فوائد مختارة من تفسير الإمام الطبري (2)

منذ 2022-09-21

فهذا الجزء الثاني من فوائد مختارة من تفسير الإمام الطبري, رحمه الله, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

                                  بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذا الجزء الثاني من فوائد مختارة من تفسير الإمام الطبري, رحمه الله, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

  • الصلاة

& الصلاة فيها تلاوة كتاب الله الداعية آياته إلى رفض الدنيا وهجر نعيمها, المسلية النفوس عن زينتها وغرورها, المذكرة الآخرة وما أعدً الله فيها لأهلها, ففي الاعتبار بها المعونة لأهل طاعة الله على الجدِّ فيها.

& الصلاة...إنما خفت على المؤمنين المصدقين بلقاء الله, الراجين عليها جزيل ثوابه, الخائفين بتضييعها أليم عقابه, لِما يرجون بإقامتها في معادهم من الوصول إلى ما وعد الله عليها أهلها, ولِما يحذرون بتضييعها ما أوعد مُضيعها.

& سُمى المتمرد من كل شيء شيطاناً, لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله

& إبليس " إفعيل ", من الإبلاس, وهو الإياس من الخير, والندم والحزن.

& الشيطان في كلام العرب, كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء. وكذلك قال ربنا جلّ ثناؤه: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن} [الأنعام:112] فجعل من الإنس شياطين, مثل الذي جعل من الجن.

&لا تطيعوا الشيطان بالتجرد والتعري من الثياب فإن ذلك سخرية منه بكم وخدعةً كما فعل بأبويكم آدم وجواء. فخدعهما حتى جردهما من لباس الله الذي ألبسهما بطاعتهما له في أكل ما كان الله نهاهما عن أكله من ثمر الشجرة التي عصياه بأكلها.

& قال موسى حين قتل القتيل: هذا القتل من تسبب الشيطان لي بأن هيج غضبي حتى ضربت هذا فهلك من ضربتي,...إن الشيطان عدو لابن آدم, مضلّ له عن سبيل الرشاد بتزينه له القبيح من الأعمال, وتحسينه ذلك له.

& أمر جل ثناؤه في نوائبه بالفزع إلى الصبرِ والصلاة...وقد قيل إن معنى " الصبر " في هذا الموضوع الصوم, والصوم بعض معاني الصبر,...قيل لشهر رمضان " شهر الصبر " لصبر صائميه عن المطاعم والمشارب نهاراً.

& قيل: إن الصبر الجميل, هو الصبر الذي لا جزع فيه.

& الله يحب من صبر لأمره, وعلى جهاد عدوه, فيعطيه النصر والظفر على عدوه.

& أيها الناس, لا تطلبوا الدنيا وزينتها, فإن مصيرها إلى فناء وزوال, كما مصير النبات الذي ضربه الله لها مثلاً, إلى هلاك وبوارٍ, ولكن اطلبوا الآخرة الباقية, ولها فاعملوا, وما عند الله فالتمسوا بطاعته, فإن الله يدعوكم إلى داره, وهي جناته التي أعدها لأوليائه, تسلموا من الهموم والأحزان فيها, وتأمنوا من فناء ما فيها من النعيم والكرامة التي أعدها لمن دخلها.

& كُلّ نفسٍ منفوسةٍ من خلقة, معالجة غصص الموت, ومتجرعة كأسها.

& ثواب الله الذي وعد المحسنين على إحسانهم في الدنيا قريب منهم, وذلك هو رحمته, لأنه ليس بينهم وبين أن يصيروا إلى رحمته, وما أعدّ لهم من كرامته إلا أن تفارق أرواحهم أجسادهم.  

& الكافر من عظيم ما ينزل به يومئذ من البلاء يفتدي نفسه لو وجد إلى ذلك سبيلاً بأحبّ الناس إليه, كان في الدنيا, وأقربهم إليه نسباً.

& تدعو لظى إلى نفسها من أدبر في الدنيا عن طاعة الله, وتولى عن الإيمان بكتابه ورسله.   & يوم القيامة إنما تشيب الوالدان من شدة هوله وكربه.

& سمى يوم القيامة اليوم الآخر, لأنه آخر يوم, لا يوم بعده سواه.

& سميت الدنيا " دنيا " لدنوها من الخلق.

& الدارة الآخرة سُميت " آخرة" لتقدم الدار الأولى أمامها.

&اليوم عند العرب إنما سمى يوماً بليلته التي قبله فإذا لم يتقدم النهار ليل لم يسم يوماً

& سُميت السماء سماء لعلوها على الأرض وعلى سكانها من خلقه.

& قيل إنما سُميت اليهودُ "يهودَ" من أجل قولهم﴿ {إنا هدنا إليك} ﴾ [الأعراف:156]  

& قيل إنهم سموا " نصارى " من أجل أنهم نزلوا أرضاً يُقال لها: " ناصرة"

& سُمي " المسلم " مسلماً, بخضوع جوارحه لطاعة ربه.

& سُمي المُبتدعُ في الدين " مبتدعاً " لإحداثه فيه ما لم يسبقه إليه غيره.

& الهدي...إنما سمي " هدياً " لأنه تقرب به إلى الله عزوجل مُهديه.

& الحطمة اسم من أسماء النار...أحسبها سميت بذلك لحطمها كل ما ألقي فيها.

  • متفرقات:

& البعوض أضعف خلق الله.

& لا سائل يسأل رب العرش عن الذي يفعل بخلقه, من تصريفهم فيما شاء من حياة وموت وإغزاز وإذلال, وغير ذلك من حكمة فيهم, لأنهم خلقه وعبيده, وجميعهم في ملكه وسلطانه, والحكمُ حُكمُه, والقضاءُ قضاؤه, لا شيء فوقه يسأله عما يفعل,...وجميع من في السموات والأرض من عباده مسئولون عن أفعالهم, ومحاسبون على أعمالهم, وهو الذي يسألهم عن ذلك, ويحاسبهم عليه, لأنه فوقهم ومالكهم, وهو في سلطانه.  

& الذين قتلوا في سبيل الله...لا تحسبنهم...أمواتاً لا يُحسُّون شيئاً, ولا يلتذّون ولا يتنعمون, فإنهم أحياء عندي, متنعمون في رزقي, فرحون مسرورون, بما آتيتهم من كرامتي وفضلي, وحبوتهم به من جزيل ثوابي وعطائي.

& طاعة الله جلّ ثناؤه, لا ينالها المطيعون إلا بإنعام الله بها عليهم, وتوفيقه إياهم لها, أولا يسمعونه يقول: ﴿ صراط الذين أنعمت عليهم ﴾ [الفاتحة:7] فأضاف كُلّ ما مكان منهم من اهتداء وطاعة وعبادة إلى أنهم إنعام منه عليهم.

& الله هو الوهاب لعباده الإنابة إلى طاعته, الموفق من أحبّ توفيقه إلى منهم لما يرضيه عنه.

& يعني بذلك جل ثناؤه:  {واتخذ الله إبراهيم خليلاً} [النساء:125] لطاعته ربَّهُ, وإخلاصه العبادة له, والمسارعة إلى رضاه ومحبته,...فكذلك فسارعوا إلى رضاي ومحبتي لأتخذكم لي أولياء.   

& كل شيءٍ كان فوق شيء آخر فهو لما تحته سماء. ولذلك قيل لسقف البيت سماؤه

& الله لا يهدي أهل الكفر إلى حجة يُدحضون بها حجة أهل الحق عند المحاجة والمخاصمة, لأن أهل الباطل حججهم داحضة.

& الله لا يوفق للحق والصواب الجماعة الظلمة, وهم الذين بدلوا الحق إلى الباطل, فاختاروا الكفر على الإيمان.

& العداوة على الدين العداوة التي لا زوال لها إلا بانتقال أحد المُتعاديين إلى ملة الآخر منهما.  

& ردُّ ما تنازعتم فيه من شيء إلى الله والرسول خير لكم عند الله في معادكم, وأصلح لكم في دنياكم, لأن ذلك يدعو إلى الألفة, وترك التنازع والفرقة.  

& الخاسرين هم الذين باعوا آخرتهم بدنياهم, بإيثارهم إياها عليها, فوكِسوا في بيعهم, وغبنوا فيه, وخابوا في صفقتهم.

& الصلاح قد يشمل معاني كثيرة, منها: الصلاح في استواء الخلق, ومنها الصلاح في الدين, والصلاح في العقل والتدبير.

& ما أنفقتم أيها المؤمنون من نفقة في شراء آلة حربٍ من سلاحٍ أو حرابٍ أو كراع أو غير ذلك من النفقات, في جهاد أعداء الله المشركين يُخلفه الله عليكم في الدنيا, ويُدّخرُ لكم أجوركم على ذلك عندهُ حتى يُوفيكموها يوم القيامة.

& من كان الله معه لم يغلبهُ شيء.

& الحامدون الذين يحمدون الله على كل ما امتحنهم به من خير وشر.

& الله لا يسددُ صنيع من خان الأمانات, ولا يرشد فعالهم في خيانتهم.

& بذكر الله تسكن وتستأنس قلوب المؤمنين.

& من قنعه الله بما قسم له من رزق لم يكثُر للدنيا تعبه, ولم يعظُم فيها نصبُهُ, ولم يتكدر فيها عيشُه, باتباعه بغية ما فاتها منها, وحرصه على ما لعله لا يُدركُه فيها.

& قيل: إنه لم يَغَصّ أحد باللبن قطّ.

& أصل " الصاعقة " كُلّ أمرِ هائلِ, رآه المرءُ أو عاينه أو أصابه _ حتى يصير من هولِه وعظيم شأنه إلى هلاكٍ وعطب, وإلى ذهاب عقلٍ, وغُمور فهمٍ, أو فقد بعض آلات الجسم _ صوتاً كان ذلك أو ناراً أو زلزلةً أو رجفاً. ومما يدلُّ على أنه قد يكون مصعوقاً وهو حيّ غير ميت, قول الله عز وجل: {وخر موسى صعقاً } [الأعراف:143] يعني: مغشياً عليه.

& الإنسان أكثر شيءٍ مراء وخُصومة, لا ينيب لحقٍ, ولا ينزجر لموعظة.

& أشدّ الناس حرصاً على الحياة الدنيا, وأشدهم كراهةً للموت: اليهود, وإنما كراهتهم للموت, لِعلمهم بما لهم في الآخرة من الخزيِ, والهوان الطويل.

& جاءت موسى إحدى المرأتين اللتين سقى لهما, تمشي على استيحاءٍ من موسى, وقد سترت وجهها بثوبها.

& عند هؤلاء المخلصين من عباد الله في الجنة قاصرات الطرف, وهن النساء اللواتي قصرن أطرافهن على بعولتهن, ولا يردن غيرهم, ولا يمددن أبصارهن إلى غيرهم.

& قيل: إن الأجر الذي ذكره الله عز وجل أنه آتاه إبراهيم في الدنيا هو: الثناء الحسن, والولد الصالح.

& ما يصيبكم أيها الناس من مصيبة في الدنيا في أنفسكم وأهليكم وأموالكم,...فإنما يصيبكم ذلك عقوبة من الله بما اجترمتم من الآثام فيما بينكم وبين ربكم ويعفو لكم ربكم عن كثير من إجرامكم, فلا يعاقبكم بها.

& الآيات جعلها الله عبراً لذوي العقول والتمييز.

& الصبر والشكر من أفعال ذوي الحجي والعقول.

& من أحسن...قولاً ممن قال ربنا الله, ثم استقام على الإيمان به, والانتهاء إلى أمره ونهيه, ودعا عباد الله إلى ما قال, وعمل به من ذلك.  

& التنابز بالألقاب: هو دعاء المرء صاحبه بما يكرههُ من اسمٍ, أو صفةٍ,...فغير جائزٍ لأحدٍ من المسلمين أن ينبز أخاه باسم يكرهُهُ, أو صفةٍ يكرهها.  

& العظة تنفع أهل الإيمان بالله.

& يقول جلّ ثناؤه: لا تشهدوا لأنفسكم بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي.

& يقول تعالى ذكره لعباده: احذروا أن تسروا غير الذين تُعلنون أو تضمروا في أنفسكم غير ما تُبدونه, فإن ربكم لا يخفى عليه من ذلك شيء, وهو مُحصٍ جميعهُ وحافظ عليكم كله.

& عزّة كل عزيزٍ تتبين في ناظريه دون سائر جسده.

& كُلُّ شيءٍ في القرآن " قتل " فهو لعن.  

& الله يحبُّ المنصفين الذين يُنصفُون الناس, ويُعطونهم الحق والعدل من أنفسهم, فيبرون من برّهم, ويُحسنون إلى من أحسن إليهم.

& النفس المطمئنة, يعني بالمطمئنة التي أطمأنت إلى وعد الله الذي وعد  أهل الإيمان به في الدنيا من الكرامة في الآخرة, فصدقت بذلك.

 

                           كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ