عبد الملك بن مروان
** الخليفة عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية
بسم الله الرحمن الرحيم
** الخليفة عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية
** بويع بعهد من أبيه في خلافة ابن الزبير، فلم تصح خلافته، وبقي متغلبا على مصر والشام، ثم العراق، إلى أن قتل ابن الزبير سنه 73هـ، فصحت خلافته واستوثق له الأمر.
** وفي هذا العام هدم الحجاج الكعبة، وأعادها على ما هي عليه الآن، ودس على ابن عمر من طعنه بحربة مسمومة فمرض منها ومات
** وفي سنة أربع وسبعين سار الحجاج إلى المدينة، وأخذ يتعنت على أهلها، ويستخف ببقايا من فيها من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختم في أعناقهم وأيديهم يذلهم بذلك، كأنس وجابر بن عبد الله وسهل بن سعد الساعدي فإنا لله وإنا إليه راجعون.
** وفي سنة خمس وسبعين حج بالناس عبد الملك الخليفة وسير الحجاج أميرا على العراق
** قال ابن سعد: كان عابدا زاهدا ناسكا بالمدينة قبل الخلافة.
** وقال يحيى الغساني: كان عبد الملك بن مروان كثيرا ما يجلس إلى أم الدرداء فقالت له مرة: بلغني يا أمير المؤمنين أنك شربت الطلاء بعد النسك والعبادة. قال: إي والله والدماء قد شربتها
** وقال نافع: لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان.
** وقال سحيم مولى أبي هريرة رضي الله عنه: دخل عبد الملك وهو شاب على أبي هريرة رضي الله عنه فقال أبو هريرة: هذا يملك العرب.
** وقال عبيدة بن رياح الغساني: قالت أم الدرداء لعبد الملك: ما زلت أتخيل هذا الأمر فيك منذ رأيتك قال: وكيف ذاك؟ قالت: ما رأيت أحسن منك محدثا ولا أعلم منك مستمعا.
** وقال الشعبي: ما جالست أحدا إلا وجدت لي عليه الفضل إلا عبد الملك بن مروان فإني ما ذكرته حديثا إلا وزادني فيه ولا شعرا إلا وزادني فيه.
** وقال يحيى الغساني: لما نزل مسلم بن عقبة المدينة دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست إلى جنب عبد الملك فقال لي عبد الملك: أمن هذا الجيش أنت؟ قلت: نعم قال: ثكلتك أمك! أتدري إلى من تسير؟ إلى أول مولود ولد في الإسلام، وإلى ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى ابن ذات النطاقين، وإلى من حنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما والله إن جئته نهارا وجدته صائما، ولئن جئته ليلا لتجدنه قائما، فلو أن أهل الأرض أطبقوا على قتله لأكبهم الله جميعا في النار، فلما صارت الخلافة إلى عبد الملك وجهنا مع الحجاج حتى قتلناه.
** وقال ابن أبي عائشة: أفضي الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك
** ولئن كان معاوية هو مؤسس الحكم الأموي وواضع سياسته، فإن عبد الملك بن مروان هو الذي نظمه وضبطه بتفاصيله وشعبه وتسلسله، فهو رجل الدولة الذي أقام الحكم الأموي على أسس تفصيلية منظمة
فما هي الصفات التي أهلته على هذا الأمر؟
شخصية عبد الملك شخصية غريبة، تبدو للناظر السريع متناقضة غير متساوية، فهو رجل قد غير حياته وقلبها من حال إلى حال حين ولي الخلافة، فقد كان قبلها متعبدا متهجدا، يصلي الظهر مع الإمام ثم لا يزال يصلي حتى تحل صلاة العصر، وكان فقيها عد من الفقهاء السبعة في المدينة.
أما بعد الخلافة فهو يتخذ السيف نصيرا له، ويخالف بعض الفروع الفقهية التي عرفها، ويبدو لي أنه كان ذا شخصية قوية جبارة، لا تقبل أن يكون لها مساو أو منافس، فهي سباقة إلى السيادة والتفوق، وهو لا يرضى أن يكون رجلا عاديا كغيره، بل يهدف إلى أن يكون فذل في زمانه وبيئته، وأرى أن هذا الطبع وتلك المؤهلات هي التي جعلته في المدينة يتخذ موقفه من العبادة بالشكل الذي رأينا، فقد أراد في محيط متعبد متعلم متفقه أن يتفوق على غيره في ذلك كله من علوم وفقه وعبادة، وأن يكون سيدا فيما يتصف به ذلك المجتمع، وبما أن السيادة في المدينة كانت للمتعبدين والفقهاء، فوجب عليه أن يكون سباقا إلى العبادة والفقه ليكون سيدا فيهما.
وها هو ذا الآن يصبح خليفة، فتتغير بيئته، وتتغير مطالب البيئة وأهدافها، والمثل الأعلى للبيئة الجديدة هو السلطان والملك على طريقة القياصرة، فيجب عليه أن يكون فذا في السلطان، أي أن يصل بسيادته في الخلافة إلى أقصى ذروتها، وأقصى ذروة السيادة هو التسلط والاستبداد بحيث لا يقيد سلطانه شيء.
** معاوية -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كان يشعر جلساؤه وقواده وولاته على الأقطار أن لهم الحرية في النقد والرأي والقول، أما عبد الملك فلا يشعرهم بشيء من ذلك، فهم بين يديه ليسيروا على هواه، وليقدم إليهم الأوامر فينفذوها، فما كان يسمح لجلساؤه أن يجتزئوا من سلطانه شيئا.
وقد نصح ابنه الوليد لما احتضر ودخل الوليد عليه فبكى، فقال له عبد الملك: "ما هذا؟ أتخن حنين الجارية والأمة، إذا مت فشمر واتزر، وألبس جلد النمر وضع الأمور عند أقرانها، وضع سيفك على عاتقك، فمن أبدى ذات نفسه فاضرب عنقه، ومن سكت مات بدائه".
فالحكم إذن عنده يجب أن يقام على الإرهاب والسطوة لا على المداهنة والسياسة كما كان معاوية يفعل.
** قال مصعب بن عبد الله: أول من سمي في الإسلام عبد الملك، عبد الملك بن مروان
** قال يحيى بن بكير: سمعت مالكا يقول: أول من ضرب الدنانير عبد الملك، وكتب عليها القرآن، وقال مصعب: كتب عبد الملك على الدنانير: {قل هو الله أحد} وفي الوجه الآخر [لا إله إلا الله] وطوقه بطوق فضة وكتب فيه [ضرب بمدينة كذا] وكتب خارج الطوق [محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق]
** قال العسكري: وأول خليفة بخل عبد الملك، وكان يسمى «رشح الحجارة» لبخله ويكنى «أبا الذبان» لبخره
قال: وهو أول من غدر في الإسلام، وأول من نهى عن الكلام بحضرة الخلفاء، وأول من نهى عن الأمر بالمعروف.
** عن ابن الكلبي قال: كان مروان بن الحكم ولى العهد عمرو بن سعيد بن العاص بعد ابنه، فقتله عبد الملك، وكان قتله أول غدر في الإسلام.
** قال العسكري: وعبد الملك أول من نقل الديوان من الفارسية إلى العربية، وأول من رفع يديه على المنبر
** قال السيوطي : فتمت له عشرة أوائل منها خمسة مذمومة
المصادر
تاريخ الخلفاء للسيوطي
الدولة الأموية ليوسف العش
جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com
خالد سعد النجار
كاتب وباحث مصري متميز
- التصنيف: