إما ملحدةٌ منافقةٌ، وإما ضالةٌ غاويةٌ، تظهر موالاته وموالاة أهل بيته، تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة، وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود، وشق الجيوب، والتعزي بعزاء الجاهلية.. وإنشاد قصائد الحزن، ورواية الأخبار التي فيها كذبٌ كثيرٌ والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن، والتعصب، وإثارة الشحناء والحرب، وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام، والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين.. وشر هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام.

 

فعارض هؤلاء قومٌ إما من النواصب المتعصبين على الحسين وأهل بيته، وإما من الجهال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد، والكذب بالكذب، والشر بالشر، والبدعة بالبدعة، فوضعوا الأثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال والاختضاب، وتوسيع النفقات على العيال، وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة، ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم، فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسما كمواسم الأعياد والأفراح، وأولئك يتخذونه مأتماً يقيمون فيه الأحزان والأتراح، وكلا الطائفتين مخطئةٌ خارجةٌ عن السنة".

 

وقال ابن رجب في كتابه لطائف المعارف: "وكل ما روى في فضل الاكتحال في يوم عاشوراء، والاختضاب، والاغتسال فيه، فموضوع لا يصح... وأما اتخاذه مأتماً كما تفعل الرافضة لأجل قتل الحسين بن علي فيه، فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، وولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً فكيف بمن هو دونهم؟".

 

وقال الإمام ابن الحاج المالكي رحمه الله في كتابه المدخل: "من بدع عاشوراء تعمد إخراج الزكاة فيه تأخيراً أو تقديماً وتخصيصه بذبح الدجاج واستعمال الحنّاء للنساء".

 

ويفهم مما سبق أن كل من اتخذ يوم عاشوراء عيداً أو يوم حزن قد فعل بدعة، وقد ضل في يوم عاشوراء طائفتين:

• طائفة شابهت اليهود فاتخذت عاشوراء موسم عيد وسرور، تظهر فيه شعائر الفرح كالاختضاب والاكتحال، وتوسيع النفقات على العيال، وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة، ونحو ذلك من عمل الجهال، الذين قابلوا الفاسد بالفاسد، والبدعة بالبدعة.

 

• وطائفة أخرى اتخذت عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة، لأجل قتل الحسين بن علي – رضي الله عنهما – تُظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود وشق الجيوب، وإنشاد قصائد الحزن، ورواية الأخبار التي كذبها أكثر من صدقها، والقصد منها فتح باب الفتنة، والتفريق بين الأمة، وهذا عمل من ضلّ سعيه في الحياة الدنيا، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً.

 

وينبغي أن تكون العبادة حتى تكون مقبولة خالصة لوجه الله تعالى وموافقة لشرعه، ولم يرد في يوم عاشوراء إلا الصوم، وهذا ما ينبغي الحرص عليه لا غيره من البدع.

 

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.