من دلائل شكر النعم ، وأسباب دوامها
من دلائل شكر النعم ، وأسباب دوامها ، والبركة فيها : أن يردها المرء إلى فضل الله ورحمته لا إلى جهده وذكائه وحسن حيلته ، وألا يخجل من حاله القديم ولا من التذكير به ، وألا يتنكر لصحبته في تلك الأيام الصعاب
من دلائل شكر النعم ، وأسباب دوامها ، والبركة فيها : أن يردها المرء إلى فضل الله ورحمته لا إلى جهده وذكائه وحسن حيلته ، وألا يخجل من حاله القديم ولا من التذكير به ، وألا يتنكر لصحبته في تلك الأيام الصعاب ، ويطوي صفحتهم تماما .
وكرام النفوس يعترفون بفضل الله عليهم ، و تغيير الأحوال من جهل إلى علم ومن فقر إلى غنى ومن شدة إلى رخاء ، أما اللئام فينكرون ماضيهم البائس ، ويكرهون من يذكرهم به ، ولسان حالهم : إنما ورثت هذا كابرا عن كابر وإنما أوتيته على علم عندي .
ومن الفوائد المستنبطة من قول يوسف عليه السلام {وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو} : أنه ينبغي لمن أنعم الله عليه بنعمة بعد شدة وفقر وسوء حال، أن يعترف بنعمة الله عليه، وأن لا يزال ذاكرا حاله الأولى، ليحدث لذلك شكرا كلما ذكرها، ( تفسير السعدي )
وفي قصة الأبرص والأقرع والأعمى - وهي في البخاري ومسلم - الذين ابتلاهم الله وبدل مرضهم عافية وفقرهم غنى ، لما ذكرهم الملك بذلك ، وقال للأبرص " كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت " ومثل ذلك جرى مع الأقرع .
وأما الاعمى الذي أفلح في الاختبار فقد قال له الملك " أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيرا فقد أغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله، فقال أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك "
ونص الحديث بالتفصيل:
«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، " إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، بدا لله عز وجل أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا، فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه، فأعطي لونا حسنا، وجلدا حسنا، فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: الإبل، - أو قال: البقر، هو شك في ذلك: إن الأبرص، والأقرع، قال أحدهما الإبل، وقال الآخر: البقر -، فأعطي ناقة عشراء، فقال: يبارك لك فيها وأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال شعر حسن، ويذهب عني هذا، قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب وأعطي شعرا حسنا، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر، قال: فأعطاه بقرة حاملا، وقال: يبارك لك فيها، وأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: يرد الله إلي بصري، فأبصر به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال الغنم: فأعطاه شاة والدا، فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد من إبل، ولهذا واد من بقر، ولهذا واد من غنم، ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال رجل مسكين، تقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيرا أتبلغ عليه في سفري، فقال له: إن الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له: مثل ما قال لهذا، فرد عليه مثل ما رد عليه هذا، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيرا فقد أغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله، فقال أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك "»
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: