الهجوم على الشيخ الشعراوي والطعن في الدين

منذ 2023-01-10

فالشيخ توفي منذ ربع قرن، ولا يوجد جديد يستدعي كل هذه الكراهية والتطاول والسباب، في وقت ينشغل فيه المصريون بأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية

 

يتعرض الشيخ محمد متولي الشعراوي لحملة من التشويه غير مفهوم سببها، فالشيخ توفي منذ ربع قرن، ولا يوجد جديد يستدعي كل هذه الكراهية والتطاول والسباب، في وقت ينشغل فيه المصريون بأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية ألقت بظلالها على واقع الناس وحياتهم، ولم تعد مثل هذه المعارك المفتعلة تشغلهم وتلهيهم، خاصة أن الانتقادات مكررة ومن أشخاص محددين معروفة توجهاتهم.

الذين يهاجمون المؤسسات والرموز الإسلامية لا يفعلون هذا من باب حرية الرأي أو حق الاختلاف، وإنما في إطار حملات مسيئة تقف خلفها دوائر خارجية وداخلية تكره الإسلام، وتسعى لهز صورته في نفوس المسلمين. ورغم مشاركة بعضهم عن جهالة فإن معظم هؤلاء الذين يتطاولون ويطعنون يتم استخدامهم من اليمين المتطرف في الولايات المتحدة ويتم توظيفهم في مؤسسات إعلامية دولية ومحلية لهذا الغرض.

المتطاولون على الشيخ الشعرواي يكررون الانتقادات، ولا يملون من ترديد الهراء الذي لا يقنع أحدا، ومنهم من شارك من قبل في الهجوم على المؤسسة الأزهرية، بل وهاجموا الصحابة رضوان الله عليهم، وشككوا في السنة النبوية، أي أنهم تخصصوا في التشكيك في الدين ومؤسساته.

مكانة الشيخ الشعراوي لا تهتز بأقوال صبيانية من إعلامي أو فنان أو راقصة، فما تركه الشيخ الجليل من علم ودروس تلفزيونية تخاطب العقول والقلوب حفرت له مكانا في النفوس، وما زالت تسجيلاته هي الأعلى مشاهدة في الأمة الإسلامية من شرقها إلى غربها، ويدين له بالفضل مشاهير العلماء، وكل من تعلموا على يديه تفسير القرآن بأسلوب عصري مشوق، ومستوى عال من الوعي والحكمة.

رب ضارة نافعة

الإساءة للشيخ الشعراوي كانت سببا في تذكير الأمة بما تركه من كنوز العلم، وعلى غير ما يريد الكارهون فهم يوجهون أنظار الشباب والأجيال الجديدة إلى مكانة الشيخ، وهذا يجعلهم -من باب الفضول- يقبلون على مشاهدة تسجيلاته، والاستمتاع بجرعة من العلم والإيمان والثقافة العامة، تنفعهم في مواجهة حملات الاقتلاع من الجذور.

الكارهون للدين لا يفهمون أن الإسلام كلما هاجموه ازداد قوة، ولكنهم أضعف من أن ينتقدوا الدين بشكل صريح، ولهذا يتحايلون ويوجهون الإساءة إلى العلماء والمؤسسات ليمرروا اعتراضاتهم على بعض أحكام الدين والسخرية منها، وإذا ما حاول أحد تفنيد ادعاءاتهم يزعمون أنهم يؤمنون بالله والرسول وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنما نحن مستهزئون!

مَن هؤلاء الذين نصبوا المحاكم لتقييم العلماء ويوزعون صفات الاعتدال والتطرف على من يشاؤون؟ ومَن هؤلاء الذين يستهزئون بأغلبية الشعب المصري ولا يحترمون عقيدته الثابتة؟ ولماذا بلغت بهم الجرأة حدّ التطاول على رموز المسلمين من دون أي مراعاة لمشاعر الملايين الذين تؤذيهم هذه الاستباحة للحوم العلماء؟ ومَن هؤلاء الذين يريدون تقديم إسلام جديد على هواهم؟!

الدين لا تهزه ألعاب السفهاء

من العجيب أنه في الوقت الذي يضيق فيه الخناق على الأزهر الذي له ألف عام ويتم تحجيم دوره في الفتوى، يفتح الإعلام الأبواب أمام الفنانين والراقصات لإصدار الفتاوى بدون رقيب أو حسيب، فقد أصبحوا يقدمون لنا الدين حسب فهمهم المحدود وثقافتهم المشوهة، وتتسابق الصحف والفضائيات في الترويج لتصريحاتهم المسيئة لتسميم الأجواء!

الدين هو ماورد في القرآن والسنة وشرحه العلماء المشهود لهم بالفضل، والعلماء هم الذين يوضحون لنا الدين بأركانه وفروضه وأوامره ونواهيه فهذا تخصصهم، ورغم اكتمال الدين فالاجتهاد مباح، ولكن لأولي العلم والتخصص، وليس لكل من هب ودب، فكما لا يشخص المرض ويكتب له العلاج إلا طبيب؛ فكذلك الدين لا يفتي فيه ولا يصدر الأحكام الشرعية غير أهله.

***

ما يجري من إساءة للعلماء والاستهزاء بهم يفتح أبواب الفتن ويهدد السلم الأهلي، فالدين هو الذي يحفظ تماسك الدول والشعوب، والدين فوق الجميع وليس لعبة للصغار، والأوطان التي لا تحترم ثوابتها تفتح على نفسها أبواب الجحيم.