مزاجي سيئ .. هل هو عذر ؟

منذ 2022-11-06

الناجح لا ينتظر الرغبة في العمل ليعمل بل يعمل ثم تأتيه الرغبة.. أما الفاشل فينتظر تحسن مزاجه وارتفاع رغبته ليبدأ في العمل فيُؤجل ويسوف.

كم مرة سمعنا هذه العبارات ورددناها ووقعنا في فخها:
ما لي نفس في المذاكرة..
مزاجي سيئ لا أستطيع العمل..

المدهش أن للخبراء رأيهم المختلف..الذي يجهله الكثيرون..

يقول د.جيروم برونر: " الأكثر احتمالاً هو أن يُغير سلوكك من مشاعرك .. عن أن تغير مشاعرك من سلوكك "

(عن كتاب: دليل النجاة من الألم - كيف تسترد حياتك؟ دينيس تيرك / فريتس وينتر  ص 199 ).

💡الفرق بين الناجحين والفاشلين أن الناجح لا ينتظر الرغبة في العمل ليعمل بل يعمل ثم تأتيه الرغبة بعد الشروع وبالرغبة يستمر .. أما الفاشل فينتظر تحسن مزاجه وارتفاع رغبته ليبدأ في العمل ويتأخر تبدل الحال فيُؤجل ويسوف ويتذمر ويشتكي ويلوم ويتكاسل ويشعر بالخمول والوهن وتمضي ساعاته في تحسر وتململ وتنقضي أيامه بلا إنجاز فلا المزاج تحسن ولا النفس أقبلت ولا الأعمال أُنجزت ..

وسبب الداء انتظار الرغبة والنفس المُقبلة على العمل .. ولكن هيهات ثم هيهات القانون الوجودي يقول: كل ذلك لا يحصل إلا بعمل يسبقه ..


فرب اغتسال يعقبه تعطر = ينشط النفس .. ورب حركات عشوائية بالقلم على ورقة بيضاء = تشعل الرغبة في الكتابة ..
ورب تناول لكتاب وإلزام النفس بقراءة الأسطر الأولى منه = تقود المرء لالتهام صفحات وصفحات ..

إنه قانون: الفعل يُنشيء الرغبة ..

وهذا السر الخطير هو الذي اكتشفه المفلحون: إن المزاج الجيد يحدث بعد سلوك أو فعل .. ولا ينتظرون تحسنه ليشرعوا في العمل ..

 

وبمثال مقارب يقول صاحب كتاب "تكبير التفكير":

(الأشخاص  الذين ينجزون الأشياء في هذا العالم لا ينتظرون الدافعية لتحركهم، بل هم الذين يحركون الدافعية)

ويضرب على ذلك مثالاً:
كاتب شاب وطموح لم يحقق نجاحاً اعترف بما يلي:
( مشكلتي هي أنني تمر عليّ أيام وأسابيع لا أستطيع فيها أن أكتب شيئاً.. لأنه كما تعلم الكتابة عمل إبداعي..لابد أن تكون لديك دافعية، يجب أن تحركك معنوياتك)
هذا نموذج للفشل .. دعنا نرى نموذجاً مختلفاً لكاتب يمارس الكتابة الإبداعية كاشفاً لنا سر نجاحه وإنجازاته، يقول هذا الكاتب:


(لدي مواعيد يجب أن ألتزم بها، ولا أستطيع أن أنتظر دافعيتي لتحركني..بل يجب علي أن "أُحرِكَ دَافْعِيتي"
وتعمل الطريقة التي أستعملها على النحو الآتي:
أجلس إلى مكتبي ثم أتناول قلماً وأحركه لأكتب آلياً أي شيء .. وأحرك أصابعي وذراعي، ثم عاجلاً أو آجلاً وبطريقة لا شعورية يسير عقلي بالاتجاه الصحيح [وتبزغ الدافعية]..
معظم الأفكار الجيدة تأتي مع البدء بالعمل في الكتابة)

📝 الخلاصة: يجب أن يسبق "عمل"  العمل، ذاك هو قانون الطبيعة، فلا شيء يشغّل نفسه بنفسه حتى الآلات والأجهزة التي نستخدمها يومياً.
 
(من كتاب تكبير التفكير- ديفيد شوارتز- ترجمة د.صالح الرشيد- دار ابن الجوزي - ط1 / 1424 - ص 189-190).


📍حَرّك دافعيتك ولا تَسوّف .. فقد عرفت سر الهمة والرغبة !

خالد بن منصور الدريس

أستاذ مشارك قسم الحديث في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك سعود بالرياض. ومدير موقع تعليم التفكير من منظور إسلامي