لماذا نحب الرسول صلى الله عليه وسلم؟

منذ 2022-10-09

إن من أعظم ما يتقرب به المسلم إلى الله تعالى، هو محبة النبي ﷺ، ومتابعته، ونشر سنته والذب عنها، فلا يتذوق العبد حلاوة الإيمان؛ إلا بتمام محبته ﷺ.

إن من أعظم ما يتقرب به المسلم إلى الله تعالى، هو محبة النبي صلى الله عليه وسلم، ومتابعته، ونشر سنته والذب عنها، فلا يتذوق العبد حلاوة الإيمان؛ إلا بتمام محبته صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ».


بل لا يصل العبد إلى كمال الإيمان إلا بتمام محبته صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِهِ، ووالدِهِ، والناسِ أجمعينَ)، وهذا عمر بن الخطاب رضى الله عنه يتفقد ويقيس ترمومتر إيمانه؛ فيقول: يا رَسولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مِن نَفْسِي، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (لَا، والَّذي نَفْسِي بيَدِهِ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْكَ مِن نَفْسِكَ»، فَقالَ له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ، واللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الآنَ يا عُمَرُ؛ أي: الآن يتحقق الإيمان ويتم.

فلماذا نحبه صلى الله عليه وسلم؟

نحبه لأنه سبب الهداية للناس، فقد أرسل الله تعالى نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل، وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، والناس إذ ذاك في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا؛ قال الله تعالى: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الطلاق: 10، 11]


يقول جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: كنا عباد أوثان نأكل الميتة، ونشرب الخمر، ونقطع الرحم، ونأتي الفواحش؛ حتى بعث الله نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فأخرجنا به من الظلمات إلى النور.


نُحبه لأنه الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، قال ابن القيم: إن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته:
أما أتباعه فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة، وأما أعداؤه المحاربون له فالذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم؛ لأن حياتهم زيادة في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة، وهم قد كتب الله عليهم الشقاء، فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم.


وأما المعاهدون له، فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته، وهم أقل شرًّا بذلك العهد من المحاربين له.
وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهليهم واحترامها، وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوراة وغيرها.
وأما الأمم النائية عنه، فإن الله عز وجل رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض، فأصاب كل العاملين النفع برسالته؛ قال الحسن بن الفضل: لم يجمع الله لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قال فيه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]، وقال في نفسه: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143].


نُحبه لأن المرء يحشر مع من أحب، روي الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله قال: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، متى قيامُ السَّاعةِ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ماذا أعددتَ لَها؟ قالَ: يا رسولَ اللهِ ما أعددتُ لَها كبيرَ صلاةٍ ولا صومٍ؛ إلَّا أنِّي أحبُّ اللَّهَ ورسولَهُ. فقالَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: «المرءُ معَ مَن أحبَّ، وأنتَ معَ مَن أحببتَ»؛ يقول أنس: فما رأيتُ فرِحَ المسلمونَ بعدَ الإسلامِ فرحَهُم بِهَذا.


وهذا ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعبر عن هذا الحب الشديد له، فَيأَتيه ذَاتَ يَوْمٍ وقد تَغَيَّرَ لَوْنُهُ يُعْرَفُ الْحُزْنُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا غَيَّرَ لَوْنَكَ» ؟، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بِي مَرَضٌ وَلَا وجع غير أني إن لَمْ أَرَكَ اسْتَوْحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَةً حَتَّى أَلْقَاكَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ الْآخِرَةَ فَأَخَافُ أَنْ لَا أَرَاكَ لِأَنَّكَ تُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِنْ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ كُنْتُ فِي مَنْزِلَةٍ أَدْنَى مِنْ مَنْزِلَتِكَ، وَإِنْ لَمْ أَدْخُلِ الْجَنَّةَ لَا أَرَاكَ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].


ولذلك من الدعوات الطيبات التي نغفل عنها: اللهم إني أسألك مرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ لأن هناك من يحشر والعياذ بالله مع الساقطين والساقطات من الممثلين والمطربين والمطربات، فهذا هو السبب الثالث أننا نحبه صلى الله عليه وسلم، آملين أن نحشر معه، وأن ننال شفاعته، وأن نشرب من حوضه الشريف، وأن نكون معه بمنزلته في الجنة.


نحبه لأن الجماد أحبه، فلماذا لا نحبه نحن؟! لما فقده الجذع الذي كان يخطب عليه قبل اتخاذ المنبر، حنَّ إليه وصاح كما يصيح الصبي، فنزل إليه فاعتنقه، فجعل يهذي كما يهذي الصبي الذي يسكن عند بكائه، فقال صلى الله عليه وسلم: «لو لم أعتنقه لحنَّ إلى يوم القيامة».


كان الحسن البصري إذا حدث بهذا الحديث بكى، وقال: هذه خشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه.


نُحبه لأنه يحبنا صلى الله عليه وسلم ويشتاق إلينا، فقد روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمَقْبُرَةَ، فَقَالَ: «(السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا» قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ» فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ» ؟)، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، أُنَادِيهِمْ: أَلَا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا».


نحبه لأنه لا يبغضه إلا فاسقًا؛ قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].


قال القاضي عياض: فكفى بهذا حضًّا وتنبيهًا، ودلالة وحجة على إلزام محبته ووجوب فرضها، وعِظم خطرها واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم، إذ قرع الله من كان ماله وولده وأهله أحب إليه من الله ورسوله وأوعدهم بقوله: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: 24]، ثم فسقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن أضل ولم يهده الله.


نحبه لأنه ولى كل مؤمن؛ قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الأحزاب: 6]، وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوْلَى بكُلِّ مُؤْمِنٍ مِن نَفْسِهِ؛ مَن تَرَكَ مَالًا فَلأَهْلِهِ، وَمَن تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا، فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ قضاؤه».


نحبه لأنه يخاف ويشفق علينا من النار؛ في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي»، وتأمل هذا المشهد من كمال محبته وشفقته صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ تَلا قَوْلَ اللهِ عزَّ وجلَّ في إبْراهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36]، وقالَ عِيسَى عليه السَّلامُ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وقالَ: «اللَّهُمَّ أُمَّتي أُمَّتِي، وبَكَى، فقالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، ورَبُّكَ أعْلَمُ، فَسَلْهُ ما يُبْكِيكَ؟ فأتاهُ جِبْرِيلُ عليه السَّلامُ، فَسَأَلَهُ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بما قالَ، وهو أعْلَمُ، فقالَ اللَّهُ: يا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ، ولا نَسُوءُكَ».

 

ما حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا؟ وما علامات محبته؟
أيها المسلمون.. عباد الله؛ لقد تغيَّر مفهوم محبَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند بعض ممن يدعي محبَّته، فبعد أن كانت هذه المحبَّة عند الصحابة رضوان الله عليهم، تعني تقديم محبته صلى الله عليه وسلم على كلِّ شيء، وطاعتَه واتِّباعه في كل أمر، صار مفهومها عند مدَّعي المحبة هو تأليف صلوات وأذكار مبتدعة، وعمل موالد، وإنشاد القصائد والمدائح، وإقامة الحفلات والرقصات.


إن المحبَّ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم حقيقةً، هو ذلك المعظِّم لسنَّته، العامل بشريعته، المقتدي به في أقواله وأعماله صلى الله عليه وسلم.

 

فما علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم؟

حتى تتمايز الصفوف، ويعلم الصادق في محبته من الكاذب:

أول هذه العلامات: الإيمان به وتصديقه فيما أخبر صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 136]، وقال تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [التغابن: 8].

ومنها توقيره حيًّا وميتًا، وتوقير سنته؛ قال الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلً} ا ﴾ [الفتح: 8، 9].


وأثنى الله تعالى عليهم: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].

 

ومن صور توقيره:

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 1، 2].


وقال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63].


ومنها طاعته فيما أمر ونهى عنه وزجر، والاستجابة والامتثال لشرعه؛ فقد أوجب الله تعالى علينا طاعة النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [المائدة: 92].


وأخبر الله تعالى أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم هي طاعة لله تعالى، فهما قرينتان؛ قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].

 

وحذَّرنا سبحانه وتعالى من مخالفة أمره، وعدم طاعته، وأن ذلك من أسباب الوقوع بالفتنة؛ قال الله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].

 

 

متابعته وترسم خطاه وتطبيق سنته:
فهو الأسوة والقدوة الحسنة، والنموذج الكامل الجدير بالمتابعة؛ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

 

ومتابعته سبب لمحبة الله تعالى ورحمته؛ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].

 

ومتابعته شرط لصحة وقبول العمل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( {مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا، فَهو رَدٌّ} ).

نشر سنته والذب عنها والغيرة عليها:
ولا يكون ذلك بالشعارات، وإنما بالأفعال والاقتداء والمتابعة.


ومن الصور المقترحة لنشر السنة:

• استغلال مواقع التواصل ونشر الأحاديث.

• تعليم الناس السنن المهجورة، انشر كل يوم سنة منسية.


ومما قرأت: إن محمدًا يطالبكم بإقامة الدين وليس الموالد.
 

الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، والإكثار من ذلك:
فقد أمر الله تعالى بها في كتابة؛ حيث قال جل في علاه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

 

واعلم أنها قربة جليلة، ولها فضائل عظيمة، فهي سبب لمغفرة الذنوب وزوال الهموم، وهي سبب لثناء الله تعالى على العبد، وهي سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم، ولها أوقات وأحوال يستحب الإكثار منها؛ مثل: يوم الجمعة، وعقب الأذان، وقبل الدعاء وبعده، وعند ذكر أو سماع اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم.

 

نسأل الله العظيم أن يجعلنا ممن يستمتعون القول فيتبعون أحسنه.

_______________________________________________________________

الكاتب: رمضان صالح العجرمي