من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه

منذ 2022-09-03

إن القلب هو ملك الجوارح جميعًا ومسير لها، ولكي ينشغل بالعبادة الحقة ويضبط بقية الحواس؛ يجب أن يكونَ طاهرًا نقيًّا خاليًا، إلا مَن حب الله ونهجه المستقيم، متخلصًا من جميع الأمراض المفسدة له، والمشقية لجميع جوارح صاحبه.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الحلال بيِّن، وإنَّ الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ مِنَ الناس، فمَنِ اتقى الشبهات استبرأ لدينه[1] وعرضه، ومَنْ وقَع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرْعَى حول الحمى، يُوشك أن يقعَ فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة[2] إذا صلَحت صلح الجسد كله، وإذا فسدتْ فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»[3].

 

إن القلب هو ملك الجوارح جميعًا ومسير لها، ولكي ينشغل بالعبادة الحقة ويضبط بقية الحواس؛ يجب أن يكونَ طاهرًا نقيًّا خاليًا، إلا مَن حب الله ونهجه المستقيم، متخلصًا من جميع الأمراض المفسدة له، والمشقية لجميع جوارح صاحبه.

 

فانشغالُه التام بالعبودية الصحيحة يقيه من أمراضه الموجبة لفساد الأخلاق؛ من الهلَع، والجزَع، والشُّح، والمنع، والحرص، واللدد في الخصومة، والجهل، والغرور، والظلم، والبغي، والجدل، والمراء، والطيش، والسَّفه المبَدِّد لجميع الطاقات، والعجب، والخيلاء، والشك، والأشر، والبطر، والرِّيبة، والغفلة، والجمود، والكبر، والفُجُور، والادِّعاء الكاذب، والعناد، والتمرد والطغيان من جهة، والضعف واليأس والخور من جهة أخرى، والافتتان بالدنيا، وحب المال والشهرة، والمكر، والتشفِّي، والحقد، والغضب، والحسد، والهمز، واللمز، والانهماك بالشهوات، وغير ذلك، فإن الضمير منشأ الفعل ومصدره، فإن كان صالحًا بمراقبة الله ومحبته وخشيته كانت الأعمال صالحة، والأخلاق حسنة؛ لانتفاء هذه الأوصاف والسجايا المذمومة، وإن كان الضمير فاسدًا لحلول غير الله فيه من أنواع الأنانية، وحب اللذات، فسدت الأعمال والأخلاق؛ لأن الأقوال والأعمال معبرة عما في الضمير.

 

وسُلُوك الإنسانِ تبع لتصوُّره حسب ما في قلبه مِن قُوَّة حبِّ الله ورسوله وتعْظيمهما، ومِن ضعف ذلك أو فقدانه بالكلية، فإنَّ ما في الضمير غيب لا يعلمه إلا الله، ولكن الأقوال والأعمال التي يَتَحَرَّك بها اللسان والجوارح مخبرة عما في الضمير، وشاهِدة عليه، فبصدورها يكون الحُكم عليه، كالحكم على الحاضر المشاهد المنظور بالعين، المسموع بالأذنين، وقد قرَّر علماء الأخلاق - عن الخُلق - أنه حال نفسية تصدر عنها الأفعال بسهولة، فإن كانتْ حسنة كان الخلق حسنًا، وإن كانتْ سيئة فهو سيئ، فإذا زهد الإنسان في الجانب الروحي، أو جهل مقوماته ورغائبه، اندفع وراء شهواته المادِّية، وأغراضه الشخصية؛ لقِلة الوازع الروحي في الضمير، فحصل منه جميع ما ذكرناه من مفاسد الأخلاق أو أضعافها، واندفع إلى أنواع من الشرور يَتَضَرَّر بها الناس على حسب قوة انْدِفاعه ومبلغ نَزْوته فيها.

 

ومن هنا تكثر الجرائم، ويستفحل الإثْم والعدوان، وتكثر الضغائن؛ فتوقد نيران الحُرُوب المهلكة والفاتكة، كما يجري في عالم الماديين، ولا تنجو الإنسانية من ذلك أو أكثره إلا بالعودة إلى الله، والصدق معه في تحقيق عبادته، والتزام حكمه فيما أنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما جرى في الإسلام مِن قِتال، فهو لتحقيق الحياة الطيبة، بِتَعْزيز العقيدة لإعلاء كَلِمة الله، وحِفْظ النفوس مِن القتل الجماعي، الذي تستعمله فئةٌ ضد الفئة الأخرى في عالمنا المادي الحاضر.

 

إنَّ الاتِّجاه الصادق من المؤمن إلى الله بالضراعة الصادقة الواعية - يقصر مهمته على غاية شريفة باتجاه واحد، يغرس في قلبه العفاف والطمأنينة، والترفُّع والابتعاد عن كل ما يخل بعبودية الله، وينجيه من الجشع، والتطلع إلى ما عند غيره، فيسلم قلبه مِن أنواع التوجُّع على ما فاته من طمع أو شهوة، وينجو من أمراض القلق الذي ما زال يفتك بالماديين، الذين انسعرتْ أفئدتهم بجشع أطماعهم الشهوانية، وأغراضهم الأنانية، وتلهفهم على حصول المال والمكاثرة به.

 

والذين هم دائمًا في سباق رهيبٍ للحصول على أكبر نصيب من ذلك، فقواهم البدنية والنفسية منطلقة كالآلة الدائمة الدوران لهذه الغاية المستثيرة لأعصابهم، المقلقة لأفئدتهم إقلاقًا يهلك بعضهم بأنواع أمراض القلب والصدر، ويدفع بالبعض الآخر إما إلى ارتكاب شتى الجرائم، أو إلى تسعير حروب مهلكة بسبب التكالُب على هذه المطالب المادية، والأغراض النفسية، بل يدفع بهم إلى كل من ذلك كما هو المشاهَد، فهم يعيشون في وحشةٍ وتنافُر وشِقاق وتسابُق في التسلُّح، وتنافُس ومهارة بأنواع المكْر والجرائِم.

 

أما توجيه الله لعباده المؤمنين المتقبلين لوحيه، الصادقين في ضراعتهم إليه، فهو توجيه نزيهٌ مُريح، يبث السكينة في القلوب، ويستأصل منها جميع جراثيم الطمع المادي الصرف، والتوجع عليه، لانحصار قصده وغايته في خدمة عقيدته، والتوَجُّه الصادق من الإنسان المؤمن إلى ربه، والاستئناس بِوَحْيه والتلَذُّذ به، والتشرُّف بتنفيذ وصاياه من حمل رسالته والذَّب عنها، والطموح الروحي إلى نيل وعده الكريم في الدنيا والآخرة، وصدق التوكل عليه بالجد في العمل، والمثابَرة بكل فرحٍ وشغف واطمئنان، كما جرى مِنَ الرعيل الأول.

 

ومِن ذلك التوجيه ما رواه التِّرْمذي عنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن أصبح والآخرة أكبر همه، جمع الله له شمله، وجعل غناه في قلبه، وأَتَتْه الدنيا وهي راغمة، ومن أصبح والدنيا أكبر همه، جَعَل الله فقره بين عينيه، وفرَّق عليه ضيعته، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له»، وزاد في رواية البيهقي: «وما أقبل عبدٌ بقَلْبه على الله - عز وجل - إلا جَعَل قُلُوب المؤمنين تفد إليه بالود والرحمة، وكان الله إليه بكل خير أسرع»[4].

وروى الحاكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن جعل الهم همًّا واحدًا كفاه الله هَم دنياه، ومَن تشعبته الهموم لم يبالِ الله به في أي أودية الدنيا هلك»[5].

 

ولقد صدق مدلولُ هذه الأحاديث على الماديين، حتى من المنتَسبين للإسلام، ممن لم يصدقوا في ضراعتهم مع الله بـ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5].

فتراهم في نهمة وجشع، وهلَع وتحَسُّر، وتطاحُن وقلق مُهلك، بحيث إن الإحصائيات الطبية قررت أن عدد الوفيات بأمراض القلب والصدر، وحوادث الانتحار، أكثر مما أهلكتْه الحروب الراهنة خلال عشرين سنة في الولايات المتحدة، التي تعتبر رمز الحُرية والحضارة، والتقدُّم المالي المشوب بالفقر الروحي، والعياذ بالله.

والنصوص والأحاديث النبَوية كثيرة في هذا المضمار الهادف للرضا والطمأنينة، وضبط عواطف البشر عن قصر النظر على المطالب المادية، والكدح المجنون في معركة الحياة البهيمية الغارسة للأضغان، المثيرة للعداوة، المحرقة للصداقات والفضائل.

 

ولا عِبْرة بسوء فهم بعض الناس لمعاني هذه الأحاديث، مما أفضى إلى إهمال بعضهم لها، وإلى مغالاة بعضهم باستخدامها في إبطال أعمال الحياة، فهي لا تنص على ترك الأعمال وعيشة الدروشة، وإنما تنهى عن إيثار الدنيا، وقصر النظر على المادة، ونسيان واجب الله من حياة العبد والتعلُّق بغَيْره، وتعطيل العمل لدينه، زهدًا فيه ورغبة في غيره من المسالك المادية بأي مذهب، وأي مبدأ ينشغل به الإنسان عن عبودية الله، فيكون عبدًا للهوى والشهوات، عبدًا للدينار والدرهم والمتاع، مُنصَرفًا بقلبه وحركاته إلى ذلك دون الله.

 

فهذه معانيها السامية النافعة المطهرة الشافية للمخلصين المتبعين، الذين لا يحبون الحياة إلا من أجل الله، والعمل في مرضاته، وإعلاء كلمته، ويقصدون بجميع أعمالهم وحركاتهم هذا الهدف المحقِّق لجميع أنواع الفوز والسعادة في الدارَيْن، والجالب لمدد الله في الحياة من إسلام المركز العالي الصحيح، والذين تمنحهم عبودية الله هذه المُميزات، وتنعدم فيهم أسباب القلق - يسلم تفكيرهم من تأثير العواطف، وتحفُّهم السكنية التامة عند النوازل والملمات، فلا يغيب شيء من تفكيرهم أو نظرهم إلى الحقائق، ويتلقَّون الأحداث بدون انزعاج، أو حيرة، أو تروع يعمي عليهم سبل التفكير، أو ينقصها أبدًا؛ لأنهم بقوة ثقتهم بالله، وحسن نيتهم معه، وإخلاصهم له، وتفانيهم في سبيله، ينظرون بنوره، فهو سمعهم الذي يسمعون به، وبصرهم الذي يبصرون به، وقوتهم التي يندفعون بها ويبطشون، كما ورد الحديث القدسي بذلك[6]، ولا يبتلون بالأوهام والخواطر السيئة التي تصيب غيرَهم، بل هم في مأمن من جميع عوامل الهزيمة والتفَكُّك، شعارهم في جوانحهم وجوارحهم: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:51].

 

إنَّ القَلْب السليم هو الذي يتلَقَّى حكم الله بالمسالمة والانقياد المحض، والتسليم بلا منازعة، فلا يعارضه بذوق أو سياسية أو قياس أبدًا، بل بالإذعان والقبول، دون حلول شبهة تعارض شريعة الله، أو شهوة تعارض أمره وتحول دون تنفيذه.

فهذا القلب السليم من الشهوات والشبهات هو الملك المسير للإنسان تسييرًا روحانيًّا ربانيًّا لا شيطانيًّا، وهو الذي يتكَوَّن في حامليه عباد الرحمن الذين ليس للشيطان عليهم سبيلٌ، فلا يكسب الشيطان منهم راجلاً ولا راكبًا، بل هم الذين يهزون أهل الأرض، ويصعقون اليهودية العالمية في كل مكان، كما حصل ذلك من المتتلمذين على المدارس المحمدية الحنيفيَّة، لا على المدارس المعولة على الخطط والمفاهيم الماسونية، ممن هم كسب لليهود، وقرة لعيونهم.

 

وعلى المسلم أن يعتني غاية الاعتِناء بسلامة قلبِه، وذلك:

1- بتصفيته مما يرد عليه من الهمسات والخواطر التي تفتنه بشبهة، أو تشغله بشهوة.

2- تصفيته مما يقذف عليه مِنَ الآراء والنظريات.

3- معنى فساد المقاصِد، وهي ما يكون لغَيْر الله مِن كُل غرَض وشهوة.

4- وتصفيته من مثبطات الهمم.

5- ومن التعلق بغير الله أو إيثار شيء على مُراده، ولو أقرب قريب أو أنفس نفيس في الدنيا.

6- وتصفيته من استعذاب شيء فوق استعذاب عبادة الله بأي أنواعها، أو على عذوبة كلامه وكلام رسوله - عليه الصلاة والسلام.

7- ومن التعلُّق بجمال شيء ينسيه جمال الله ولذة قربه، بل إذا أعجبه جمال شيء ذكر جمال الله الذي جميع ما في الأكوان مِن جمال فهو أثر من آثار جماله.

8- وتصفيته من إجلال غير الله، والخوف مِن غير الله، أو رجائه أو قصر محبته عليه، أو تفْضيلها على حُبِّه.

وذلك أنَّ القلب وعاء كسائر الأَوْعِية، وكل وعاء لا يكون فيه صلاحية لِوَضْع شيء، حتى يفرغ من ضده ويصفّى، كما في القاعدة العقلية: إن قبول المحل لما يوضع فيه مشروطٌ بتخليته وتنقيته من ضده.

 

والقلوب شأنها أعظم من ذلك، ولا تصلح لقرار حب الله وإجْلاله وتعْظِيمه، والخوف منه، ومحبة ما جاء عنه، ونحو ذلك ومُقتضيات الدين والعبودية، حتى تفرغ وتصفو مِن حُبِّ غير الله وتعظيم غير الله، والخوف مِن غير الله أو رجائه، وتصفو من محبة لَهْو الحديث، والتعلُّق بالأنانية والشهوات، وتصفو مِنَ العلوم المنْحَرِفة، والنظريات الإلحاديَّة، وهناك تكون فيها القابِليَّة الصَّحيحة.

فإنَّ القَلْب إذا صفتْ مقاصِده لله، وصفتْ معلوماته مما سواه، وانحشى بوحيه العزيز، وانشغل بذكر أسمائه الحسنى، متدبرًا معانيها ومشتقاتها، ليعامل الله بمقتضاها، ولا يأنس إلا بها، صفتْ موارده، وخلصت مقاصده، فصار سليمًا، وفي حصن حصين من غزو أعدائه شياطين الإنس والجن، ومن همزاتهم؛ فيثمر له صفاءُ علمه ومتعلقاته حسنَ السلوك الذي يسير الأعضاء والأحاسيس حسب مَرْضاة الله.

 


[1] استبرأ لدينه: أي: طلب التبري من التهمة والخلاص منها.

[2] مضغة: القطعة من اللحم بقدر اللقمة التي يمضغها الإنسان.

[3] أخرجه البخاري: (1/ 117) في الإيمان، باب: فضل مَن استبرأ لدينه، ومسلم برقم: (1599) في المساقاة، باب: أخذ الحلال وترك الشبهات، وأخرج أبو داود، والترمذي، والنسائي جزءًا منه.

[4] الرواية الأولى رواها الترمذي برقم: (2467) في صفة القيامة، باب رقم: (31) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - وإسناده ضعيف، فيه يزيد بن أبان الرقاشي: ضعيف، كما في التقريب برقم: (7683)، وفيه أيضًا الربيع بن صبيح: صدوق سيئ الحفظ، كما في التقريب برقم: (1895).

والرِّواية الثانية: ليستْ عند الترمذي، وقد ذكرها الهيثمي في "مَجْمع الزوائد": (10/ 250)، وقال: رواه البزار، وفيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف.

أقول: ولكنْ للحديث شاهدٌ عند ابن ماجه، من حديث زيد بن ثابت برقم: (4157) في الزهد، باب: الهم بالدنيا. وابن حبان برقم: (72) وإسنادهما صحيح، رجاله ثقات، وبهذا يرتقي الحديث لدرجة الحسن، والله أعلم.

[5] أخرجه الحاكمُ في "المستدْرَك"، (2/ 443) و(4/ 329)، وقال: حديث صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي، وقد أشار إلى تحسين الحديث شيخُنا الألباني في صحيح الجامع برقم: (6189).

[6] أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : (11/ 292) في الرقاق، باب: التواضع، وقد فسر البعضُ قوله: ((كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها...)) الحديث، بأن ذلك من المجاز والكناية عن نصرة العبد وتأييده وإعانته، وهو ليس كذلك، وإنما هو ظاهر النص، فالله - سبحانه وتعالى - يُسدد الولي في سَمْعه وبصره ويده ورجله؛ بحيث يكون إدْراكه وعمله لله، وبالله، وفي الله، ولذلك أخَذ السلفُ الصالح بظاهِر الحديث، وأجروه على حقيقته، فإن ظاهر النص ينطبق ويثبت عبدًا ومعبودًا، ومتقربًا ومتقربًا إليه، ومحبًّا ومحبوبًا، وسائلاً ومسؤولاً، ومعطيًا ومعطى له، ومستعيذًا ومستعاذًا به، فسياق الحديثِ يدلُّ على اثنين متباينَيْن، كل واحدٍ غير الآخر، فكيف يفهم مِنَ الحديث أن الله تعالى يكون سمع الولي وبصره ويده ورجله؟ وما هي الحاجة لصرف الحديث عن ظاهره وتسمية ذلك بالمجاز والكناية؟!