جـرأة الحيـاء
قوامة الرّجُل تستشعرها المرأة، بإحساسها بالأمان، بشعورها بإحاطتك لها، بأخذكَ إياها إلى الوجود، والسفر بها إلى الخيال
هي مُحاولة لفهم أنفسنا..ذكورًا وإناثًا..
بشيء من قسوة الحقيقة، وتجرّع مرارتها، على ريقِ الواقع اللاذع...!
الرّجُل..ذلك العنيف، الخشن، والمتعجرف الذي لا تنبض فيه خلية إحساس واحدة، إن مسّ شيئاً كَسَره، وإن همس لأحدٍ نَهَرَه، تغزّلُهُ تجريح، ومُزاحُهُ شتيمة، كلماتُهُ إمرة وعتابُهُ قذف، لا يعرف النقاش إلا ضربًا، وأن يكون كاسبهُ.. سلسلة من الأوصاف التي تتدفّق على لسان ( امرأة ) ناشز المشاعر فاض صبرها فطفح على ظاهرها..
ولستَ بلائمٍ رجلاً لشعث - كما يقول الذبياني! - "أيُّ الرّجال المُهذّب؟!"..
بينما المسكين في ذات اللحظة التي وُصف بهـا بالسابق من الصفات، يتصنّع قدرَ طاقته الرومنسية والرقّة، والعصرية المتفهمة للمرأة!
يبقى ليُردّد "كم هوَ مسكين؛ لأنه لم يُفهم، وكم هي مسكينة؛ لأنها لم تَفهم ما أراد أن يُعبِّر عنه"..
بينما أحدهما أقرب إلى صاحبه من الآخر، كمن يبحث عن نظارتِهِ، وهيَ على أنفه!
المرأة سيدة الأرض. والتي تتحكم في المنزل والأسرة والميزانية وفي الغالب العام، وهي التي تتحكم في أجواء البيت فتجعلها أجواء حب.. وهدوء.. ووئام.. وغرام.. أو تجعلها أجواء عواصف.. وزلازل.. وبراكين، بل سلسلة من الكوارث الطبيعية !
الرجل مسكين، الرجل على وجهه، الرجل غافل، الرجل ضيف على زوجته وفي بيته.. سعادته ومزاجه وصحته أمانة في يد امرأته، وهي أحسن حظه أو أسوأه !
الفروق الفردية بين امرأة وامرأة في إسعاد الرجل وإمتاعه أو إشقائه ومسح البلاط به.. فروق عنيفة ومخيفة، فهناك من يعيش في بيته مع ملاك حلو الكلام، عذب الابتسام، يملأ أجواء البيت بتغاريد الحب وأطياف السعادة، يجعل الأبناء زهورًا وزينة، لا عبء يثقل كاهله، ويجعل المرح يضحك من النوافذ، والأنس يتسرّب إلى الجيران، وهناك من يعيش في بيته - باختصار شديد - مع (( بعبع ))...!
هذه الفروق العنيفة موجودة في المرأة الواحدة، حسب حُبها للرجل أو كرهها له.. وهي التي حيَّرت الرجل منها، وجعلته يُصدر الأقوال الساخرة والمُرّة فيها، ويعدها لغزاً من الألغاز،ثُم إذا يئس.ملأ البيتَ بصوتِهِ "طَلاَقاً" !
وما أسعد الرّجال بقول الله – تعالى- : {إن كيدكن عـظيــم} !!!!
قد تكيد المرأة عن غضب أو حب، عن حقد أو رضا، عن ضعف أو غِنى، ولكن في جميع الأحوال لن يستطيع أعتى وأذكى الكائدين وأشدهم حِنقاً من الرجال أن يضاهيها كيداً وحيلة، ويُعلن الرجال استسلامهم عِندها، فيلجؤون -غالباً – للقوّة بمثابة مسكّنْ ذي مضاعفات يبدو خطرها على الأمد البعيد..
.. ولكن كمثلِ قول العربي القديم (أخو هوازن) (أمرتهم أمري بمنعرِجِ اللّوى...).!
وكما قال تعالى ((إن كيدكن عظيم )) قال المصطفى - عليه الصلاة والسلام- (( رفـــقـــاً بالقـــواريـــر )).. احتاروا، كيف تعاملونها وكيف تتصدون لكيدها؟ ولكن في كل الأحوال حذارِ أن تقسوا عليها.. فتنكسر أو تدعوها وشأنها؛ فتيبَس وتشيخ وهي مُعوجّة..!
المرأة ذكاء، ولكن قد تتغابى أحيانًا، فلا تهزأ منها..!
المرأة حنان، ولكن قد تقسو مراراً..
فلا تبادل القسوة إلا بالرَّقة فتُسقطها في يدها...!
المرأة حب، ولكن قد تكره رغماً عنها، فلا تلُمها...!
ورغم كل هذا، المرأة ضعيفة ورقيقة، قد تقتلها كلمة وقد تحييها كلمة مما لا تُلقِ لها أنتَ ولا أمثالُكَ بالا، وهي في قلبها "وبالاً" تتجرّع غُصَصَهُ مرّ الأيام !
قوامة الرّجُل تستشعرها المرأة، بإحساسها بالأمان، بشعورها بإحاطتك لها، بأخذكَ إياها إلى الوجود، والسفر بها إلى الخيال، وتناول رأيها حيناً وتعليمها أحياناً، لا بتلقّي الطلبات الفورية، وإصدار الأوامر العاجلة، والخدمات المستعجلة، وفرضْ السُلطة بالسّيف وكأنك اشتريتها بمهرها "أمةً" تسدُّ بها ما بقيَّ من شهواتك، والتباهي بها في الولائم، طبخاً، ونفخاً.. وفي المحافل جبروتاً وهيمنة، تستعرضُ بين أقرانك جِينراليتك العسكرية، والإيهام بهيبتك، وهلمّ جرّا..
حشداً من الإنجازات التي تصرعُ العُصبة أولي القوّة، من الأقوياء أمثالك، كيف بضعيفة الكيان هشّة القوام؟ امرأة خُلقت من ضلعٍ أعوج.
كأن المرأة أصبحت مقياساً للرجولة، فمن كان لها أكثر ترويضاً، كان في أعينِ الناس أعظم تبجيلاً، وأبجل تعظيماً...
وهذا كُله في كِفة، وشبح "الحاج متولي" يقضُّ مضجعها، ويقلق منامها في الكفّةِ الأخرى.. !
بينما المرأة قد ( تُضرب) حيناً، فتستغني عن خدمات "رجُل"، وتتبلّد ( بل تتبدّد!) لديها جميعَ الأحاسيس تجاهه، فتضربُه على حين غِرّة في مقتل، فتعيش معه كالدّمية، المطيعة، فلا يجدُ ما يُطلّقها لأجله، ولا يشعرُ (غيرَ ما تعصر من جيبه!) بوجودها، ما يخدعُ بهِ نفسَهُ بضرورة بقائها عنده..
فيصارع الرّجل الأمرّين، فلا هوَ بنظرهِ متزوّج، ولا هيَ أطلقته من قيد "رب أسرة" في سماء "العزوبية"، كالدجاجة التي (ترجن) على بيضة.. فارغة جوفاء بلا حياة، على أمل أن تفقس يوماً عن هواء، عن لاشيء....!
وحينها قد لا يطيق الرجل صبراً..واحتمالاً، فيطلق في الجو للعالم، زفرات التأوهات، وأنّات اليائس البائس طلاقاً مدويّا..
ولا يتوانى في إجهاض محاولات التحقيق، والبحث للمشكلة عن جذور؛ لتعود المياه إلى مجاريها بالرد على الأسئلة بالإجابة الدامغة (( والله ما حبيتها )) معلناً- بأشجى صوت - إفلاس هذهِ المرأة عاطفياً، وأنّ انهيار السدّ لم يذر للمياه مجرىً واحداً...! - يقول نزار (... في الحُبِّ يموتُ الإيضاحُ) -
ناسياً إياها، وأيامها..بعد أمل تزحزح القشّة التي قصمت ظهر البعير ( 150 ألفًا) مهراً لها، إضافةً لما يرى من الأصدقاء والأصحاب ومن ( يعزّ ) عليه، يتزوّجون بهذا المبلغ، من أجمل النساء وأكملهنّ دلالاً واعتدالا..من بلاد الشّام العزيزة..مثنى وثُلاثَ ورُباع...!
بلاد الشام التي يقول فيها "الطنطاوي" ( وهل تُصوّر الجنّة لمن لم يرها ؟!من يصِفُها وهي دُنيا من أحلام الحب وأمجاد البطولة وروائع الخلود؟!من يكتبُ عنها-وهيَ من جنّاتِ الخُلدِ باقية- بقلم من أقلامِ الأرضِ فانٍ ؟!) رحمكَ الله يا شيخ.!
هذا ليسَ كلاماً ضدّ الرّجل ( ولا المرأة!)، ولكنها مُحاولة بلورة بدرتْ، لتسوية المعوج، وتعريـة الحقيقة، في أوساط المتزوجين.
__________________________________________________
اسم الكاتب: سالم السيف
- التصنيف:
- المصدر: