من أقوال السلف في فضل العلم -1

منذ 2022-08-23

** قال العلامة السعدي رحمه الله: لولا العلم لكان الناس كالبهائم, والحاجة إلى العلم أعظم من الحاجة إلى الطعام والشراب.

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فقد أثنى الله عز وجل على العلم وأهله العاملين به, فرفع درجتهم في الدنيا والآخرة, قال عز وجل: ﴿ { يرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } ۚ [المجادلة:11]

ومن أراد الله به خيراً فقه في الدين, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «من يرد الله به خيراً يفقه في الدين» )) [متفق عليه]

والعبد إذا مات فمن الأعمال التي تنفعه في قبره: العلم النافع الذي تركه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به» ....الحديث) [أخرجه مسلم]

والمراد بالعلم: العلم الشرعي الذي فيه سعادة العبد في الدنيا والآخرة, والفخر والشرف في العلم الذي جاء به الرسول علية الصلاة والسلام, قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: المتأخرون قد علموا أمور الدنيا والاختراعات فهذا لا يدلّ على فضلهم لأن هذا ليس بعلم شرعي, هذه أمور دنيوية ومتاع قليل, إنما العلم والفخر والشرف في العلم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم, لأنه هو الذي ينفع الإنسان في الدنيا والآخرة, أما هذا العلم وإن كان فيه شيء من النفع فهو قد يضر الإنسان ويحمله على الكبر والظلم والعدوان ما الذي استفادته البشرية الآن من هذه المخترعات وهذه الأسلحة الفتاكة وهذه القنابل المدمرة ؟ استفادت الخسار والدمار والخطر حتى الذين اخترعوها يخافون منها غاية الخوف تهددهم غاية التهديد لكن العلوم الدنيوية إذا استعين بها على عمل الآخرة, صارت خيراً.

ومن وفقه الله ومنّ عليه بمحبة علوم الشريعة فقد نال خيراً كثيراً, قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: من أنواع البركة التي يفيضها الله عز وجل على خاصة عباده, أن يمنّ عليهم بمحبة العلم, ومحبة تدارسه, والإقبال على ذلك.  

والإنسان له أجر عظيم في تعلمه, قال أبو الدرداء رضي الله عنه: العالم والمتعلم في الأجر سواء.

للسلف أقوال في فضل العلم, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

  • طريق إلى المعرفة بالله, والوصول إلى رضوانه,:

** قال يوسف بن الحسين: بالعلم يصح له العمل, وبالعمل تنال الحكمة, وبالحكمة يفهم الزهد, وبالزهد تترك الدنيا, وبترك الدنيا ترغب في الآخرة, وبالرغبة في الآخرة ينال رضي الله تعالى.

** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: لا طريق إلى معرفة الله, وإلى الوصول إلى رضوانه, والفوز بقربه, ومجاورته في الآخرة, إلا بالعلم النافع, الذي بعث الله به رسله, وأنزل به كتبه.

** قال العلامة السعدي رحمه الله: العلم به يعرف الله, وبه يُعبد.

  • يُورث خشية الله جل جلاله:

** قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: بحسب المرء من العلم أن يخشى الله.

** قال ابن مسعود رضي الله عنه: كفى بخشية الله علماً, وكفى بالاغترار بالله جهلاً.

** قال أحمد بن يوسف بن أسباط: قلت لأبي: أكان مع حذيفة المرعشي علم ؟ قال: كان معه العلم الأكبر: خشية الله.

 

** قال عبدالله بن المبارك: أكثركم علماً ينبغي أن يكون أشدكم خوفاً.

** قال سفيان الثوري: إنما يُطلب العلم ليُتقى الله به, فمن ثمّ فُضِّل, فلولا ذلك لكان كسائر الأشياء.

** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: العلم ثمرته: خشية الله كما قال عز وجل: { إنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}  [فاطر:28]

** قال العلامة السعدي: قوله تعالى: ﴿ { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } ۗ﴾ فكلّ من كان بالله أعلم كان أكثر له خشية وأوجبت له خشية الله الانكفاف عن المعاصي, والاستعداد للقاء من يخشاه, وهذا دليل على فضيلة العلم. فإنه داع إلى خشية الله.

** قال العلامة عبدالله بن حميد رحمه الله: العلم الحقيقي الذي يُورثُ الخشية من الله.

** قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ:

& المرء كلما ازداد علمه بالله عز وجل, علم أن ذنوبه كثيرة, كثيرة كثيرة...وخشي الله عز وجل, وخشي أن يطأ عقبه اثنان, خشي أن يُعظم في الخلق, خشي أن يُرفع في الناس, لأنه يعلم من الله عز وجل ومما يستحقه الله عز وجل ما يوقن بأنه لن يبلغ أن يكون موفياً لله عز وجل حقه فيكون مقصراً في الشكر.

& العلم يورث الخشية, وإذا لم يورث في طالب العلم الخشية, والإنابة, والرجوع إلى الله, والأنس به, والاستغفار, وملازمة التقوى, فإنه يجب أن يحاسب نفسه على ذلك وأن يجعل العلم الذي معه حجة له في الرجوع إلى الصراط المستقيم.

فائدة: قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: أذكر في زمان الصبوة ووقت الغلمة والعزبة قدرتي على أشياء كانت النفوس تتوق إليها توقان العطشان إلى الماء الزلال, ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلم من خوف الله عز وجل.

 

** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: ( «سهل الله له طريقاً » ) أي: في الآخرة, أو في الدنيا بأن يوفقه للأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة, وفيه بشارة بتسهيل العلم على طالبه, لأن طلبه من الطرق الموصلة إلى الجنة.

** قال العلامة السعدي رحمه الله: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً, طريقاً حسياً أو معنوياً, سلك الله وسهل له طريقاً إلى الجنة.

** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: ينبغي الإسراع في طلب العلم وإدراكه والجد والاجتهاد في هذا لأنه من طرق الجنة التي أمر الله بالإسراع إليها في قوله سبحانه: ﴿ {وسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}

  • حسنات جارية للعبد حياً وميتاً:

قال العلامة السعدي رحمه الله: كل من انتفع به في نفسه, ونفع به غيره بسببك, فهو حسنات جارية لك حياً وميتاً

  • من أكبر نعم الله على العبد:

** قال العلامة السعدي رحمه الله:

& من أكبر نعم الله على عبده أن يرزقه العلم النافع ويعرف الحكم والفصل بين الناس, كما امتن الله به على عبده داود عليه السلام

& منن الله على العباد كثيرة, وأفضل ما منَّ الله على عبده به هو: العلم النافع.

  • نور للصدور وحياة للقلوب:

قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر  السعدي رحمه الله: العلم نور للصدور وحياة للقلوب.

 

  • محبة الناس لطالب العلم:

قال الإمام ابن حزم رحمه الله: لو لم يكن من فضل العلم إلا أن الجهال يهابونك ويحبُّونك, وأن العلماء يحبُّونك ويكرمونك, لكان ذلك سبباً إلى وجوب طلبه, فكيف بسائر فضائله في الدنيا والآخرة ؟  

  • من أفضل القًرب وأجل الطاعات:

** قال الحسن رحمه الله: لباب واحد من العلم أتعلمه, أحب إليَّ من الدنيا وما فيها.

** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: طلب العلم من أفضل الأعمال, وإنما صار كذلك _ والله أعلم _ لأن الملائكة تضع أجنحتها له بالدعاء والاستغفار.

** قال الإمام القرطبي رحمه الله: طلب العلم فضيلة عظيمة, ومرتبة شريفة, لا يوازيها عمل.

** قال الإمام النووي رحمه الله: الاشتغال بالعلم من أفضل القرب وأجلّ الطاعات وأهم أنواع الخير, وآكد العبادات وأولى ما أنفقت فيه نفائس الأوقات, وشمر في إدراكه والتمكن فيه أصحاب الأنفس الزكيات وبادر إلى الاهتمام به المسارعون إلى الخيرات

** قال العلامة السعدي رحمه الله: من أكبر القرب التي يتقرب بها إلى رب العالمين, وينال بها رضاه ويدرك بها ثوابه, وقد فضله أكثر العلماء على كل العبادات, فكيف عند أشد الحاجات إليه.

  • من أعظم علامات الخير للعبد:

قال العلامة السعدي : " «من يرد الله به خيراً يفقه في الدين» " فمن أعظم علامات الخير للعبد, وأن الله أراد فلاحه وسعادته, أن يرزقه السعي في تحصيله ويعلمه إياه.

 

  • يُزهدُ في الدنيا وأهلها:

قال عبدالباقي بن يوسف بن على البراعي: العلم دليل, فمن لم يدله علمه على الزهد في الدنيا وأهلها, لم يحصل على طائل من العلم, ولو علم ما علم, فإنما ذلك ظاهر من العلم, والعلم النافع وراء ذلك.

  • يزيل الشبهات ويدفع الشهوات:

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: العلمُ يُستفاد به شيئان:

الشيء الأول: اليقين, الذي تزولُ به وسواس الشيطان بالشبهات والشكوك, فاليقين من صفة أهل الإيمان, وكلما كان المرء عالماً كلّما حصل له اليقين, وكلما كان متمسكاً بمنهج السلف الصالح, وعقيدة أهل السنة, حصل له من اليقين ما لم يحصل لغيره, ولأمثاله من أصحاب العقائد والاتجاهات الأخرى.

الشيء الثاني: ما يدفع الله به الشهوات من القلب, وهو الورع الذي تندفع به الشهوات والأدران, ولهذا كان العلماء هم أهل الخشية: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } ۗ[فاطر:28] لأن عندهم من العلم ما يدفعُ الله به الشبهات والشهوات.

  • لم يأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم:

** قال ابن القيم رحمه الله: الله سبحانه أمر نبيه أن يسأله مزيد العلم, فقال تعالى:  {فَتَعالَى اللَّـهُ المَلِكُ الحَقُّ وَلا تَعجَل بِالقُرآنِ مِن قَبلِ أَن يُقضى إِلَيكَ وَحيُهُ وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا}  [طه:114] وكفى بهذا شرفاً للعلم أن أمر نبيه أن سأله المزيد منه.

** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله عز وجل:  { رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}  [طه:114] واضح الدلالة في فضل العلم, لأن الله تعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم.

 

  • به يتبين الراجح من الأقوال:

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: من فوائد العلم: أنه يتبين للمرء الحق, ومن هنا نعرف أن العلم ليس بمعرفة الأقوال, وإنما العلم بمعرفة الراجح من الأقوال.

  • ميراث الأنبياء:

قال العلامة السعدي رحمه الله:

& العلم ميراث الرسول, والعلماء ورثة الأنبياء, فإن الأنبياء لم يورثوا إلا العلم, فمن أخذ به أخذ بحظ وافر.

& ميراث النبي صلى الله عليه وسلم, فليستقل العبد منه أو يستكثر, فله من إرث النبي صلى الله عليه وسلم, ومن النيابة عنه بحسب حاله.

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: من لازم العلم تعلماً وتعليماً, فإنه يتصدق في كل لحظة تمرُّ عليه على نفسه, وكذلك على غيره, ولهذا أهل العلم أعظم الناس أجوراً إن صلُحت نياتهم.

  • يؤثر على الإنسان في عبادته وسلوكه:

** قال الحسن: كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشعه وهديه ولسانه وبصره ويده.

** قال العلامة السعدي رحمه الله: العلم يقوّم ما اعوج من الصفات, ويكمل ما نقص من الكمالات, ويسد الخلل.

** قال العلامة عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله: العلم النافع يؤثر على الإنسان في سلوكه, وأخلاقه, وعبادته, واستقامته.

ــــــــــــ

قال العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله: قد استقر في الأذهان, واستغنى عن إقامة البرهان, ما للعلم من الشرف والفضيلة, وأنه هو الوسيلة لرفع الإنسان في المعنى عما ارتفع عنه في الصورة من البهائم.

 ومما لا نزاع فيه أن العلوم تتفاوت في مقدار ذلك الشرف, منها: الشريف والأشرف, والمهم والأهم.

ومهما يتصور لعلوم الفلسفة والطبيعيات والرياضيات والأدبيات والصناعيات وغيرها من العلوم الكونيات مهما يتصور لها من الشرف والفضيلة, والمرتبة الرفيعة, فإنها لا تُداني في ذلك العلم الذي مع لها في ترقية المدارك, وتنوير العقول, ينفرد عنها بإصلاح الأخلاق, وتحصيل السعادة الأبدية, وهو علم الدين.

  • الحاجة إليه أعظم من الحاجة إلى الطعام والشراب:

** قال حرب: سمعت أحمد يقول: الناسُ محتاجون إلى العلم قبل الخبز والماء, لأن العلم يحتاج إليه الإنسان في كل ساعة, والخبز والماء في اليوم مرة أو مرتين.

** قال عبدالرحمن بن مهدي: الرجل إلى العلم أحوج منه إلى الأكل والشرب.

** قال العلامة السعدي رحمه الله: لولا العلم لكان الناس كالبهائم, والحاجة إلى العلم أعظم من الحاجة إلى الطعام والشراب.