البأساء والضراء في القرآن الكريم

منذ 2022-10-30

إن البأساء والضراء منهج تربية وطريق معبد بالجميل من الأقوال والأفعال والأحاسيس، فيلزم منا ان نطبقه ونستعين به في كشف ملماتنا، فهو تفريج لكرباتنا من الضعف والعجز، فما أجمله من منهج نهره جاري وسلوكه منحة من الباري.

من الطف الأمور واعجبها على النفس في هذه الحياة أن مايضرها هو نفسه مايصلحها.
تأمل معي كم من مرض قاد للهداية، وكم من مصيبة قادت إلى عافية ومراجعة للنفس لتخطو إلى صوابها
افضل ماتغنت شفتاي بتراتيل الحمد والثناء والانابة عند حصول النقم.
انسجام للروح مع الفكر كأنه عناق محموم تستشعر اركانهما وقوفهما بين يدي الله عزوجل في ابتهال وتمجيد عظيم للباري.


ايها البؤس ترفق وبحنايا قلبي تدفق   ***   انني في لذة وحلاوة ناشدا رحيلك بتمزق


{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}
مااجمل تهذيب القرآن للنفوس العنيدة المكابرة عن الحق، فهو طبيبهم وبلسم لجراحاتهم.


قلت: تأمل معي كلمة لعلهم يتضرعون: فهي سكون القلب وخلو الروح من معتقدات الزمان وتوحيد القبلة للواحد الديان، مما يزيد العقل اقناعا بمنهج الباساء والضراء في إصلاح الفرد والمجتمعات.
ثم يأتي لك في ثنايا سورة البقرة التعريف والافصاح عن منهج البأساء والضراء في القرآن بكل جلاء وعاقبة الصبر عليه، فلا لبس ولا غموض في التربية الذاتية وللاسرة والمجتمع حيث قال الله تعالى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَـٰئِكَ...}[١٧٧ البقرة].


انه منهج من مناهج التربية الإسلامية في القرآن الكريم تدفع الفرد إلى بلوغ ذروته في علاقته مع الله، وتدفع المجتمع إلى تحصين قوائمه من الشوائب والعاهات.


وهنا اقول بقلب مكلوم: اننا لم نفهم هذه السنة الكونية لاصلاح أنفسنا ومجتمعنا، ونحن في أشد الحاجة لمعرفتها وتطبيقها في زماننا هذه، حيث تبدلت أحوال المسلمين وانحدرت القيم الإسلامية للقاع في مجتمع كالطفل الرضيع يحبو تارة ويمشي تارة ثم يعود هكذا دواليك في روتين ممل، فلم يتجه القلب لاصلاح انفسنا، ولم يرتقي المجتمع لاصلاح أبناءنا وبناتنا.


أصبحنا للأسف كفقراء اليهود لا دنيا ولا آخرة، مغ اننا نرى بأم أعيننا البأساء والضراء في جنبات نفوسنا وأركان مجتمعنا، فلم نتضرع له ولم نبكي شوقا لعصر جديد مجيد ينتصر فيه الإسلام بقيمه وتعاليمه على المناهج الغربية والراسمالية.


لم يعد هناك من يبكي من المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات على القدس الشريف الذي توغل في ادغال اليهود الغاصبين.


مر قريبا من القرن ولم تتحرك الحكومات ولا الجامعات ولا المربين لانتزاع حقا من حقوق المسلمين ورده إلى موطنه الأساس الإسلام، ناهيك عن أسبانيا وغيرها المعروفه في اسلامنا بالأندلس.


نريد فعلا ان نبكي ونتضرع لله عزوجل والابتهال بين يديه بخشوع وسكينة ونسأله بصدق رجوع اقصانا واندلسنا وان يصلح أحوال المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات.


إن البأساء والضراء منهج تربية وطريق معبد بالجميل من الأقوال والأفعال والأحاسيس، فيلزم منا ان نطبقه ونستعين به في كشف ملماتنا، فهو تفريج لكرباتنا من الضعف والعجز، فما أجمله من منهج نهره جاري وسلوكه منحة من الباري.


وفي الختام: انوه لاخواني المربين ان يدرسوا هذا المنهج باستيعاب كامل لمفهومه وطرقه واهدافه ونتائجه واوقات حدوثه.


فما ذكرته لك هو زهرة يانعة رياضها من بستان كبير يكاد يقطر عذوبة وعسلا من منهج الإسلام لهذه الظاهرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

_________________________________________________

الكاتب: بقلم / د. نبيل رزق محمد الصبحي الحربي